28-11-2024 08:32 AM بتوقيت القدس المحتلة

صراخ إسرائيل.. لماذا؟

صراخ إسرائيل.. لماذا؟

الملف النووي الايراني|الخلاف الاسرائيلي الاميركي حول ايران



حبيب فياض

الملف النووي الايراني|الخلاف الاسرائيلي الاميركي حول ايران، تنبني على الاستنتاج بأن الجمهورية الاسلامية المحاصرة والمهددة لم تخفق في التمدد إقليمياً، فكيف سيكون، إذاً، المشهد مع ايران التي من المتوقع أن تكون بمنأى عن أي حصار وتهديد؟ الإجابة لدى هؤلاء لا بدّ أن تنتهي، وفق التسلسل نفسه، الى القول إن رفع العقوبات الغربية عن طهران وإخراجها من خانة العداء للغرب سيمهد الطريق أمامها نحو استكمال مشروعها وتثبيت موقعيتها كقوة اقليمية عظمى.

الكيان الاسرائيلي، هذه المرة، لا يبالغ في الصراخ والعويل لابتزاز الجانبين الاميركي والاوروبي. وفي الاساس، ليس ثمة ثمن من الممكن أن تقبضه تل ابيب يعوّض لها خيبتها والضرر اللاحق بها جراء التقارب الايراني الغربي. بل على الارجح أن اسرائيل ستجد نفسها على خط العزلة الدولية مقابل انفتاح عالمي على طهران، في حال تقدم المسار التفاوضي حول ملف ايران النووي بالاتجاه الإيجابي المتوقع. ولعل الخسارة الكبرى في حسابات تل ابيب انها ستجد نفسها أيضاً منفردة في خانة العداء لطهران، بعدما كانت على الدوام في هذه الخانة الى جانب اميركا والغرب. ما يؤكد هذه الحقيقة أن إسرائيل تدرك ان ثمة منتصف طريق بين ايران والغرب من الممكن أن يلتقيا عنده، لكن بينها وبين طهران لا منتصف طريق ولا حلول وسطى ولا نقاط التقاء.

وبالعموم، يمكن قراءة الموقف الاسرائيلي، المتخوف من التقارب الايراني الغربي، وفق مقاربتين متعارضتين:
ترى المقاربة الأولى بأن استياء تل أبيب من نجاح المفاوضات الايرانية الغربية ليس مرتبطاً بملف ايران النووي. ولو كان الامر كذلك، لكان المفترض أن تشعراسرائيل بالارتياح، باعتبار ان هذا النجاح سيضمن عدم تحول ايران الى قوة نووية عسكرية. بل الامر عند الاسرائيليين مرتبط بالخشية من ان يفتح تفاهم طهران مع الغرب الباب أمام مزيد من التقدم الايراني في المنطقة، والذي يعني حكماً تراجعاً اسرائيلياً بالمقدار نفسه. هذا فضلاً عما يعنيه ذلك من تقوية لحليفي طهران الاساسيين، سوريا و«حزب الله».

بينما تنطلق المقاربة الثانية من حسابات المسألة النووية ذاتها. ذلك ان اسرائيل لا تتخوف، في المرحلة الراهنة، من انجازات ايران النووية بل من قدرتها على الإنجاز. وأي اعتراف من قبل المجتمع الدولي بحقها في تخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية، يعني افساح الطريق أمامها لاكتساب الخبرة واستكمال المشوار على طريق صناعة القنبلة، إن هي ارادت ذلك. لأن تحول طهران نحو النووي العسكري، كما يرى الاسرائيليون، لم يعُد ينقصه سوى خطوتين. الأولى سياسية متوقفة على الارادة واتخاذ القرار، والثانية تقنية مرتبطة بزيادة كمية لعدد الطرود ورفع تدريجي لمستوى التخصيب. ووفق المقاربة هذه فإن اسرائيل تعتمد في تفوقها الاقليمي على القوة العسكرية النووية والتقليدية. فهي عبارة عن جيش لديه دولة بدلاً من ان تكون دولة لديها جيش. ما يعني أن تل أبيب تتخوف من فقدان تفوقها النووي من خلال قدرة ايران على التحول الى قوة نووية عسكرية، بعدما فقدت تفوقها التقليدي بسبب التوازن الذي أوجده «حزب الله» معها.

لقد بلغ انزعاج اسرائيل من الطريقة الاميركية في التعامل مع الملف النووي الايراني، حد التهديد بذهابها منفردة للتعامل مع المستجدات المحتملة. اضافة الى رفضها الاعتراف بأي اتفاق يتم التوصل اليه بين ايران والمجتمع الدولي. ذلك يعني ببساطة أن تل ابيب باتت أكثر جدية من أي وقت مضى للقيام بمغامرة عسكرية تجاه طهران أو أحد حلفائها.

     موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه