تعمّد الفرات بالدم، والغربان تنعق فوق جثث تقدم الرقة قرابينها كل يوم، كما تقدّم السمع والطاعة لـ«أمراء الموت» في «داعش» و«النصرة» منذ دخولهم المدينة المسالمة
فراس الهكار
تعمّد الفرات بالدم، والغربان تنعق فوق جثث تقدم الرقة قرابينها كل يوم، كما تقدّم السمع والطاعة لـ«أمراء الموت» في «داعش» و«النصرة» منذ دخولهم المدينة المسالمة وتحويلها إلى أول ولاية في «الدولة الاسلامية في العراق والشام». «الاستبداد» الذي ثار الناس من أجل القضاء عليه عاد إليهم بشكل أشد مضاضة. الرقة اليوم هي «قندهار سوريا».
سقط «الائتلاف» في الرقّة التي لم يدخلها أي ممثل عنه، كما سقطت كل قوى المعارضة التي تركت المدينة منذ أشهر طويلة بسبب نزاعات كتائب «المعارضة المسلحة» على اختلاف عقائدها حتى وقع المحظور. اغتُصبت الرقة غير مرّة، ووصلت إلى مرحلة خطيرة من مراحل «تحرر» مزعوم، أو «سقوط» مشؤوم جرّ عليها الويلات. فالمدينة التي انتفض بعض أهلها لإسقاط النظام السياسي أصبحت اليوم بلا دولة، أبناؤها يصارعون الموت ولا سبيل يفضي إلى حياة كريمة.
ثمانية أشهر انقضت على دخول كتائب المعارضة المسلحة ومقاتلي «جبهة النصرة» التابعة لتنظيم «القاعدة» الرقة، فجر السبت في الثاني من آذار الماضي. سميت العملية «غارة الجبار»، ولم يبق بعدها في المحافظة سوى ثلاثة مقار للجيش السوري: قيادة الفرقة 17 شمال المدينة بنحو كيلومتر واحد، ومطار الطبقة العسكري غرب المدينة بحوالى 50 كيلومتراً على طريق عام الرقة ــــ حلب، واللواء 93 شمال غرب الرقة بـ 55 كيلومتراً في بلدة عين عيسى.
منذذاك، يكتنف الغموض طريقة سقوط الرقة، فالمعطيات تشير إلى أنها لم تسقط تلقائيا. كما أن الكتائب لم تسقطها أو «تحررها». في المقابل لم يكن هناك ثقل عسكري حقيقي في المدينة التي كانت تطوّقها الحواجز الأمنية من جهاتها الأربع، لكن رغم ذلك لا يُمكن أن تسقط مدينة في ثلاث ساعات!
انسحب حاجز «المشلب» صبيحة يوم الهجوم وسلّم مدخل المدينة الشرقي إلى عناصر«لواء المنتصر بالله» ومقاتلي «جبهة النصرة»، فأصبح الحي الشرقي كاملاً بيد المهاجمين. كان عناصر الشرطة العسكرية والهجانة ينقلون عتادهم بكل طمأنينة من مقرهم وسط المدينة إلى داخل الفرقة 17. فيما يتقدم المسلحون على محاور عدة في أحياء المدينة، قبل أن تدخل الكتائب من الحي الغربي للمدينة وتسيطر على ثكنة الهجانة الخالية.
ما حدث كان مُريباً، ويبقى السر في صدر محافظ الرقة اللواء حسن جلالي وأمين فرع حزب البعث سليمان سليمان اللذين أسرهما مقاتلو «جبهة النصرة» بعد يومين من العملية ولم يُعرف مكانهما بعد، ويُشاع أنهما في جوف سد الفرات الذي تتخذه الجبهة مقراً لها.
في الوقت نفسه، تؤكد القرائن أن خيوط العملية بيد رئيس فرع أمن الدولة العميد خالد الحلبي (ابن محافظة السويداء) الذي اختفى هو الآخر ولم يعرف له أثر، باستثناء شائعات عن وجوده في جبل لبنان.
انسحبت الفروع الأمنية جميعها من مقارها إلى داخل الفرقة 17، باستثناء عناصر فرعي الأمن العسكري والسياسي الذين قاوموا حتى اللحظة الأخيرة ليقتل بعضهم ويُمثل بجثته ويُطاف بها في شوارع المدينة، فيما سلم البقية أنفسهم بـ«ضمانة» عشائرية قادتهم لاحقاً إلى معتقلات «النصرة» و«لواء التوحيد»، إثر كمين نُصب لهم، وما زالوا حتى الآن أسرى في مدينة الطبقة ينتظرون صفقة تبادل مع النظام.
يروي الناشط الإعلامي المدني عقبة لـ«لأخبار» كيف تم التمثيل بالجثث. يقول: «ما رأيته كان مؤثراً ومروعاً جداً، قتلوا أبو جاسم، وهو مساعد في الأمن العسكري. رفض الاستسلام وقتل الكثير من المجاهدين. تكاثروا عليه فقتلوه ورموا جثته من فوق البناء فتهشم رأسه تماماً، ثم وضعوه في سيارة وطافوا بجثته في أحياء المدينة، قبل أن يلقوها مع جثث رفاقه قرب مكب للقمامة، مانعين دفنهم. وبعد أيام دفنت الجثث في الخفاء».
حصار مزمن
مرت أشهر طويلة والكتائب والألوية تحاصر مقر قيادة الفرقة 17 شمال الرقة، والتي تتلقى المؤونة عبر الطائرات. ومن المحاصِرين «لواء ثوار الرقة» بقيادة «أبو عيسى». كما يُرابط حولها مسلحو «حركة أحرار الشام الإسلامية»، وكتائب من «لواء المنتصر بالله» الذي اتخذ من مقام أويس القرني في المدينة مقراً له، ويقوده ابن الرقة النقيب المنشق كريم الكريم (أبو الليث). إضافة إلى «كتائب حذيفة بن اليمان» و«الأصالة والتنمية» و«الناصر صلاح الدين» و«أويس القرني» و«الإيمان» و«جبهة الوحدة والتحرير الإسلامية» وقائدها الطبيب عدنان العرسان. وانضمت اليها أخيرا بعض الفصائل التابعة لـ«الدولة الاسلامية في العراق والشام».
حسن عيسى، طالب في الأول الثانوي، التحق بإحدى الكتائب المسلحة. يروي كيف شارك في اقتحام الفرقة 17: «لم يكن الأمر سهلاً، انضممت إلى الكتيبة التي يقودها ابن عمي، اقتحمنا سواتر الفرقة 17 وشاركنا في السيطرة على كتائب عدة داخلها محققين تقدماً ملحوظاً». يتابع: «كان الأمر أشبه بالحلم، لم أدرك ما حصل إلا حين بدأت القذائف تنهال علينا. لم تعد هناك فائدة للبندقية التي أحملها. حمم النيران والشظايا حولنا. قُتل العديد من عناصر الكتائب في الخط الأول». ويضيف: «بدأت الخلافات على تقاسم الغنائم. بدءاً من السيارات الصغيرة والآليات الثقيلة التابعة للمؤسسات الحكومية. وانتهاءً بمناطق النفوذ داخل أحياء المدينة». خاف حسن من الموت فترك «الجهاد» وعاد إلى دراسته.
يدرك الرقّيون أن الفرقة 17، بكل ما فيها من جنود وعتاد، لا تحتاج كل هذه المدة لتسقط. وفيما يجزم بعضهم بأن الحصار ليس جدياً بل حفظ لماء الوجه. يبرر«المرابطون» أن معركتهم الجديدة مع القوات الكردية في شمال الرقة (مدينة تل أبيض وقراها) أخّرت إسقاط الفرقة، ولا ينكرون أن خلافاً بين الكتائب أدى إلى تأخر السيطرة على ما تبقى من الفرقة. فيما يرى ناشط اعلامي رفض الإفصاح عن اسمه أن «سقوط الفرقة 17 بيد المعارضة المسلحة يفرض عليها الانتقال إلى محافظة ثانية وفتح جبهة قتال جديدة، وهذا ما لا يحبذونه. فما وجدوه في الرقة من رفاهية في ساحات القتال غير متوفر في جبهات أخرى».
وسط هذا الجو، تعيش أغلبية الأهالي تحت وطأة الخوف والجوع والعطش والفقر. وما يتفق عليه الجميع هو أن الرقة ضاعت بكل ما فيها. تلك المدينة التي عانت على مدى عقود التهميش والنسيان، يعمّها اليوم الخراب، وباتت بين ليلة وضحاها «قندهار الجديدة».
الفرقة 11
بعد شهر من السيطرة على المدينة لم تبق أمور المسلحين على ما يرام. فقد غادر مقاتلو «النصرة» الرقة في الثامن من نيسان الماضي إثر انشقاق أمير «داعش» ابو بكر البغدادي ومعه الكثير من أتباعه عن أمير «النصرة» ابو محمد الجولاني، واتخذوا من سد الفرات وقلعة جعبر التي تقع على مسافة 53 كيلومترا غرب الرقة، مقراً لهم، فيما سيطرت حركة «أحرار الشام الإسلامية» على المدينة لأيام معدودة لتنقل ثقلها بعد ذلك إلى مدينة تل أبيض شمال الرقة، على الحدود التركية وتقضي على «كتائب الفاروق» في أيار الماضي وتفرض سيطرتها على البوابة الحدودية في تل أبيض، إضافة إلى محافظتها على وجودها القوي إلى جانب القوى الأخرى في المدينة.
تسلمت «داعش» زمام الأمور في مدينة الرقة بعد إعدامها ثلاثة مواطنين في ساحة الساعة وسط المدينة في 14 آيار الماضي بتهمة التجسس لصالح النظام، لتخمد بعد ذلك جذوة الحراك المدني السلمي العلماني العلني، وتندثر تيارات مدنية عدة لم يعد يُسمع لها صوت.
دعا الناشطون إلى مظاهرات سلمية ترفض العنف والقتل واللثام والاعتقال التعسفي والخطف، إلا أنها بقيت مجرد محاولات خصوصاً بعد اعتقال معظم شباب الحراك المدني، فعاد العمل الثوري إلى السرية والأسماء المستعارة على شبكات التواصل الاجتماعي.
استنجد المواطنون بكتائب وألوية «الجيش الحر» العاملة في المدينة، وُزّعت منشورات ضد «الدولة الإسلامية» تستنهض همم «الجيش الحر». فأعلنت كتائب وألوية هذا الجيش العاملة في المدينة، من أبناء محافظة الرقة، توحدها وشكلت الفرقة 11 في تموز الماضي، وضمت ألوية «ثوار الرقة» و«المنتصر بالله» و«أمناء الرقة» و«الناصر صلاح الدين». وتشكل هذه القوة نحو 80 % من المعارضة المسلحة في الرقة، أما أهدافها فهي، وفق البيان العسكري الصادر عنها، تحرير الفرقة 17 ومطار الطبقة العسكري واللواء 93، ثم «الجهاد» خارج المحافظة، حماية المواطنين، العمل والتنسيق مع بقية الكتائب والألوية في المحافظات الأخرى، يمنع منعاً باتاً تشكيل أي كيان عسكري إلا تحت لواء الفرقة 11، تنظيم الحياة المعيشية للمدنيين، تفعيل المجلس المحلي، توسيع «الهيئة الشرعيّة».
لكن أياً من هذه البنود لم يتحقق. دارت المعركة بين «الدولة الإسلامية» و«لواء أحفاد الرسول» لأيام وقتل خلالها العديد من المدنيين. في 13 آب الماضي استهدفت «الدولة الإسلامية» محطة القطار حيث مقر «أحفاد الرسول» بسيارة مفخخة وتحول البناء بما فيه إلى رماد. ومنعت المدنيين من إسعاف الجرحى أو انتشال الجثث التي وصل عددها إلى نحو 25 جثة.
تلاشى وجود اللواء في الرقة واعتقلت «داعش» من بقي من أفراده حياً، وأعلنت قيادته العامة في سوريا أنها لن ترد حرصاً على «رص الصفوف».
عودة «النصرة»
عاد مقاتلو «النصرة» إلى الرقة في 12 أيلول الماضي، واعلنت الجبهة في بيان العودة «أنها أنجزت معسكراً شرعياً لإعادة تأهيل المجاهدين بعد أن لاحظت وجود انحراف في سلوكيات بعض الأخوة. ونتعهد بالعمل لخدمة الإسلام والمسلمين وقتال النظام النصيري». كما أكد البيان أن هناك من استغل اسم الجبهة للقيام بعمليات اغتيال وخطف وسلب ونهب «وهذا ما لا تقبله».
شقت عودة «النصرة» صفوف الفرقة 11 فانقسمت على نفسها، إذ سارع «لواء المنتصر بالله» الى مبايعة الجبهة، وتبعه «لواء ثوار الرقة»، فيما بايع «لواء الناصر صلاح الدين» «داعش»، وبايع «لواء أمناء الرقة» حركة «أحرار الشام الإسلامية».
لم يمض على عودة «جبهة النصرة» إلى المدينة سوى أيام معدودة حتى اختطف مسؤولها الأول «ابو سعد الحضرمي». وبعد أيام وُجدت سيارته وفيها الحزام الناسف الذي يرتديه في بلدة دير حافر التابعة لمحافظة حلب. ويؤكد الناشطون أن «داعش وراء خطفه، وقد نقلت سيارته إلى دير حافر لإبعاد الشبهة عنها لا أكثر». والحضرمي هو محمد سعيد العبدالله من أهالي الرقة، كان يعمل في الحدادة.
انتهى رسمياً أي وجود لـ«الجيش الحر» في مدينة الرقة في 15 أيلول الفائت، ووضعت لوحات كبيرة عند الحدود الإدارية للمحافظة كُتب عليها، «دولة الإسلام في العراق والشام ـ ولاية الرقة»، وبذلك تكون الرقة أول مدينة تخرج عن سيطرة النظام، وأول ولاية في «الدولة الاسلامية في العراق والشام».
المعركة المقبلة
أزعجت عودة «النصرة» إلى المدينة «داعش». وزادت التوتر بعد الذي ينذر بحرب شعواء قد تندلع في أية لحظة بين الطرفين.
الكل يترقب المشهد بصمت، عاد «الرجل البخاخ» إلى المدينة، كان يزين شوارع المدينة بعبارات مناهضة للنظام السوري تُطالب برحيله. بدأ الآن يكتب عبارات مناوئة لـ«الدولة الإسلامية»، وتُطالب بالحرية والديمقراطية وبناء الدولة المدنية المنشودة.
يقول الناشط المدني البارز، ولقبه «فيديل السوري»: «إن حراكنا المدني هو حراك على حافة الموت، لم تترك لنا داعش مجالاً لأي نشاط مدني سلمي. يخطفون أي ناشط يبرز دوره أو اسمه في أي حراك أو تظاهرة. حالياً الحراك بدأ يسير ببطء شديد وقد عاد إلى السرية كما كان على أيام النظام».
ويضيف «فيديل» الذي يرتدي حزاماً ناسفاً تحسباً لأي كمين قد يقع فيه: «لا حل إلا في قيام ثورة مضادة تُعيد الحياة إلى مدينة الرقة، والموت أخف وطأة علي من الوقوع في ايديهم».
إلا أن «الدولة الإسلامية» أعدمت شخصين مجهولي الهوية بذريعة أنهم «نصيرية كفار» رمياً بالرصاص في «دوار النعيم» وسط حضور شعبي حاشد كما تم تنفيذ إعدامات ميدانية في مدن تل أبيض والطبقة ومعدان.
هجرة المسيحيين
لم يسلم المسيحيون من الاعتداءات. أول اعتداء كان في أيار الماضي عندما صادر عناصر «جبهة النصرة» محصول الشعير من أراضي الآغا آكوب صاغتليان في مدينة تل أبيض. وقبل أيام وجدت جثة شاب مسيحي مُلقاة على طريق الطبقة الصفصافة بعد اختطافه من مدينة الطبقة، ما أثار استهجان أبناء الرقة الذين يعتبرون المسيحيين جزءاً لا يتجزأ من نسيجهم الاجتماعي. وقد شارك عدد منهم في الحراك السلمي المعارض للنظام. فالنقيب المنشق طوني الملوحي، مدير ناحية المنصورة، سلم الناحية إلى كتائب «الجيش الحر» في الأول من شباط، أي قبل دخول المسلحين الرقة. فدهمت قوات النظام قريته «جوار العفص» في حمص وألقت القبض عليه ونقلته إلى مطار الطبقة العسكري ثم إلى فرع الأمن الجنائي في الرقة، قبل أن يأسره مقاتلو لواء «الناصر صلاح الدين» عند دخولهم المدينة، ويسلموه الى «داعش» بعد مبايعة اللواء لها.
وقد قررت «داعش» إعدام الملوحي، وبعد تدخل بعض الوجهاء أفرج عن النقيب المنشق بعدما أشهر إسلامه وأصبح اسمه محمد نور الملوحي.
تبع هذه الحادثة تكسير للصليب أمام كنيسة سيدة البشارة وسط مدينة الرقة من قبل مجهولين. احتج الناشطون المدنيون ودعوا إلى تظاهرات طالبت بحماية الكنائس، فأنزل مسلحون مقنعون الأجراس والصلبان من فوق كنيسة الشهداء وكسروا محتوياتها وحرقوا مكتبات الكنيستين، ورفعوا عوضاً عن الصلبان علم «دولة العراق والشام الإسلامية».
يقول الناشط يوسف: «كان الموقف صعباً. لم نستطع الدفاع عن إخواننا الذي نعيش وإياهم منذ سنوات. تألمنا كثيراً وشعرنا بالعجز والخجل. المسيحيون جزء من تاريخنا منذ عشرات السنين. عاشوا بيننا ولم يُكن أمامنا سوى النحيب ونحن نرى ألسنة النيران وأعمدة الدخان تتصاعد».
غادر المسيحيون الرقة التي دخلوها حسب المراجع التاريخية منذ عقود مضت، وآخرها في العصر الحديث عبر هجرة عشرات الأسر الأرمنية عام 1915، إثر المذابح التي تعرضوا لها على يد العثمانيين الأتراك.
يسيطر الخوف على الناس ولا أحد يجرؤ على الانتقاد. حتى التذمر من الوضع أصبح في الخفاء. فللدولة الجديدة مخبرون وبصّاصون في كل حارة وزقاق. وتُضرب أمثلة عن أشخاص اختفوا لأنهم انتقدوا قراراً أو أبدوا امتعاضهم من تصرف معين. الهيئة الشرعية التي أنشئت لضمان حقوق الناس غير قادرة على حماية نفسها، إذ خطف قاضيها عبد الله العساف ثالث أيام عيد الأضحى ولم يظهر له أثر حتى اللحظة. والهيئة لم تستطع حماية أحد أو تسيير شؤون المدينة حالها حال المجلس المحلي الذي اعتقل بعض أعضائه غير مرة من قبل بعض الكتائب.
هواجس مدينة
يعيش الناس في الرقة تحت وطأة القصف المتقطع، إذ تغير الطائرات الحربية بين الفينة والأخرى على مواقع المسلحين، فيما يستهدف جنود الفرقة 17 المدينة بقذائف الهاون، إلا أنها لا تحقق دوماً إصابات، فتصيب أحياناً بيوت المدنيين العزّل. يستهجن الناس هذه الأخطاء التي أودت بحياة العشرات، فبعد القصف الذي استهدف الثانوية التجارية في 29 أيلول الفائت وراح ضحيته نحو 17 طالباً وطالبة ومعهم أحد الموظفين، استهدف الطيران الحربي في 26 تشرين الأول الماضي حياً سكنياً قرب سوق الخضار في الرقة فأخطأ هدفه ودمّر منزلين فوق رؤوس أصحابهما وخلف نحو سبعة قتلى معظمهم أطفال.
لا أمان للمسيحييين عند «داعش»
توجد في محافظة الرقة أربع كنائس، اثنتان في المدينة هما سيدة البشارة والشهداء، وكنيسة القديسين الشهيدين سرجيوس وباخوس في مدينة الطبقة، وكنيسة في مدينة تل أبيض.
ويبرر من أحرق الكنائس هذا العمل بأن «الإسلام حين جاء وجد كنائس لذا أمر الرسول والخلفاء بعدم هدمها. أما الكنائس التي بُنيت بعد الإسلام فقد بُنيت على باطل، لذا وجب هدمها وإزالتها».واوضح أحد مسؤولي تنظيم «داعش»، وهو غير سوري، في إحدى خطب الجمعة في جامع أسامة بن زيد في حي الثكنة، ان حرق الكنائس «جاء استناداً إلى فتوى شرعية مأخوذة عن عبد الله بن عباس، مفادها أن المدن التي فُتحت عنوةً تُحرق كنائسها وتُهدم صلبانها. أما المدن التي فُتحت صلحاً ودفع أهلها الجزية فالمسلمون لا يؤذون الكنائس والمعابد فيها ويلتزمون بالعهدة العمرية ويمارس غير المسلمين شعائرهم ولكن بشكل سري». وهذا حسب «الخطيب المهاجر» «لا ينطبق على الرقة التي فُتحت عنوةً ولم يدفع المسيحيون فيها الجزية فلا أمان لهم عندنا، ومع ذلك فمن لم يتعامل مع بشار الأسد فلن نقتله».
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه