ينشأ في عائلة متديّنة، بل في بيئة علمانيّة بامتياز. بعض أفراد عائلته ينتسبون إلى الحزب الشيوعي. أما المرحلة الثانية فهي انتقالية، حيث بدأ بالتحوّل إلى شاب في مقدمات الجهاد».
ما زالت القناة اللبنانية تتريّث قبل إطلاق برمجتها الخريفية، مكتفيةً ببرنامج واحد هو «صحتك نعمة». بعد فيلمين عن عمّار حمود وأحمد قصير، ها هي تستكمل سلسلتها «سَرية العشق» التي توثّق أبطال المقاومة، وتستعدّ لعرض حلقة جديدة عن الشهيد الذي نفّذ عملية نوعية في الجنوب العام 1988.
باسم الحكيم / جريدة الأخبار
خلافاً للشاشات اللبنانيّة التي أطلقت برمجتها لموسم الخريف، تؤجّل قناة «المنار» إطلاق أكثر من برنامج في انتظار اتخاذ إدارة البرامج القرار النهائي بشأنها. هكذا، اكتفت المحطة بتقديم برنامج واحد بدأت عرضه منذ شهر هو «صحتك نعمة» (الجمعة 20:30) الذي تعدّه وتقدّمه الصيدليتان آمنة البزال، وبشرى سعد، والطبيب يوسف حمدان، ويخرجه عبد فرحات (إنتاج «إبداع بروداكشن»). في هذا الوقت، تستكمل المحطة توثيق سيرة شهداء المقاومة الإسلاميّة ضمن سلسلة «سَرية العشق» من إعداد ندى بنجك، وإخراج حسن عبد الله، عبر تقديم حلقة «طائر العرفان» عن الشهيد هيثم دبوق (1969ــ 1988).
بعد عرض فيلمين عن الشهيدين عمّار حمّود وأحمد قصير، تستعدّ القناة لعرض شريط «طائر العرفان» الذي يقتفي سيرة شاب من بلدة صور الجنوبيّة، تطوّع في المقاومة في سنّ الـ 16، ونفّذ عملية استشهادية في منطقة تل النحاس على طريق الخردلي في 19 آب (أغسطس) 1988. إنّه ثالث حلقات السلسلة المكوّنة من 12 شريطاً التي تجمع بين الدراما والوثائقي، والهدف على حدّ تعبير مخرجها حسن عبد الله لـ«الأخبار» جمع الأرشيف المصوّر للشهداء منذ نشأتهم، وتوثيقها في أفلام تشكّل مرجعاً عنهم. كما تستعدّ قناة المقاومة لعرض حلقة أخرى عن الشهيد عامر كلاكش (أبو زينب)، تتبعها حلقات عن علي صفي الدين، وعبدالله عطوي، وأسعد برو، وابراهيم ضاهر، وصلاح غندور، وعلي أشمر، وبلال الأخرس وعباس الوزواز. يشرح عبد الله أنّ «شريط «طائر العرفان» يتوزّع بين تحقيقات ومقابلات مع أهل، وأصدقاء، وقادة على معرفة وثيقة بالشهيد هيثم دبوق، إضافة إلى شقّ آخر درامي عن حياته الشخصية والعسكريّة».
ويلفت صاحب فيلم «طيف اللقاء» إلى أنّ العمل يمرّ على تفاصيل حياة دبوق الشخصيّة، ومنها تعلّقه بالموسيقى. وهنا يتكلم مسؤول الكشافة عن هذا الأمر، ومنه ننطلق أكثر إلى الجانب الإنساني في شخصية دبوق. يتركّز الجهد في الفيلم على جمع المعلومات، «محاولاً الإحاطة بحياته من خلال الشهادات التي وصل عددها إلى نحو 20 مقابلة لإيفاء الموضوع حقه من الجوانب كافة». ويوضح أنّ تصوير الدراما (مدتها نصف ساعة) استغرق أكثر من 10 أيّام في مليتا، والخردلي، وصور، وقبريخا في الجنوب اللبناني، وتوزّعت بطولتها بين طلال الجردي، وسعيد سرحان، وعصام وهبي، وعلي نور الدين (مقدم البرامج في «المنار») الذي جسّد شخصيّة دبوق. ويشدّد عبد الله على أنها «لفتة حلوة أن تضم السلسلة نجوم الصف الأول في الدراما أمثال يوسف حداد، وطلال الجردي، وبهذا يكونون جزءاً من الحكاية».
من جهتها، تشير معدّة السلسلة ندى بنجك إلى أن كتابة السيناريو احتاجت إلى شهر، «فقد جمعت عن دبوق أرشيفاً كاملاً خلال عملي في «إذاعة النور»، ثم التقيت بوالده الحاج صبحي وأخيه منجي، بالإضافة إلى أقارب استكملنا معهم المادة الأساسيّة». وتلفت إلى أن «ملفّ هيثم يعتمد على البُعد الديني. لذا ستظهر في الشريط شخصيّة دينية إيرانيّة ستتكلّم عن البُعد النوراني، إضافة إلى الشيخ محمد الغروي من صور. كما سيضيء خاله أبو وائل على إبداعه في العزف الموسيقي أيام الكشافة ونبوغه العلمي».
يجول الفيلم على تربية الشهيد في فترة الطفولة ضمن عائلته، وتلفت بنجك إلى أنه «لم ينشأ في عائلة متديّنة، بل في بيئة علمانيّة بامتياز. بعض أفراد عائلته ينتسبون إلى الحزب الشيوعي. أما المرحلة الثانية فهي انتقالية، حيث بدأ بالتحوّل إلى شاب في مقدمات الجهاد». التحق دبوق بعمل المقاومة عام 1986، أيّ قبل عامين من استشهاده، وكان يُطالب بتنفيذ عمليّة استشهاديّة منذ اللحظات الأولى لانتسابه، وخضع لاختبار ليتمكن من تنفيذها على محور بنت جبيل. وتضيف بنجك أنّه «خلال تنفيذ العمليّة، لم يكن الوضع مستقراً، إذ كان هناك تشدّد أمني من الجانب الإسرائيلي، واخترق هيثم دبوق الحواجز ونفّذ عملية أحدثت هزة في أوساط الكيان الإسرائيلي».
وفي ظلّ غياب أيّ وثائق، ومواد أرشيفيّة عن الشهيد، استنجدت بنجك بمادة أرشيفيّة وضعها شقيقه منجي «والتقيت بالكوادر التي دربته، وتابعت كيفية تجهيزه ومواكبته حتى لحظة التنفيذ». تلفت بنجك إلى أنها المرة الأولى التي يتم مناقشة الموضوع بشكل جريء، وكيف قرّر الشاب ترك مظاهر الترف ليلتحق بالمقاومة.
ورغم وجود أكثر من مشروع تعمل بنجك على تنفيذه، إلا أن الانتهاء من تنفيذ سلسلة «سرية العشق» المؤلفة من 12 فيلماً سيجعلها منشغلة حتى نهاية العام المقبل، قبل أن تتفرّغ لأعمال أخرى. علماً بأن هناك مشروعاً مع المخرج مهدي قانصو، لتنفيذ سلسلة أفلام أولها فيلم عن شيخ المقاومين أحمد يحيى الذي استشهد لحظة التحرير، وهو ملقب بـ «أبو ذر» (نسبة إلى أبو ذر الغفاري)، ودخل المحاور بعمامته.
وقد صوّر الجزء الأكبر من العمل، وهو حاليّاً في مرحلة المونتاج. لكن لم يصدر القرار من إدارة المحطة لاستكمال تنفيذه ثم عرضه على «المنار» حتى الآن. وبعيداً عن المشاريع الوثائقيّة، ينتظر المخرج حسن عبد الله عرض فيلمه «نقطة فداء» (كتابة عدي الموسوي) على «المنار» خلال الأسابيع المقبلة، بعدما حالت الظروف دون عرضه سينمائياً.