27-11-2024 05:36 PM بتوقيت القدس المحتلة

النفــط ضحيــة السياســة

النفــط ضحيــة السياســة

يواجه الملف النفطي تداعيات الانقسامات السياسية وفشل انعقاد مجلس الوزراء واستياء الشركات النفطية وزعزعة صدقية لبنان العالمية ما يعرقل عملية استخراج النفط والغاز

د. غازي وزني يواجه الملف النفطي تداعيات الانقسامات السياسية وفشل انعقاد مجلس الوزراء واستياء الشركات النفطية وزعزعة صدقية لبنان العالمية ما يعرقل عملية استخراج النفط والغاز ويبدد آمال اللبنانيين ويضيـّع عليهم فرصة الافادة من هذه الثروة الاستراتيجية التي يراهنون عليها لانقاذ اوضاعهم الاقتصادية وجعلهم محصنين من التهديدات والعقوبات والحظر.

د. غازي وزني / لبنان

كذلك يواجه معوّقات تمنع انعقاد مجلس الوزراء لاقرار مرسومي تقسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة في المياه اللبنانية الى بلوكات ( 10 بلوكات يحتوي كل منها ما بيــن 1500 – 2500 كم 2 ) و اتفاقية الاستكشاف والانتاج ( EPA ) الذي يتضمن اتفاقية تقاسم الانتاج  ( PSA ).


تعود المعوّقات لخلافات سياسية بين اعضاء الحكومة حول الرؤية النفطية للبنان، وخلافات تقنية وفنية حول عدد البلوكات المفتوحة للمناقصة، وخلافات قانونية حول دستورية عقد جلسة مجلس الوزراء في ظل حكومة تصريف اعمال لاقرار مرسومي النفط . يضاف اليها الضغوطات السياسية التي تواجه الحكومة ورئيسها من قبل قوى سياسية خارج الحكومة تهدد بالطعن قانونيا بالقرارات المتخذة وترفض البت في غيابها في ملف وطني يرهن مستقبل لبنان اقتصاديا وماليا لعقود من الزمن.

يحمل تأجيل اقرار مرسومي النفط تبعات متعددة ، نذكر منها:
1- خسارة لبنان صدقيته وسمعته في المجال النفطي العالمي.

2- التخوف من انسحاب او تحـّفظ عدد من  الشركات النفطية في المشاركة في المناقصة لا سيما ان العدد المتخصص منها عالميا في  عمليات التنقيب والاستخراج من الاعماق البحرية محدود جدا.
تأهلت في دورة التراخيص الاولى 12 شركة عالمية كمشغلة Operator و 34 شركة كغير مشغلة واظهرت بعض الشركات المشغلة استيائها من عملية التأخير الحاصل، مهددة بالانسحاب من المناقصات كما اظهرت المعطيات ان الاهتمام الاكبر للمناقصات جاءت من قبل الشركات الاسيوية ( اليابان – ماليزيا – كوريا ...) بينما بقيت الشركات الاميركية في موقع الانتظار.

-1-
3- اضعاف قدرة لبنان التنافسية حيال دول الجوار واضعاف قدرته التسويقية في الاسواق العالمية خصوصا الاوروبية بعدما سبقته اسرائيل وقبرص اليها بسنوات .

4- استغلال اسرائيل عملية تأخير استخراج النفط لتحقيق اطماعها في الاستيلاء على مكامن نفطية غنية وواعدة قرب حدودها او شفط كميات من الحقول النفطية اللبنانية عن طريق الحفر الافقي تحت ذريعة وجودها في المناطق المتنازع عليها مع لبنان خصوصا بعد اكتشافها حقول مهمة في منطقتها الشمالية المتاخمة من الحدود اللبنانية ( حقل كاريش Karish  يبعد 4 كلم عن البلوك رقم 8 و 6 كلم عن البلوك رقم 9 و 12 كلم عن البلوك رقم 10 ) .

ينطلق دعم الخبراء والشركة البريطانية سبكتروم Spectrum فتح المناقصة على اكبر عدد من البلوكات ( 10 بلوكات )  بدل  فتح خمسة بلوكات محـــددة ( رقم 1 ، 4 ، 5 ، 6  ، 9 )  بهدف إستقطاب أكبر عدد ممكن من الشركات العالمية للمناقصة ما يحسن شروط الدولة التفاوضية بينما عرض عدد قليل منها ، يخفف من اهتمام الشركات ويبعدهم عن المناقصة نتيجة شدّة التنافس فيما بينها. كذلك ينطلق الدعم من مصلحة لبنان حماية ثروته النفطية من الاعتداءات الاسرائيلية خصوصا بعد ادعائها العلني ان بعض التراخيص التي توشك الحكومة اللبنانية منحها تدخل ضمن منطقتها الاقتصادية الخالصة ( بلوك 9 ) ، كما ان الدعم يعود الى حاجة الدولة الحصول على معلومات كاملة عن الوضع الجيولوجي لجميع البلوكات، والى الخشية  من انعكاسات النتائج السلبية في عمليات التلزيم الاولى على عمليات التنقيب في البلوكات الاخرى ما يفضي الى اضعاف  موقع الدولة في التفاوض مع الشركات النفطية للبلوكات الاخرى واضعاف شروطها في تقاسم الانتاج والعائدات.

في المقابل فإن اقتراح وزير الطاقة والنفط فتح خمسة بلوكات محددة كدفعة اولى في المناقصة يعود الى الارادة في معرفة الثروة النفطية والوضع الجيولوجي في كل بلوك ومنطقة والى الهدف في تحسين شروط الدولة وموقعها التفاوضي مع الشركات النفطية عند تلزيم البلوكات في الدورات الاخرى على الصعيد الضرائبي وتقاسم العائدات والانتاج وحجم الاستثمارات في حال حصول نتائج ايجابية في عمليات الاستكشاف والاستخراج الاولى.

  ان الملف النفطي وتحديد عدد البلوكات الامثل للتلزيم واختيارها هي عملية تقنية وأمنية وجيوسياسية وبيئية وضرائبية يتحمل مجلس الوزراء مجتمعا مسؤوليتها .

-2-- تقنيا في تحديد عدد البلوكات الامثل للمناقصة واختيارها بعد الاخذ في الاعتبار توصيات هيئة ادارة قطاع النفط والاخذ في الاعتبار تهديدات اسرائيل وتقسيم مناطقها البحرية النفطية والغازية الى اكثر من 40 بلوك وقبرص الى اكثر من 20 وان لا شيئ يمنع لبنان من اعادة النظر في تقسيماته ورفعها من 10 الى 17 او اكثر...

- أمنيا في حماية الثروة النفطية في المياه اللبنانية من التهديدات والاعتداءات الاسرائيلية العلنية خصوصا تهديدات البلوكات المتاخمة للحدود الاسرائيلية ( 8، 9، 10 ) وذلك عبر تأكيد قانونيتها ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية وجعل اختيارها أولوية فــي المناقصــة . 

- جيوسياسيا في انتقاء الشركات من منطلق بعدها الاستراتيجي وانتماءاتها الجيوسياسية وعلاقاتها ومصالحها الدولية...
- بيئيــا: في التعامل بجدية بموضوع تأثيرات النشاط النفطي على البيئة، وعلى التلوث وعلى ثروة لبنان البحرية وعلى الشواطئ... في حال تسّرب النفط عند استخراجه في المياه اللبنانية او عند نقله في البواخر... يستند الاقتصاد الوطني بجغرافيته الصغيرة على جماله الطبيعي وبيئته لجذب السياح ورجال الاعمال والاستثمارات.

- ضرائبيا: في اعتماد سياسة ضرائبية تحمي حقوق الدولة ولا تهدف لاستقطاب الشركات النفطية. فإن معدل الضريبة على ارباح الشركات النفطية المقـترحة في الاتفاقية مع الشركات النفطية ( 15 % ) تعتبر متدنية مقارنة مع المعدلات المطبقة في الدول النفطية الاخرى وتصب في مصلحة الشركات النفطية . تقع مسؤولية الحكومة اعادة النظر في معدل الضريبة.

يعاني الملف النفطي من الانقسامات السياسية والشلل الحكومي فإنه أصبح ضحية السياسة بإنتظار الحكومة الجديدة.