يستمر خطر التطرف والإرهاب العابر للحدود يؤرق دول العالم بلا استثناء، ولبنان الذي خاض أكثر من تجربة في مواجهته والتي كان أبرزها في الضنية ونهر البارد، يقع اليوم أمام تحدّ كبير ناجم عن الأحداث المحيطة
هل يتكرر النموذج المصري في تونس؟داود رمال
يستمر خطر التطرف والإرهاب العابر للحدود يؤرق دول العالم بلا استثناء، ولبنان الذي خاض أكثر من تجربة في مواجهته والتي كان أبرزها في الضنية ونهر البارد، يقع اليوم أمام تحدّ كبير ناجم عن الأحداث المحيطة وأبرزها الأزمة السورية، والتي تجمع في ساحتها مسلحون ومجموعات متعددة الجنسيات وتحمل أفكارا وتوجهات خطيرة.
وبما ان كل دولة معرضة لخطر الإرهاب والتطرف، فإن تقريرا ديبلوماسيا، يتناول أوضاع العالم العربي انطلاقا من مسار الوضع المصري، ينبّه الى «وجوب ان يتحصّن لبنان بوحدة أبنائه وقياداته في مواجهة هذا الخطر الداهم. واذا كانت الملفات الداخلية الاخرى محل خلاف واختلاف، فإن هذا الملف الحساس جدا ينبغي أن يدفع في اتجاه أن تذوب كل الخلافات في التصدي له، مع التحذير من وجوب أن يكون هذا الهم حاضرا دائما في الاهتمامات الرسمية والشعبية، خصوصا في ظل ذهاب الأزمة السورية الى خيارات محددة كلها تؤشر الى الحل السياسي السلمي، والخشية من تسرب مجموعات متطرفة كانت تقاتل على الأرض السورية الى لبنان».
وفي معرض عرضه للوضع العربي، يتوقف التقرير مليّا عند الوضع في تونس ويقول ان «ما شهدته مصر من أحداث لجهة عزل محمد مرسي، أول رئيس من الإخوان المسلمين، من قبل المجلس العسكري المصري، فإن تونس مقبلة لا محالة على أمر شبيه له، لأن النار تستعر تحت الرماد التونسية نتيجة التخبط والارتجال في طريقة إدارة الحكم، ناهيك عن التسيب الأمني وعمليات الاغتيال، اذ ان قيادة أركان الجيش التونسي وجّهت إنذارا الى الرئيس التونسي المنصف المرزوقي ولزعيم حركة النهضة الاسلامية راشد الغنوشي اللذين يديران السلطة والى القوى السياسية، بضرورة عقد مؤتمر حوار وطني ومصالحة شاملة والاتفاق على إجراء انتخابات رئاسية ونيابية مبكرة، وإلا فإن الجيش التونسي سيجد نفسه مضطرا لرسم خريطة طريق سياسية جديدة لمستقبل الحكم في تونس».
ويوضح التقرير «ان هذا الإنذار بقي طي الكتمان ولم يخرج الى العلن وأبلغ به أركان الدولة وقيادات الأحزاب سرا، وهذا ما دفع مسؤولي الاحزاب منذ أيام عديدة الى التداول بمستقبل الوضع في تونس ومنحوا أنفسهم شهرا للوصول الى خلاصات حلول قابلة للتنفيذ وتخرج البلاد من الدوران في حلقة من التوتر الدائم».
غير ان التقرير يشير بوضوح الى ان «الوضع في تونس على المستوى السياسي، كما الأمني، لن يسفر عن نتيجة إيجابية، وهو يتجه الى ان يحسم الجيش الخيار لمصلحة نظام ديموقراطي يرضي طموحات الشعب التونسي، على غرار ما حصل في مصر. واللافت في هذا المجال، أن الجيش التونسي أعلن الاستنفار العام في صفوفه بصمت، وأرسل تعزيزات وحشداً عسكرياً عند الحدود مع ليبيا بعد تلقي المخابرات التونسية معلومات مؤكدة عن حشد المتطرف الليبي عبد الحكيم بلحاج بين ثلاثة الى خمسة آلاف مقاتل تونسي في معسكرات محاذية للحدود مع تونس، ويستعد للدخول الى تونس للقيام بعمليات إرهابية، ومن المعسكرات ذاتها يقوم بإرسال مقاتلين تونسيين متطرفين للقتال في سوريا».
ويلفت التقرير الى ان «أول صدام مسلح مع هذه المجموعات تمثّل في حادثين، أحدهما ذبح اثني عشر عسكريا تونسيا على الحدود التونسية الليبية، والآخر ذهاب مجموعات الى الجزائر والسيطرة على حقل الغاز في عين اميناس جنوب الجزائر واحتجاز رهائن، والأكثر خطورة ان بلحاج يحضّر هذه المجموعات للدخول الى تونس بهدف السيطرة على أجزاء واسعة وإقامة إمارات إسلامية تابعة لها داخل المناطق التونسية لأنه يعتبر نفسه أمير المغرب العربي».
ويشدد التقرير على ان «إنذار الجيش للأفرقاء التونسيين في السلطة والمعارضة هو قرار مدعوم أميركيا وأوروبيا، والذي يعزز هذا الدعم الخشية الأوروبية المتعاظمة من ارتداد المجموعات الارهابية باتجاه الداخل الاوروبي، خصوصا أن تونس هي خط دفاع أخير في مواجهة هذا الخطر الداهم».
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه