يشعر زائر دمشق في هذه الأيام حجم الإرتياح البادي على وجوه مسوؤليها , والثقة التي يتحدث بها المعنيون بالوضع الميداني ومراحل تنفيذ الخطة العسكرية.
علي يوسف حجازي *
يشعر زائر دمشق في هذه الأيام حجم الإرتياح البادي على وجوه مسوؤليها , والثقة التي يتحدث بها المعنيون بالوضع الميداني ومراحل تنفيذ الخطة العسكرية. مرتاحون كلمة يختصر بها مسوؤل أمني رفيع حقيقة الوضع على الأرض، "نحن في طريقنا الى حلب وسندخل المدينة قريباً بعد فك الحصار عن مواقع محددة نفضل عدم الكشف عنها الأن".
وماذا عن درعا؟ يجيب المسؤول نفسه "نحن نراقب جيداً ماذا يجري هناك ولدينا مجموعات تقاتل وتنفذ عمليات دقيقة ونفهم لما يخطط عدونا عبر الحدود الأردنية"،و لكن حلمهم سيبقى تخطي أسوار العاصمة، "فنحن نجحنا في صد الهجوم على دمشق الذي إنطلق من خاصرتها الرخوة أي المحور الذي يشمل داريا و برزة و القابون و جوبر و الميدان و حتى مخيم اليرموك فهل سنسمح لهم بالدخول إليها من بوابة درعا؟
وبالنسبة للوضع في ريف دمشق فيصفه المسؤول الامني بأنه هو "الأفضل بعد النجاحات التي حققها الجيش العربي السوري خلال الأسابيع القليلة الماضية ونحن نمضي واثقين الخطى نحو لحظة إعلان كامل ريف دمشق الجنوبي تحت سيطرة قواتنا المسلحة ونستعد لإطلاق عملية عسكرية واسعة لتحرير منطقة القلمون. ولما تسأل عن التهديدات السعودية المرتبطة بحصول هذه العملية، يأتي الجواب سريعاً بأنه "قريباً ستبدأ العملية في القلمون" (مع إبتسامة توحي لك بأنه لا مكان للتهديدات السعودية في حسابات سوريا لا سيما العسكرية).
فتح الحديث عن معركة القلمون بوابة للحديث عن لبنان ليحل حزب الله كضيف يبدو أن القادة السورييين يستمتعون بالحديث عن دوره وعن الوفاء الذي أبداه خلال هذه الحرب التي يواجهها النظام، ويتطور الحديث ليصبح السيد حسن نصرالله بحسب وصف المسؤول "الأخ الأكبر" مبدياً إعجابه بنوعية مقاتليه لتكون حاصلة ما تستنتجه أن سوريا اليوم ترى بحزب الله الحليف "الأساسي والإستراتيجي". حزب الله فقط؟ يأتي الجواب وفيه مسحة عتب "فليس الوقت وقت الغوص بالتفاصيل طالما أنهم في خطنا السياسي" وقد تلمس من الكلام الذي تسمعه وكأن هناك عتب على بعض الحلفاء يفضل السوريين تأجيل الغوص به لطالما أنهم في خطنا السياسي ولكن لا يبدو هذا كافياً.
وعن خصوم سوريا في السياسة وتحديداً النائب وليد جنبلاط يقول المسؤول الأمني أن "الرجل يبحث عمن يعيد ترتيب علاقته معنا وهو أرسل أكثر من إشارة ومرسال، وقد نصل الى يوم نستوعبه بالرغم من عدم حاجتنا إليه، لطالما أنه ما عاد يمثل أي قيمة مضافة بعدما لفظه أهل السويداء". ولكن يبدو أن الرجل سيستفيد من حاجة السوريين لإخضاع من خاصموها وتلقينهم درساً في فن العودة الى دمشق وما ينطبق على جنبلاط لا ينطبق على حركة حماس أقله لحد الأن وبحسب المصدر نفسه "ما قامت به حماس من تراجعات في خطابها السياسي لا يبدو كافياً لقبول القيادة السورية فتح ملف عودتها لأنها جزء من حركات إسلام سياسي دموي مطلوب معالجته كحالة خطيرة على مستقبل الأمة ككل.
ومن هنا يأتيك الثناء السوري على "أداء من يتولون زمام الأمر في مصر لا سيما اللواء عبد الفتاح السيسي" الذي يبدو محل إعجاب سوري واضح وجلي. وفيما يبدي السوريون إعجابهم "بحنكة القيادة الإيرانية وتحديداً الإمام الخامنئي الذي لم يأتي تزكيته للشيخ حسن روحاني إلا من باب العارف بأهمية هذا الإختيار في هذه المرحلة تحديداً". أما روسيا فيكفي وصف بوتين بـ"القيصر والإمبراطور" لتفهم أين هي العلاقة.
خلاصة القول إن ما حقق في الميدان يدفع بالقادة السوريين للتحدث من موقع القوي فالمرحلة عسكرياً وسياسياً تصب في خانة النظام إيجاباً ولكن الميزان الذي سيستخدم في المرحلة المقبلة ميزان دقيق يعطي لكل طرف حجمه فزمن الجمعية الخيرية ومد حبل الخلاص المجاني إنتهى لا سيما أن الصراع أكبر مما تخيله كثيرون و ما سيفضي إليه من نتائج سيعيد صياغة الخارطة الدولية و الإقليمية. وهذا ما يخيف الخليجيين تحديداً لا سيما أنهم يدركون أن سوريا ستصبح في موقع الزمالة لهم بعدما أكتشف في أرضها ثروة طبيعية سيذهل العالم حينما يعرف حجم كميتها، و بالتالي فإن المحاولات الجارية لعرقلة إنعقاد مؤتمر جنيف 2 لن تخدم إلا القيادة السورية لأن أي تأخير في موعد إنعقاد المؤتمر سيفضي حتماً الى نجاح الجيش العربي السوري في تحقيق تقدم أوسع على الأرض مما يجعله يحجز لنفسه موقعاً أفضل على طاولة المفاوضات ،التي ستفرضها الإنجازات العسكرية إذا ما إستمر التعنت لا سيما السعودي الساعي الى تأجيل المؤتمر . ليبقى السؤال الأبرز إذا ما كان المؤتمر سينتظر نجاح بندر بن سلطان في تحقيق أي إنجاز عسكري يراه السوريين أنه سيبقى أضغاث أحلام و الأيام بيننا هكذا يقولون في العاصمة السورية دمشق.
* محلل سياسي لبناني
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه