مني الثوار في منطقة البريقة في شرق ليبيا بأفدح خسارة عسكرية تلحق بهم منذ اسابيع في حربهم ضد قوات القذافي. الا انهم حققوا نصرا دبلوماسيا جديدا باعتراف دولة رابعة عشرة هي كندا بمجلسهم السياسي
مني الثوار في منطقة البريقة في شرق ليبيا بأفدح خسارة عسكرية تلحق بهم منذ اسابيع في حربهم ضد قوات العقيد معمر القذافي. الا انهم حققوا نصرا دبلوماسيا جديدا باعتراف دولة رابعة عشرة. هي كندا. بمجلسهم السياسي "ممثلا شرعيا" للشعب الليبي. وفي الوقت الذي يصر فيه العقيد القذافي على البقاء في السلطة بعد اربعة اشهر على اندلاع الثورة ضده. تتزايد التساؤلات حول ما اذا كان حلف شمال الاطلسي يمتلك الوسائل العسكرية الكافية لانجاز مهمته في ليبيا في حال طال امد النزاع. وعلى الرغم من مرور ثلاثة اشهر على بدء القوات الدولية غاراتها الجوية على ليبيا فان قوات القذافي عادت في الايام القليلة الماضية الى الهجوم مجددا ولا سيما شرق العاصمة طرابلس. وقد هز انفجاران مساء الثلاثاء وسط العاصمة الليبية طرابلس مساء الثلاثاء. وافاد شهود عيان انهم رأوا عمودا من الدخان الاسود يرتفع من مكان غير محدد قريب من وسط العاصمة.
واستعرت المعارك بين قوات القذافي والثوار. وخصوصا على خط الجبهة بين اجدابيا والبريقة. في الشرق. حيث قتل 21 من الثوار الاثنين. كما افاد احد قادة الثوار. وقال هذا القائد "تعرض رجالنا لكمين. ادعى جنود القذافي الاستسلام ووصلوا حاملين علما ابيض ثم اطلقوا النار عليهم". واصيب ايضا نحو عشرين من الثوار ونقلوا الى مستشفى اجدابيا جنوب بنغازي. معقل الثوار. في المقابل في غرب البلاد تمكن الثوار من السيطرة على بلدة الرياينة القريبة من مدينة الزنتان. بعدما دحروا قوات القذافي التي كانت تسيطر على قسم منها. وهي المرة الاولى منذ بدء الثورة الليبية في 15 آذار/مارس التي يتمكن فيها الثوار من السيطرة بالكامل على الرياينة. البلدة التي يراوح عدد سكانها بين خمسة الاف وعشرة الاف نسمة والتي كان الثوار يسيطرون على جزء منها حتى اليوم. وافادت مصادر صحافية نقلا عن اطباء في مستشفى الرياينة ان اثنين من الثوار قتلا وجرح عشرة اخرون خلال المعارك التي دارت في البلدة.
وتقع البلدة على الطريق بين مدينتي الزنتان ويفرن اللتين يسيطر عليهما الثوار. ويعتزم هؤلاء تطهير البلدات الواقعة على هذا الطريق والتي لا تزال في قبضة قوات القذافي كي يتمكنوا من ربط هاتين المدينتين الخاضعتين لهم. في المقابل واصلت قوات القذافي قصفها للرياينة بصواريخ غراد في حين كان الثوار يمشطون احياءها بحثا عن مقاتلين موالين للقذافي ربما لا يزالون متحصنين فيها. وانتقل خط الجبهة في هذه المنطقة عشرة كيلومترات شرقا الى بلدة زاوية الباقول. كما افاد سكان. وسقطت نحو عشر قذائف وصواريخ الثلاثاء على الاراضي التونسية اثناء المواجهات المتواصلة بين القوات الموالية للنظام والثوار قرب مركز الذهيبة الحدودي.
ولكن على الصعيد الدبلوماسي سجل الثوار نصرا جديدا الثلاثاء باعتراف كندا بالمجلس الوطني الانتقالي. الهيئة السياسية التي شكلوها. "ممثلا شرعيا" للشعب الليبي. ليصبح بذلك عدد الدول التي تعترف بالمجلس 14 دولة. واتى الاعتراف الكندي غداة زيارة قام بها وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي لبنغازي واعلن خلالها اعتراف بلاده بالمجلس الوطني الانتقالي "الممثل الشرعي للشعب الليبي". وقال وزير الخارجية الالماني "نأمل قيام ليبيا حرة تنعم بالسلام والديموقراطية من دون القذافي". واعلن ايضا افتتاح ممثلية دبلوماسية المانية في بنغازي. ووصفت وزارة الخارجية الليبية الخطوة الالمانية بأنها تصرف "غير مسؤول"، موضحة ان هذه "الزيارة تعد انتهاكا صارخا للسيادة الوطنية. وتدخلا في الشؤون الداخلية لدولة ذات سيادة وعضو في الامم المتحدة ومخالفة لكل القوانين والاعراف والمواثيق الدولية ذات العلاقة".
من جهتها تحاول واشنطن زيادة عزلة القذافي من خلال حرمانه دعم القارة الافريقية. وقالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في اديس ابابا "اطلب من كل الدول الافريقية ممارسة ضغوط لتطبيق وقف حقيقي لاطلاق النار ودعوة القذافي الى التنحي عن السلطة". ودعت كل بلدان القارة الى "تعليق انشطة السفارات" الموالية لنظام القذافي و"طرد الدبلوماسيين الموالين للقذافي" المعتمدين في هذه البلدان. بدورها، قطعت ليبيريا علاقاتها الدبلوماسية مع نظام معمر القذافي الذي "فقد شرعيته". كما اعلنت وزارة الخارجية الليبيرية الثلاثاء. وقالت الوزارة في بيان ان "ليبيريا قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع ليبيا واستدعت سفيرها وطاقمها الدبلوماسي" العاملين في طرابلس.
واكد العقيد القذافي الذي يتولى السلطة منذ 1969. من جديد الاحد انه لن يتنازل عن السلطة على رغم الانشقاقات في صفوف جيشه وازدياد الدعوات الدولية الى تنحيه. ولاسيما من روسيا. حليفه السابق. التي سترسل الاسبوع المقبل موفدا الى طرابلس. وفي محاولة منه لتبديد الشكوك حول قدرته على انجاز مهمته في ليبيا في حال طال امد النزاع. اكد حلف شمال الاطلسي الثلاثاء ان لديه "الوسائل الضرورية" لانجاز هذه المهمة. وقالت المتحدثة باسم الحلف الاطلسي وانا لانغيسكو في مؤتمر صحافي عقدته في بروكسل "ما زلنا نحافظ على وتيرة عمليات سريعة. من الواضح ان لدى الحلف الاطلسي الوسائل لابقاء الضغط على (الزعيم الليبي معمر) القذافي"، مضيفة "نعرف ان ذلك يستغرق وقتا". واضافت المتحدثة ان الامين العام للحلف الاطلسي اندرس فوغ راسموسن "واثق" بان الحلف سيحقق اهدافه، مؤكدة "نعلم ان ذلك يتطلب وقتا".
ويأتي هذا التصريح بعد التحذير الذي وجهه الجمعة وزير الحرب الاميركي روبرت غيتس الى الحلفاء الغربيين في الحلف الاطلسي حول النقص في امكاناتهم العسكرية والارادة السياسية. وقال ان هذه "النواقص" قد "تفسد" فاعلية المهمة في ليبيا. واعتبر قائد البحرية الملكية البريطانية الاميرال مارك ستانهوب الثلاثاء ان من الضروري اعادة البحث في الاولويات اذا ما استمرت العملية اكثر من ستة اشهر، معتبرا ان هذه الحملة كان يمكن ان تكون جزئيا اقل كلفة "و"اكثر فاعلية بكثير" لو ان بريطانيا ما زالت تستخدم حاملة طائرات عملانية.
وقال القائد الاعلى في الحلف الاطلسي الجنرال الفرنسي ستيفان ابريال. "اذا ما استمرت العمليات فترة اطول. ستصبح مسألة الامكانات في وضع دقيق جدا". وحرصا منه على تأكيد ان الضغط على قوات القذافي لم يضعف. بث الحلف الاطلسي الثلاثاء شريط فيديو عن غارة جوية على "مستودع ذخيرة كبير" في الصحراء الليبية في وسط البلاد. وقال الليفتنانت كولونيل مايك برايكن المتحدث باسم مهمة الاطلسي في ليبيا. خلال مؤتمر عبر الدائرة المغلقة في نابولي ان "الحلف الاطلسي سيواصل ضرب هذا النوع من الاهداف لمنع الامدادات عن القوات الموالية للقذافي ومنع الهجمات على المدنيين".
وفي هذا الاطار. اعلنت النروج التي ارسلت ست طائرات مقاتلة من طراز اف-16. الجمعة انها ستنهي مشاركتها العسكرية في ليبيا اعتبارا من الاول من اب/اغسطس المقبل. وتحدث رئيس هيئة اركان البحرية الفرنسية الاميرال بيار فرنسوا فوريسييه من ناحيته عن "مشكلة موارد بشرية". وقال اذا واصلت حاملة الطائرات شارل ديغول "مشاركتها في ليبيا حتى نهاية 2011. فلن تعمل مطلقا في اي عملية في 2012" خصوصا لاسباب تتعلق بالصيانة.
من جهة اخرى حذرت مجموعة خبراء فرنسيين واجانب متخصصة في قضايا الدفاع من "الخطر الاسلامي" في ليبيا. وذلك في تقرير نشر في ختام مهمة لدى طرفي النزاع في ليبيا. وقالت المجموعة ان "الديموقراطيين الحقيقيين ليسوا سوى اقلية" في المجلس الوطني الانتقالي الذي يضم الثوار و"عليهم التعايش مع مقربين سابقين من القذافي وانصار الملكية ومؤيدي الدولة الاسلامية".
وذكرت المجموعة التي يقودها مدير المركز الفرنسي للابحاث الاستخباراتية اريك دونيسيه والمدير السابق لمكافحة التجسس الفرنسي ايف بونيه انها زارت طرابلس ثم الثوار في شرق البلاد من 31 اذار/مارس الى 25 نيسان/ابريل. واكدت ان "ليبيا هي الدولة الوحيدة في +الربيع العربي+ التي يتنامى فيها التهديد الاسلامي. والمنطقة الشمالية الشرقية في ليبيا هي المنطقة في العالم العربي التي ارسلت العدد الاكبر من الجهاديين لمحاربة الاميركيين في العراق". وذكر الخبراء بانه "بعد سقوط نظام القذافي في بنغازي تم نهب الترسانات" والاستخبارات الاجنبية "قلقة جدا بشان مستقبل الاسلحة التي نهبها الثوار في الترسانات الليبية. وخصوصا صواريخ ارض-جو المحمولة من طراز سام-7". واضاف الخبراء ان "اعضاء في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي قد يكونون حصلوا على بعض من هذه المعدات من ايدي مهربين ليبيين".