مزيد من التقدم حققه الجيش السوري بملاحقة المجموعات المسلحة في غوطة دمشق ، بعد إحكامه السيطرة على بلدة حتيتة التركمان الاستراتيجية القريبة في طريق مطار دمشق الدولي…فما هي أهمية البلدة ؟
حسين ملاح
مزيد من التقدم حققته وحدات الجيش السوري في ملاحقة المجموعات المسلحة في غوطة دمشق ، بعد إحكامها السيطرة على بلدة حتيتة التركمان الاستراتيجية القريبة في طريق مطار دمشق الدولي…فما هي أهمية البلدة ؟ وماذا تعني عملية السيطرة عليها؟
منتصف شهر يلول / سبتمبر الماضي استعاد الجيش السوري بلدة شبعا الاستراتيجية الواقعة في ريف دمشق ، في مهمة هدفت الى تأمين طريق المطار بالكامل ، ولم يكتفِ الجيش بذلك بل واصل تحضيراته وعملياته مستهدفاً ابعاد المسلحين من المناطق التي يمكن ان ينطلقوا مها لتهديد الطريق او البلدات التي دخلها الجيش.
حتيتة التركمان …الموقع والاهمية
تقع بلدة حتيتة التركمان في ناحية المليحة التابعة لمحافظة ريف دمشق ويُناهز عدد سكانها الثلاثة آلاف فروا بمعظمهم منها بعد دخول الجماعات المسلحة اليها.
طبعا البلدة صغيرة من حيث الحجم ، لكنها ذات اهمية استراتيجية من حيث الموقع الجغرافي كونها تشكل بوابة الغوطتين الشرقية والغربية.
الهدف من السيطرة على حتيتة التركمان
حتيتة التركمان التي تقع في الغوطة الشرقية بمعزل عن كونها تشكل تهديدا خلفيا لطريق مطار دمشق الدولي من قبل المسلحين ، تضم أيضاً قاعدة لجبهة النصرة وغيرها من الجماعات المسلحة ، التي اقامت فيها سلسلة من الانفاق والتحصينات القوية جداً ، ناهيك عن ترسانة من الاسلحة ، من هنا شرع الجيش في عملياته لاستعادة البلدة ، وهو بذلك سعى الى تحقيق جملة من الاهداف:
اولاً: الحد من تحركات المسلحين قرب طريق المطار
ثانياً: قطع طرق التواصل بين المسلحين في الغوطتين
ثالثاً: تضييق الخناق أكثر على المسلحين في المناطق القريبة من حتيتة التركمان كدير العصافير
رابعاً: منع حرية تهريب السلاح الى المناطق التي لا يزال يتواجد فيها المسلحون في الغوطة الشرقية
انعكاس معركة حتيتة التركمان على المناطق المجاورة
طبعاً عند حديثنا عن انجاز ما للجيش السوري في احدى المناطق وتحديداً قرب العاصمة أو ريفها، لا نعني أنَّ المسلحين أصبحوا معزولين تماماً عن التأثير ، بل نعني استهداف نقاط كانوا يعتبرونها ويتخذونها نقطة أو قاعدة لاستهداف مواقع الجيش أو المراكز الحيوية ، وهو ما حصل تماماً في حتيتة التركمان. فمقارنة بسيطة بين الحاضر والماضي غير البعيد ، وبالاخص قبل نحو عام كانت الجماعات المسلحة تمتلك القدرة على استهداف مباشر لطريق مطار دمشق والتأثير سلباً على حرية الحركة منه واليه ، كما كانت تلك الجماعات المسلحة تتباهى عبر وسائل الاعلام في الحديث عن امكانية قطع طريق المطار او ضرب الوحدات العسكرية ، أما اليوم نرى أنَّ هذا الواقع أضحى معاكسا ، ويؤكد المحلل الاستراتيجي حسن حسن لموقع المنار أن "عمليات الجيش القائمة على قضم المساحات الجغرافية واحدة تلو الاخرى تهدف الى تحقيق تقدم نوعي عبر ابتكار اساليب قتالية تتلاءم مع حرب الشوارع ومجابهة الانفاق والتقليل من حجم الخسائر في صفوف العسكريين" ، وهو ما تجسد في معركة حتيتة التركمان التي خرج منها الجيش بأقل الخسائر الممكنة مقابل ايقاع اعداد كبيرة من القتلى والجرحى في صفوف الجماعات المسلحة ، فضلا عن الحفاظ على حياة المدنيين.
أضف الى ذلك هناك معطى لا يقل أهمية عما تقدم ، وهو دفع المسلحين الى التراجع أكثر وأكثر أمام تقدم الوحدات العسكرية ، فللتذكير ان بلدة شبعا كانت قاعدة استراتيجية لهؤلاء المسلحين، وكانوا يستهدفون طريق المطار بسهولة عبر عمليات النقص المستمرة وبعد ابعادهم والسيطرة على البلدة ، فروا الى حتيتة التركمان ودير العصافير وغيرها ، ما يعني انه في كل معركة يخسرون ارضا وتاثيرا جديدا ، كما حصل قبل اشهر في حران العواميد والعتيبة وعدرا ، وقبل ايام في الذيابية والحسينية في منطقة السيدة زينب عليها السلام ، تزامنا مع تقدم مماثل للجيش في الغوطة الغربية وبالاخص في المعضمية اهم معاقل المسلحين هناك.
من هنا يدرك المسلحون والجهات الخارجية الراعية لهم أهمية التغيرات الميدانية هذه وباتوا يخشون من احكام الوحدات العسكرية حصارها لمعاقلهم الكبيرة في الغوطة الشرقية كدوما وحرستا ، حيث بدأت الاصوات ترتفع من وقوع هذا الامر ، كما نقلت وكالة رويترز في الايام الاخيرة عن ما وصفتهم "نشطاء في المعارضة السورية" الذين يروجون لحصار انساني متناسين تكديس السلاح والمسلحين في تلك المناطق ، ولعل استماتة المجموعات المسلحة في السيطرة على حاجز معمل تاميكو القريب من المليحة خطوة استباقية لتدارك الاسوء من الايام فضلا عن جعل الحاجز مركز تهديد لمدينة جرمانا ذات الثقل الشعبي والعسكري للجيش السوري ، وتعليقا على ذلك يرى الخبير الاستراتيجي والعميد المتقاعد في الجيش اللبناني الياس حنا في حديث لموقع المنار انه من الطبيعي ان يسعى الجيش السوري الى منع المسلحين من تهديد المرافق الحيوية وقواعده العسكرية في العاصمة وريفها مشيرا الى ان مسألة "اسقاط النظام" بالقوة باتت وراءنا.
المعطيات الواردة من أرض المعركة تشير الى أن الوحدات العسكرية عازمة على استكمال ما بدأته من تأكيد تأمين المرافق الحيوية في العاصمة بمقدمتها طريق المطار ، حيث ترى مصادر مواكبة ان دير العصافير ستكون المعركة المقبلة للجيش السوري ضد المسلحين ، والايام المقبلة ستساهم بتوضيح الصورة الميدانية أكثر فأكثر…