البحث اتسم بالموضوعية والإعتماد على أُمّات المصادر في العلوم الدينية وغيرها من العلوم السياسية والقانونية والإجتماعية، اعتمد فيها الباحث في هذه الدراسة أسلوباً علمياً واضحاً
في بادرة نادرة ، دخل الباحث العراقي الدكتور عباس جعفر الامامي أروقة المرجعية الدينية في العراق مسلطاً الضوء على زوايا غير ظاهرة للعيان، فتراكمت لديه مجموعة وثائق أودعها في كتابه الصادر حديثا في لندن والمعنون :(الرقابة العامة للمرجعية الدينية في العراق الحديث .. بحث مقارن)، ليكون الكتاب الجديد الذي هو حصيلة جهد علمي مرموق نال به الشهادة العليا (الدكتوراه) من الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية (لندن) مكملاً لكتابه السابق المعنون (الدور السياسي للمرجعية الدينية في العراق الحديث) الذي صدر في بيروت عام 2011م عن بيت العلم للنابهين، الذي كان هو الآخر حصيلة جهده العلمي للدراسات العالية (الماجستير) من الجامعة نفسها.
والموضوع الذي استفرغ فيه الدكتور الإمامي جهده المعرفي والعلمي، يُعتبر من الموضوعات الحساسة التي قلّما يطرق أبوابها الباحثون، لكن الإمامي الذي كان حظه من المعرفة الجمع بين الدراستين الجامعية والحوزوية، تمكنّ من طرق هذا الباب وبجدارة لاسيما وأنه من أبناء الحوزة العلمية وخرّيجها، فجاءت الدراسة عميقة مستوعبة تضع النقاط على الحروف تظهر للقارئ حدود الرقابة العامة للمرجعية الدينية في العراق الحديث، وبخاصة وأن المرجعية الدينية كان لها الدور الكبير والأساس في ترتيب أوراق البيت العراقي وتنظيم شؤونه بعد سقوط النظام السابق عام 2003م، والتعجيل في إخراج القوات الأجنبية، بما فيه صالح الشعب العراقي بكل أطيافه ومكوناته الدينية والمذهبية والقومية.
المؤلف الجديد الذي خرج في 505 صفحات من القطع الوزيري عن مطابع (أم بي جي العالمية) في لندن مطلع شهر اكتوبر تشرين الأول 2013م، ضمّ فصلاً تمهيدياً وثلاثة أبواب من سبعة فصول وخمسة عشر مبحثاً، صدّره بمقدمة لنائب رئيس الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية الفقيه آية الله الدكتور السيد فاضل بن عباس الحسيني الميلاني، وكلمة لأستاذ القانون العام في الجامعة العالمية الدكتور عبد الحسن بن هادي السعدي، حيث وجد الدكتور الميلاني: (إن الجهد الذي بذله أخونا الباحث الدكتور عباس جعفر الإمامي في استجلاء الرقابة العامة للمرجعية الدينية في العراق الحديث على مرافق الحياة في ما يضمن حقوق الشعب، وحسن أداء الحوزات العلمية، وإشعار المسؤولين بالمسؤوليات الجسام الملقاة على عواتقهم، يستحق كل ثناء وتقدير.
وقد واكبت البحث الذي تقدّم به لنيل درجة الدكتوراه من الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية في لندن منذ بدايته وحتى اكتمل بصورته الراهنة كما يراها القارئ الكريم، فلله درّه وعلى الباري عزّ وجل أجره)، فيما رأى الدكتور السعدي: (إنّ البحث اتسم بالموضوعية والإعتماد على أُمّات المصادر في العلوم الدينية وغيرها من العلوم السياسية والقانونية والإجتماعية، اعتمد فيها الباحث في هذه الدراسة أسلوباً علمياً واضحاً يعرض الأفكار عرضاً مركّزاً ميسور الفهم).
ومن العناوين الرئيسة بين دفتي الكتاب: موقع المرجعية الدينية في حياة الأمة وطريقة اختيار المرجع، القيمة الحضارية للمرجعية الدينية، تطور الفكر السياسي للمرجعية الدينية، مفهوم الرقابة وأسس شرعيتها، إلزامية رقابة المرجعية وآثارها، ورقابة المرجعية في المجال الفكري والسياسي والأمني، وغيرها من الموضوعات المهمة.
ولا يخفى أن مؤلف الكتاب وهو من مواليد مدينة كركوك عام 1957م، قد درس لأكثر من ثلاثة عشر عاماً في حوزة النجف الأشرف وفي غيرها من الحوزات خارج العراق ولم ينقطع عن أجواء الدراسة الحوزوية وهو في لندن، وكل هذه الحصيلة العلمية الى جانب الدراسة الجامعية في كلية الشريعة والدراسات العليا ساعدته كثيراً في ولوج هذه الباب والخروج بهذه الحصيلة المعرفية العلمية والعملية ليكون هذا الكتاب (الدكتوراه) والذي سبقه (الماجستير) مرجعين مهمين لبيان حقيقة المرجعية الدينية في العراق وغيره ودورها الأساس في حياة الأمة الإسلامية وعلى الصعيد الدولي.
د. نضير الخزرجي / الرأي الآخر للدراسات- لندن