لم يعُد الرئيس سعد الحريري يريد المشاركة في أي حكومة. باتت كل الصيغ المطروحة، حتى 8- 8- 8 الذي تعهّد فريقه بتسهيلها، في حكم الملغاة بالنسبة إليه. حسم الحريري أمره في «لقاء باريس»
ميسم رزق
لم يعُد الرئيس سعد الحريري يريد المشاركة في أي حكومة. باتت كل الصيغ المطروحة، حتى 8- 8- 8 الذي تعهّد فريقه بتسهيلها، في حكم الملغاة بالنسبة إليه. حسم الحريري أمره في «لقاء باريس» الذي جمعه بعدد من نواب المستقبل ونواب من 14 آذار «لا لتأليف أي حكومة وحزب الله موجود في سوريا». ففي ظل إصرار الحزب على الاستمرار في القتال إلى جانب النظام السوري، يضع الحريري شروطاً تكاد تكون أقرب إلى المستحيل في الوقت الحالي، تجعل من تشكيل الحكومة أمراً بعيداً.
كان في مقدور فريق الرابع عشر من آذار أن يوفّر على نفسه الدخول في نقاشات عقيمة في موضوع شكل الحكومة العتيدة. كانت تكفيه العودة إلى خطاب النائب نهاد المشنوق في الذكرى السنوية الأولى لاستشهاد اللواء وسام الحسن في البيال، كي يعلم إلى أين تسير الأمور. منذ شهر، وضع المشنوق النقاط على الحروف في كلمته، عندما توجّه إلى الأمين العام لحزب الله، مخاطباً إياه بالقول: «لن نكون جزءاً من السياسة الايرانية، لا في حكومة ولا في غيرها، ولن نكون جسر عبور الى حكومة مستسلمة لنظام قاتل كما هي حكومة تسهيل جرائم النظام السوري على اللبنانيين الحالية».
في السياسة، لم يكُن يريد المشنوق أن يمسك العصا من النصف. ربما تعمّد عن قصد رفع السقف عالياً، بحيث يسهل في الوقت اللازم الإعلان عن رفض فريق الرابع عشر من آذار المشاركة في أي حكومة مهما كان شكلها. المهمّ أن كلام السيد نصر الله في ذكرى تأسيس مستشفى الرسول الأعظم، وتحديداً في ما يتعلّق في الشأن السوري عن أن «تطور الميدان لمصلحة الجيش العربي السوري وكل القوى التي تقف إلى جانبه»، والذي فُسّر على أنه كلام من موقع المنتصر، زاد من اقتناع هذا الفريق باستحالة مشاركة حزب الله في أي حكومة.
يُمكن القول «إنها نَقَشت» مع عضو كتلة المستقبل، الذي ذهب مؤخراً للقاء زعيم تيار المستقبل سعد الحريري في باريس إلى جانب الرئيس فؤاد السنيورة والوزير محمد شطح ونادر الحريري وغطاس خوري، وكل من النواب مروان حمادة وبطرس حرب، وأعضاء الأمانة العامة لـ 14 آذار فارس سعيد وسمير فرنجية، فكان له ما أراد. إذ أفضت الاجتماعات التي عقدها الحريري معهم إلى قرار واحد. نسف كل الحديث عن تسهيلات يُمكن أن يقدّمها فريق 14 آذار لتشكيل الحكومة. فلا صيغة 8-8-8 لا تزال مقبولة، ولا الـ 9-9-6 يُمكن ترجمتها على أرض الواقع. خلاصة النقاشات التي توصل إليها المجتمعون في باريس بعد ثلاثة أيام، هي «أننا سنكون جاهزين لتسهيل تشكيل الحكومة مهما كان شكلها بشرطين» (يفضّل مستقبليون تسمية الشروط بـ«قواعد الشراكة»). الأول «انسحاب حزب الله من سوريا»، والثاني «التزام إعلان بعبدا»، حتى لو «اضطررنا بعدها إلى إعطائهم الحكومة كاملة»، كما تؤكّد مصادر اللقاءات، ولا سيما أن «ما يحصل يهدد بحرب أهلية في لبنان». وقبل تنفيذ هذين الشرطين «لا مجال للبحث في موضوع الحكومة».
أمس أتى بيان كتلة المستقبل بعد اجتماعها الأسبوعي، مفصلاً على قياس مواقف المشنوق. فرأت أن المواقف التي صدرت، خلال الايام الماضية، عن السيد نصرالله وما تبعه من مواقف لبعض المسؤولين في حزب الله، «تميزت جميعها بتصاعد لهجة الاتهامات ولغة التعجرف والغرور». واعتبرت أن «أُم المشكلات تكمن في عدم احترام حزب الله لأحكام الدستور اللبناني وميثاق العيش المشترك عبر تفرده بقرار المشاركة في المعارك الدائرة في سوريا وارساله الالاف من شباب لبنان للقتال والموت الى جانب النظام السوري». وأشارت إلى أن «فتح باب الانفراجات السياسية في لبنان يبدأ بالعودة الى قواعد الاجماع الوطني وفي مقدمها الالتزام بإعلان بعبدا، الذي أقر بإجماع المتحاورين بمن فيهم ممثل حزب الله، وبانسحاب حزب الله من سوريا، وهما الأمران اللذان يشكلان سوية القاعدة الضرورية لبدء البحث في تشكيل حكومة سياسية جامعة».
إذاً عادت المشاورات المتعلقّة بشأن تأليف الحكومة إلى نقطة الصفر. اتخذ فريق الرابع عشر من آذار قراره عدم المشاركة. وبات تكريس منطق التعطيل هو الغالب، في ظل مُضي الطرفين في خياراتهما. لن يعود أي منهم إلى الوراء، وسيبقى تشكيل الحكومة معلقاً حتّى إشعار آخر.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه