كشفت مصادر أمنية واسعة الاطلاع لـ«السفير»، أمس، عن معلومات موثقة تثبت وجود سجناء في «رومية» ينتمون إلى «جبهة النصرة» يقومون بالإشراف على عمليات إرهابية عسكرية وتحضيرها
العرب كشف معلومات «خطرة».. فقُتل بفتوىجعفر العطار
كشفت مصادر أمنية واسعة الاطلاع لـ«السفير»، أمس، عن معلومات موثقة تثبت وجود سجناء في «رومية» ينتمون إلى «جبهة النصرة» يقومون بالإشراف على عمليات إرهابية عسكرية وتحضيرها، وتجنيد أصوليين وتهريب أسلحة بين لبنان وسوريا، عبر اتصالاتهم الهاتفية بشبكات أصولية مرتبطة بـ«القاعدة»، واستخدامهم مواقع الكترونية «خاصة»، من داخل السجن. وأكدت المصادر وجود «أدلّة تظهر بوضوح أن لدى الأصوليين في السجن كميات من المتفجرات، يريدون الاستفادة منها للهروب».
وعلمت «السفير» أن السجين محمد العرب (مواليد 1969، اسمه ليس نور العرب كما تردد)، قُتل على يد الأصوليين في المبنى «ب» ولم «ينتحر كما تردد بسبب تراكم ديونه المالية، بل قتلوه شنقاً فجر الأحد الماضي».
وأوضحت مصادر أمنية مطلعة أن «العرب كشف لضبّاط معنيين، عن معلومة خطيرة كلّفته حياته»: عرف أن أصوليين يشرفون، من داخل السجن، على عملية تهريب سلاح بين عكار وبيروت ينظمها السجين بلال إ.، فنقلها بسرعة إلى الأمن ثم كُشف أمره وصدرت بحقه فتوى تبيح قتله».
وتشير المعلومات الأمنية إلى أن جهازاً أمنياً معنياً أوقف المتورّطين بعملية تهريب السلاح المذكورة خارج السجن، في أيلول الماضي، وتم التحقيق معهم، ثم عرف المنتمون إلى «جبهة النصرة» في السجن أن مسرّب المعلومة هو سجين في المبنى «ب»، وتم تحديد اسمه: محمد العرب.
استفاد الأصوليون في السجن من الثغرات والأخطاء التقنية، التي ارتكبوها عندما قتلوا السجين غسان قندقلي في كانون الثاني الماضي. حينها، شنقوا القندقلي بعدما سرّب للأمن معلومة تفيد بتحضيرهم عملية فرار كبيرة من داخل السجن، وتمكنوا من إظهار مقتله شنقاً على أنه انتحار، لكن القضاء ادّعى لاحقاً على المتورطين في القتل بعد توافر أدلّة أكدت هوية مرتكبي الجريمة.
وتكمن أبرز الثغرات التي تمكن القاتلون من ردمها، في عدم لجوئهم إلى ترك أي آثار ضرب وتعذيب على جسد العرب، بينما القندقلي بدا واضحاً - في التقرير الثاني للطبيب الشرعي - أنه تعرّض لضرب مبرّح قبل شنقه، علماً أن التقرير الأول نفى وجود آثار تعذيب بسبب خوف الطبيب من الأصوليين.
إلى ذلك، تمكن قاتلو العرب من ترهيب السجناء وتخويفهم من الإدلاء بأي شهادة قد تُعتبر دليلاً ضدهم، خلافاً لما حدث بعد مقتل القندقلي، إذ تشجع آنذاك بعض السجناء غير الإسلاميين على الإدلاء بإفادات ساعدت التحقيقات. لكن حتى الساعة، لم يتقدم أي سجين بمعلومة واحدة من شأنها إدانة قاتلي العرب.
وبينما ينفي الأصوليون المتهمون بقتل العرب علاقتهم بموته، ويتابع القضاء تحقيقاته من دون وجود «أدلة قاطعة» حتى الساعة، إلا أن إفادات مصادر من أجهزة أمنية متباينة، تتقاطع في «ضرورة وضع حدّ لظاهرة هؤلاء الذين يقتلون مَن في السجن وخارجه، ويتحدّون الدولة من خلال التخطيط لعمليات إرهابية وتجنيد من داخل زنزاناتهم».
وحصلت «السفير» على وثيقة أمنية تؤكد أن المبنى الذي يضم الأصوليين تحوّل إلى «بؤرة للفساد وتصدير أوامر الإرهاب، وملجأ لشبكات تهريب الأسلحة». وتؤكد الوثيقة أن «القوى الأمنية جاهزة للحسم مهما كلّف الأمر، لكنها تحتاج إلى موافقة الرؤساء الثلاثة والسلطات السياسية المعنية، التي طالبناها مراراً وتكراراً لكننا لم نحصل على جواب واضح حتى الآن».
وتشير معلومات رسمية إلى أن المبنى «ب» يضمّ 174 سجيناً أصولياً، تقدم نصفهم بمبايعة أمير «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني، داخل السجن، اثر اندلاع المعارك في سوريا.
يبلغ عدد البارزين من هؤلاء الـ174 نحو 36 سجيناً، أخطرهم ينتمون إلى جنسيات عربية، وحاولوا الهروب من السجن أخيراً، بينما يُعتبر اللبناني «أبو الوليد»، وفق مصادر أمنية، مجرّد «واجهة، وهو معروف بولعه بالظهور إعلامياً. لكن الأساسي بينهم، والذي ينسق بصورة مباشرة مع تنظيم القاعدة، هو أبو تراب اليمني».
وسط ذلك، لم تعد «إمارة الأصوليين» في «رومية» تحتمل تبريرات السياسيين، الذين يبدو أنهم يتناسون الاتهامات الأساسية التي قادت هؤلاء السجناء إلى زنزاناتهم: قاتلوا الجيش وحاربوه. وبعدما زُجوا في السجن، لم يجدوا رادعاً لتنفيذ خططهم التكفيرية، بينما المعنيون من السياسيين يخافون المسّ بهم.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه