في 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 1954، كإعلان عن إطلاق ثورة تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي الذي احتل البلاد منذ العام 1830. وبعد 7 سنوات من المقاومة العسكرية والسياسية، أُعلن استقلال الجزائر.
"أيها الشعب الجزائري،
أيها المناضلون من أجل القضية الوطنية،
الشعب الجزائري في أوضاعه الداخلية متحدا حول قضية الاستقلال و العمل... نحن الذين بقينا في مؤخرة الركب فإننا نتعرض إلى مصير من تجاوزته الأحداث، و هكذا فإن حركتنا الوطنية قد وجدت نفسها محطمة...الأمر الذي جعل الاستعمار يطير فرحا ظنا منه أنه قد أحرز أضخم انتصاراته في كفاحه ضد الطليعة الجزائرية.
... أيها الجزائري، إننا ندعوك لتبارك هذه الوثيقة، وواجبك هو أن تنضم لإنقاذ بلدنا و العمل على أن نسترجع له حريته، إن جبهة التحرير الوطني هي جبهتك، و انتصارها هو انتصارك."
جاءت هذه الكلمات في أول خطاب أطلقته جبهة التحرير الوطني، في أول تشرين الثاني/ نوفمبر 1954، كإعلان عن إطلاق ثورة تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي الذي احتل البلاد منذ العام 1830. وبعد 7 سنوات من المقاومة العسكرية والسياسية، أُعلن استقلال الجزائر في 5 تموز/ يوليو 1962 ليطوي صفحة الاحتلال السوداء التي امتدت 132 عاماً، من اليوم نفسه.
7 سنوات ونصف من العمل المسلح استخدم الثوار الجزائريون فيه حرب العصابات بصفتها الوسيلة الأكثر ملاءمة لمحاربة قوة نظامية مجهزة بالكامل، في ظل انعدام موازين التسلح بين الطرفين. فيما كان الجيش الفرنسي يتكون من قوات الكوماندوز والمظليين والمرتزقة متعددة الجنسيات، وقوات حفظ الأمن، وقوات الاحتياط، والقوات الإضافية من السكان الأصليين أو من أطلق عليهم اسم الحركة. وقد حظت قوات جيش التحرير الوطني على تأييد الشعب الجزائري الكامل، والجالية الجزائرية في المهجر، وخصوصاً تلك المتواجدة في فرنسا.
جاءَ الاستقلال نتيجة استفتاء تقرير المصير، في أول تموز/ يوليو 1962، المنصوص عليه في اتفاقيات إيفيان في 18 آذار/ مارس 1962، وأعلن على إثره ميلاد الجمهورية الجزائرية في 25 أيلول/ سبتمبر، ليغادر البلاد مليون فرنسي من الذين استوطنوا الجزائر وتملكوا أراضيها بفعل الاحتلال.
وقد تلا إعلان الاستقلال الرئيس الفرنسي الجنرال شارل ديغول عبر التلفزيون، مخاطباً الشعب الفرنسي. وعلى اثر ذلك، أرسل وبعث الرئيس الفرنسي إلى عبد الرحمن فارس رئيس الهيئة التنفيذية المؤقتة للجمهورية الجزائرية رسالة تحمل الاعتراف باستقلال الجزائر. واعتبر يوم الاثنين 5 تموز/ يوليو 1962.
مصر وسورية داعمين رئيسين للثورة
وحظيت الثورة الجزائرية بدعم لافت من قبل مصر وسورية حيث تلقت السلاح والدعم المادي والسياسي منهما. ولهذا أصدرت جبهة التحرير الوطني الجزائرية بيانًا قالت فيه: "لا ينسى أي جزائري أن مصر الشقيقة تعرّضت لعدوان شنيع (العدوان الثلاثي على مصر) كانت فيه ضحية تأييدها للشعب الجزائري المناضل. ولا ينسى أي جزائري أن انتصار الشعب المصري في معركة بورسعيد التاريخية ليس إلا انتصار لواجهة من واجهات القتال العديدة التي تجري في الجزائر منذ ثمانية وثلاثين شهرًا، وأن الشعب الجزائري المنهمك في معركته التحريرية الكبرى ليبعث إلى الشعب المصري الشقيق وبطله الخالد جمال عبد الناصر بأصدق عواطف الأخوة والتضامن، وعاشت العروبة حرة خالدة، وعاش العرب تحت راية الاستقلال والعزة والمجد".
ولعل هذا ما دفع رئيس لكيان الاحتلال الصهيوني ديفيد بن غوريون للقول: "على أصدقائنا المخلصين في باريس أن يقدّروا أن عبد الناصر الذي يهددنا في النقب، وفي عمق إسرائيل، هو نفسه العدو الذي يواجههم في الجزائر".
وفي آذار/ مارس 1957 قال الرئيس السوري شكري القوتلي خلال استقباله لوفد جزائري: "إن سورية مشتركة معكم في القتال، إن أردتم سلاحا أمددناكم بالسلاح، وإن أردتم مالا عندنا ما نستطيع بذله وإن أردتم رجالا فرجال سورية مستعدون لخوض الوغى إلى جانبكم... إن قضية الجزائر قضيتنا و حدودها حدودنا ونضالها نضالنا ومصيرها مصيرنا، وإني على يقين بأن شعب الجمهورية العربية المتحدة بقيادة جمال عبد الناصر سيكون على رأس كل حركة قومية تنازع أطماع المستعمرين ".
وفي سورية نُظمت تبرعات مالية وقدمت معدات طبية، وشكلت لجان لذلك التأييد بالتنسيق مع ممثلي جبهة التحرير الوطني. وإعلاميا، تم تخصيص ساعة يوميا في الإذاعة السورية يشارك فيها سوريون وجزائريون. خصَّص البرلمان السوري جلسات خاصة لمناقشة مدى التأييد العربي للثورة الجزائرية من خلال مداخلات النواب. الجميع قدَّم انتقادات حادة لعدم وصول التأييد العربي للثورة الجزائرية إلى مستوى تضحيات الشعب ، وحجم القمع الفرنسي ، وتبنوا قرارات بما فيها: "استنكار مجلس النواب لإختطاف الجزائريين وتكليف الحكومة لتبادر فورا إلى دعوة الحكومات العربية لتخصيص مبلغ لا يقل عن خمسين مليون ليرة سورية لنصرة إخواننا العرب في الجزائر."
وشكلت القضية الجزائرية حافزاً بالنسبة للرئيس شكري القوتلي للوحدة مع مصر وتأسيس الجمهورية العربية المتحدة، وفق ما يذكر د. إسماعيل دبش، العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة الجزائر.