إدارة البلاد وتسيير أمور العباد من الأمور التي لا يمكن إنجازها باتخاذ القرارات وليدة اللحظة وتحت ضغط الظرف الراهن. فأهمّ ما يميز الإدارة الصحيحة هو التفكير على المدى البعد لوضع الأهداف الكبرى البعيدة والقر
صدر كتاب "إيران الإسلاميّة في أفق الرؤية المستقبلية" لمحسن رضائي وعلي مبيني دِهْكُردي، تندرج ضمن سلسلة الدراسات الحضارية التي يصدرها مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي. ترجمة: رعد الحجاج.
ويحوي هذا الكتاب على كلمة المركز، بين يدي الكتاب وتمهيد إضافة إلى فصول خمسة. الفصل الأول: "الأسس النظرية لتدوين الرؤية المستقبلية": تحديد العوامل المؤثّرة في رسم المستقبل – ضرورة صياغة رؤية مستقبلية وأهميتها على المستوى الوطني – استشراف المستقبل وصياغة الرؤية المستقبلية – مراحل نجاح الرؤية المستقبلية الوطنية في المجتمع – سبل صياغة الرؤية المستقبلية الوطنية وتنفيذها – التوجهات الفكرية والمدارس العلمية لصناعة الأفق المستقبلي – منهجية تدوين الخطة العشرينية للجمهورية الإسلامية في إيران وتنفيذها – الخطوات الأساس في صياغة الخطة المستقبلية العشرينية لإيران.
أما الفصل الثاني: "الرؤية المستقبلية مسيرة التطوّر النظري والتطور العملي": مسيرة التطور النظري في التخطيط وإدارة المجتمعات – الخلفية التاريخية لصياغة رؤية مستقبلية في بلدان العالم المختلفة – نقاط جوهرية لتحقيق الرخاء في الهند – الخلفية التاريخية لصياغة رؤية المستقبل في إيران – في أفق الرؤية المستقبلية – المتطلبات الأساس لتحقيق الأهداف المنظورة في الأفق المستقبلي – رؤية الجمهورية الإسلامية في إيران في أفق 2025م. أما الثالث: "البيئة الخارجية وموقع إيران في مستقبل النظام الدولي": الأنظمة العالمية – التطوّرات في منطقة جنوب غرب آسيا – موقع إيران في الأنظمة العالمية – خلاصة واستنتاج.
الفصل الرابع: "تاريخ التنمية في إيران وملامح تدوين الخطط التنموية بعد انتصار الثورة – التغيّر الديموغرافي وتطوّر الطاقات البشرية – التطوّرات الاقتصادية الهامّة ومؤشّراتها الكمّية – التطوّرات العلمية والتقنية للمجتمع الإيراني – مسيرة تقنية المعلومات – التركيبة الثقافية والذاتية للمجتمع الإيراني – التنمية في إيران: القابليات والامتيازات – التنمية في إيران: تحديات الحاضر والمستقبل. والفصل الخامس: "العوامل البيئيّة الاستراتيجية (الداخلية والخارجية)": التفكير النظامي في معرفة البيئة – خطّة اختيار السيناريو لمعرفة مستقبل البيئة – سيناريوهات المستقبل الممكن عند صياغة رؤية المستقبل – إحصاء الأبعاد المختلفة للعوامل الاستراتيجية البيئية – العوامل البيئية الاستراتيجية – عوامل الازدهار والتأزّم في البيئتين الداخلية والخارجية- التحديات الفعلية والمستقبلية لإيران – التحديات الاستراتيجية في مستقبل إيران – التطلعات والقيم.
كلمة المركز جاء فيها: إدارة البلاد وتسيير أمور العباد من الأمور التي لا يمكن إنجازها باتخاذ القرارات وليدة اللحظة وتحت ضغط الظرف الراهن. فأهمّ ما يميز الإدارة الصحيحة هو التفكير على المدى البعد لوضع الأهداف الكبرى البعيدة والقريبة ودرس الإمكانيات التي تسمح بتحقّق هذه الأهداف وتأمينها، ومعالجة التحديات وتوقعها قبل تحققها لاقتراح الحلول لمواجهتها. كل هذه الأمور والغايات هي ما يطلق عليه التخطيط الاستراتيجي أو الإدارة الاستراتيجية. وقد عملت دول عدة على استشراف مستقبلها لتدوين مثل هذه البرامج والخطط على المدى البعيد. وبعض هذه الدول من الدول الإسلامية وبعضها من غيرها. وجرت محاولات جادة مجدية في هذا المجال لاستشراف مستقبل هذه الدول والتفكير لسنوات آتية.
وهذه الدراسة التي نقدّمها إلى القارئ هي محاولة إيرانية على هذا الصعيد. تهدف إلى درس مستقبل إيران ورسم الخطط العامة. يدرس فيها المؤلّفان ما أشرنا إليه أعلاه. وتحفل هذه الدراسة بالمقارنات والتوقّعات والإحصائيات والأحكام، وطلباً منا للاختصار ومراعاة لحجم الكتاب اجتهدنا ولعلّنا لا نكون مخطئين في حذف بعض الجداول والرسوم البيانية التي لا شك في نفعها ولكن كثرتها بحسب ما رأينا تثقل الكتاب وتحول دون انتشاره لكبر حجمه. ويهدف مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي من ترجمة هذه الدراسة ونشرها بالعربية إلى تقديم تجربة إسلامية رغبة منه في تعميم الفائدة، لعلّ ف هذه التجربة ما يمكن اقتباس أو تطويره أو تقديم الملاحظات عليه.
وجاء في كلمة المؤلّفان: إن كتاب "إيران الإسلامية في أفق الرؤية المستقبلية" هو أول كتاب يؤلّفه نخبة من الخبراء والأساتذة المختصين في الأمانة العامة لجمع تشخيص مصلحة النظام، ويضمّ كمّاً كبيراً من هذه الوثائق الهامة ضمن فصول خمسة. يتناول الفصل الأول من الكتاب المبادئ النظرية لتدوين الاستراتيجية المستقبلية، إذ تناقش فيه ضرورة استشراف المستقبل وصياغة خطة مكتملة على الصعيدين الوطني والمحلي، ثم تُرسم صورة كلية لمنهجية تدوين الخطة المذكورة.
في الفصل الثاني، تُذكر مسيرة التطوّر النظري والعملي (التجريبي) للرؤية المستقبلية من جهة التخطيط والإدارة، ثم يُشار إلى ضرورة نظام التخطيط الاستراتيجي والإدارة الاستراتيجية في عملية تدوين تلك الخطة. وتقدم خلاصة عن التجارب التي خاضتها بعض البلدان التي اختيرت لأسباب مختلفة، ليتسنى دراسة تدوين الخطط المستقبلية فيها والاستفادة منها. في الفصل الثالث من الكتاب، يسلّط الضوء على البيئة الخارجية، فيُحلِّل النظام الإقليمي عقب تقديم تحليل مسهب لمسيرة التطورات الطارئة في العقود الأخيرة على النظام الدولي والقوى الكبرى واللاعبين في المسرح الدولي.
أما في الفصل الرابع من الكتاب فإنه، تتميماً لعملية الكشف عن البيئة الخارجية، سيُتطرق فيه إلى تحليل البيئة الداخلية، فتُناقش بصورة عابرة وسريعة جداً المباحث المتعلقة بمسيرة التنمية الوطنية اعتباراً من منتصف القرن الماضي إلى الآن، وتُبحث كذلك المعايير والمؤشّرات الكلية في القطاعين الاجتماعي والاقتصادي، فضلاً عن القابليات والطاقات والإمكانات المتوافرة في مجال الإنتاج القومي. وأخيراً، يتناول الفصل الخامس من الكتاب تحليل العوامل البيئية الاستراتيجية التي هي حصيلة الفصلين الثالث والرابع، وضرورة وجود رؤية مستقبلية للمواءمة بين الخطط متوسط المدى وعملية بناء السيناريوهات.
على أمل أن تهيّأ الأرضية المناسبة لتنمية التفكير الاستراتيجي، ووضع الخطط الاستراتيجية، وصياغة القرارات الاستراتيجية والإشراف عليها، في الجمهورية الإسلامية في إيران أكثر من أي وقت مضى، وأن تتوخى السرعة اللازمة في تحقيق الأهداف المنشودة من الرؤية المستقبلية على الصعيد الوطني، كل ذلك في ضوء المساعي الجماعية المدروسة والخطط الخبروية المنبثقة من البحث العلمي المعمّق.