دعا صندوق النقد الدولي السلطات السودانية إلى ضرورة تطبيق حزمة شاملة من التدابير المالية والنقدية التي تعزز إطار السياسة النقدية وتحسن فعاليتها
دعا صندوق النقد الدولي السلطات السودانية إلى ضرورة تطبيق حزمة شاملة من التدابير المالية والنقدية التي تعزز إطار السياسة النقدية وتحسن فعاليتها، وشدد على أنه ينبغي دعم السياسة النقدية من خلال سياسة مالية حكيمة.
وقال الصندوق، في تقرير حديث، إن ما يعوق إطار السياسة النقدية في السودان هو هيمنة السياسة المالية، والاعتماد على البنك المركزي في تمويل العجز في الميزانية، موضحا أن السودان بحاجة إلى برنامج شامل لتحقيق الاستقرار، يضم ضبط أوضاع المالية العامة، ويقابله تخفيض في تمويل البنك المركزي للعجز، ما يؤدي إلى تحقيق خفض دائم في ارتفاع معدل التضخم الحالي.
وتعاني الأسواق السودانية حالة من الركود منذ إعلان الحكومة الشهر الماضي عن حزمة إجراءات اقتصادية، شملت رفع الدعم عن المحروقات، وتحريك سعر الصرف، وفرض ضريبة إنتاج على المنتجات السودانية تقدر بنحو 10′.
ولتقليص العجز يسعى السودان لسد فجوة الإيرادات التي خلّفها انفصال الجنوب عنه منذ تموز/يوليو 2011، حيث فقدت الخرطوم نحو 75′ من إيراداتها النفطية، فضلا عن خسارتها لنحو 3 مليارات دولار من توقف ضخ نفط الجنوب، وفق مسؤولين.
وارتفع معدل التضخم في السودان إلى نحو 29′ بنهاية شهر أيلول الماضي/سبتمبر وفق بيانات رسمية.
وذكر صندوق النقد الدولي في التقرير أن هناك حاجة إلى إصلاح النظام النقدي والمالي لتعزيز إطار السياسة النقدية، كما أن البنك المركزي بحاجة إلى تفويض واضح من أجل الاستقلال العملي وإرساء المحاسبة لمتابعة استقرار الأسعار، ومن شأن تحسين الشفافية في تسيير وتقييم السياسة النقدية جعل آلية انتقال النقدية أكثر فعالية .
واعتبر الصندوق أن تطوير الأدوات الكافية لتداول المال في السوق والتسهيلات الائتمانية للبنك المركزي امور ضرورية لتخفيف ضغوط التضخم وتحسين فعالية السياسة النقدية وإدارة السيولة لدى البنوك. لكنه دعا الى إيلاء أهمية لقضية توحيد أسعار الصرف المتعددة، حيث سيوقف التوحيد استفادة البعض من أسعار الصرف التفضيلية الأمر الذي من شأنه أن يزيد كبح الضغوط التضخمية .
ويشير التقرير إلى أن السودان يواجه تحديات صعبة في إدارة سياسته النقدية بعد انفصال جنوب السودان في عام ،2011 حيث تدهورت الأوضاع الاقتصادية في البلاد بعد هذه الصدمة الدائمة، واتسع العجز المالي بسبب فقدان عائدات النفط والتأخير في تصحيح أوضاع المالية العامة.
ويقول صندوق النقد الدولي إن فهم آثار السياسة النقدية على المتغيرات الاقتصادية الكلية (مثل الإنتاج والعمالة والأسعار)، والقنوات التي يتم من خلالها نقل هذه الآثار، هو أمر حاسم لصياغة السياسات وتنفيذها بشكل فعال في الوقت المناسب وضمان الاستقرار المالي الكلي .
ويذكر الصندوق أنه مع وجود نظام مصرفي إسلامي متكامل بالبلاد، فإن إطار السياسة النقدية يفتقر إلى الأدوات الكافية لعمليات النقدية وإدارة السيولة والتمويل غير التضخمي لأوجه العجز الحكومي. وقال انه في ظل إطار سياسة نقدية فعالة، فإن البنك المركزي يستخدم الأدوات القائمة على الدين في سوق المال بين البنوك وسوق الأوراق المالية الحكومية لحقن أو امتصاص تدفق السيولة من البنوك.
لكن في ظل وضع التمويل الإسلامي، يمكن للأدوات القائمة على الدين ألا تحصل على معدل العائد الإيجابي من خلال أسعار الفائدة، ولا يمكن أن تكون مخفضة في السوق الثانوية. ونتيجة لذلك يضطر إطار السياسة النقدية في السودان الى الاعتماد على الأدوات التقليدية لتنظيم عرض النقود، باستخدام التحكم عن طريق تحديد الكمية المخصصة لسقوف الائتمان.
يذكر انه في عام 2012 رفع بنك السودان المركزي نسبة الاحتياطي المطلوب ثلاث مرات من 11′ إلى 18′، ولم يثبت هذا أنه وسيلة فعالة للسيطرة على المعروض من النقد ، كما أنه فشل في ان يكون محفزا للتنمية الاقتصادية.
وقد أدى عدم وجود سوق اقراض نشطة بين البنوك (الانتربانك) إلى وجود احتياطيات فائضة كبيرة، وفقدان السيطرة النقدية عندما يستمر البنك المركزي السوداني في توفير الائتمان لبنوك الأفراد، في حين يفتقر إلى وسائل مرنة لامتصاص السيولة الفائضة، ‘كما هو الحال في النظم المصرفية الإسلامية الأخرى. وبالتالي أدى عدم وجود الأدوات النقدية المناسبة الى ارتفاع تكلفة الوساطة والضغوط التضخمية المستمرة.
وقال صندوق النقد الدولى في التقرير الذي أصدره مطلع الشهر الماضي إن التوقعات لأداء الاقتصاد السوداني لعام 2013 وعلى المدى المتوسط سلبية، وذلك في غياب تطبيق حزمة جديدة من الإجراءات التصحيحية، متوقعا أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي إلى 2.3′ في عام 2013، ويظل دون مستوى 3′ على المدى المتوسط.
وذكر الصندوق أن التوقعات المستقبلية للاقتصاد السوداني تخضع لمخاطر كبيرة، وأن الخطر الرئيسي يتعلق بالتحول الاقتصادي والسياسي الذي يستغرق أمدا طويلا خلال الفترة التي تسبق الانتخابات الرئاسية فى عام 2015، والصراعات الأهلية الإقليمية غير المستقرة التي يمكن أن تؤدي إلى إضعاف النمو وارتفاع معدلات التضخم.