«الآن، بات الأمير جاسوساً، أو بشكل أدقّ، سيّد جواسيس الشرق الأوسط. فقد أوكلت اليه مهمة تنفيذ برنامج سعودي واسع من العمليات السريّة (...) لتدمير القوة الإيرانية» في المنطقة.
صباح أيوب
«الآن، بات الأمير جاسوساً، أو بشكل أدقّ، سيّد جواسيس الشرق الأوسط. فقد أوكلت اليه مهمة تنفيذ برنامج سعودي واسع من العمليات السريّة (...) لتدمير القوة الإيرانية» في المنطقة. هو الأمير الذي وعد مَلِكه العام الماضي أنه «سينهي الأزمة السورية في غضون أشهر»، لصالحه طبعاً. وهو الذي شرح لحلفائه وأصدقائه الأميركيين أن مهمته الأساسية، منذ تولّيه رئاسة الاستخبارات السعودية، تشمل: «التخلص من بشار الأسد ومن حزب الله، ومنع الإيرانيين من امتلاك السلاح النووي وسلبهم أي دور أساسي في المنطقة». هو من أفهم مَن عارضه في واشنطن أنه «يملك المال الكافي» لتحقيق أهدافه.
هو مَن يصفه بعض عارفيه في المملكة وفي واشنطن بالميّال الى «التهوّر والمغالاة بالتفاؤل بما يستطيع تحقيقه». هو كما وصفه أحد المؤرخين البريطانيين «الجريء الى حدّ الوقاحة».
هو بندر بن سلطان «القلق والغاضب والمحبط» حالياً من عدم قدرته على إظهار إمكاناته للعالم، ومن عدم الوفاء بوعوده لمَلِكه، مع اتجاه دولي وإقليمي نحو صفقة لصالح إيران.
هذا ما جاء في بعض الإعلام الاميركي الذي تابع تداعيات تسلّم بندر أحد أبرز المناصب الاستخباراتية في المنطقة منذ صيف العام الماضي، والذي نقل منذ البداية «خشية» بعض ضبّاط «وكالة الاستخبارات المركزية» الاميركية من وصول السفير السابق الى هذا المنصب الحساس. «قد تخرج الامور عن السيطرة كما حصل سابقاً مع بندر خلال الثمانينات في نيكاراغوا»، قال «رسميون» في الإدارة الأميركية، فيما حذّر آخرون من «إمكانية أن تنتهي الامور بشكل سيئ» إذ عُهد لبندر بدعم المقاتلين السوريين، فوصل السلاح الى أيدي المتطرفين.
التحذيرات التي نقلتها بعض الصحف الأميركية، مثل «ذي وول ستريت جورنال» منذ أشهر، تابعتها وسائل إعلام أميركية اخرى في الأيام الماضية، وآخرها موقع «ذي دايلي بيست».
محرر شؤون الشرق الأوسط في «نيوزويك» كريستوفر ديكي، أفرد مقالاً مطوّلاً على «بيست» عن «غاتسبي العرب» و«سيّد الجواسيس» الذي «يخوض حرب السعودية في سوريا»، بندر بن سلطان. ديكي، يسترجع أهمّ محطات مسيرة «بندر بوش» بين الرياض وواشنطن ويقول إنه «يجب أن نعرف جيداً من هو هذا الرجل وما هي مهمته لكي نتمكّن من فهم أحداث المنطقة المضطربة الآن». المقال يشرح «مهمة» بندر بالتخلص من حلفاء إيران، أي الأسد وحزب الله. «ليس مهماً أن لا يكون هناك اتفاقية سلام بين السعودية وإسرائيل، فقد تحوّل بندر تلقائياً الى حليف بنيامين نتنياهو في العداء لإيران، وها هو يكرر كلامه عن العائق الذي يشكّله باراك أوباما أمام تحقيق أهدافه». ويلفت الكاتب الى خطّة بندر بالتقرّب من باكستان والمعلومات التي تحدّثت عن تدريب الباكستانيين للمقاتلين السوريين الذين تدعمهم السعودية.
لكن ديكي يرى أن بندر «يخاطر بسمعة السعودية وبمواردها مجدداً» بسبب الاضطرابات المستمرة في مصر والعراق، وبسبب فشل مهمته في سوريا و«حتى في لبنان الصغير، حيث هزمت إيران وحليفها حزب الله رجال السعودية». وهنا، يلفت الكاتب الى الدور الأول الذي لعبه مستشار الملك للأمن القومي، حينها، بندر حيث «شجّع الإسرائيليين، خلف الكواليس، في حربهم ضد حزب الله عام 2006». هو بندر الذي «باتت رؤيته للبنان منحرفة الى درجة أنه رشّح سمير جعجع لرئاسة الجمهورية» يضيف ديكي.
«على الأمير السعودي أن يترحّم فعلياً على الأيام الماضية»، يقول ديكي، إذ كان لاعباً أساسياً في أحداث العالم، وكانت واشنطن تضجّ بسهراته الرنّانة وكان، «مستعدّاً لفعل أي شيء من أجل تمتين محور الرياض ـــ واشنطن». «لكن العالم تغيّر وعالمه هو أيضاً»، يعلّق الكاتب لافتاً الى مشاكله الصحية وغضبه الشديد من عدم تحقيق أي تقدم لصالحه في سوريا. و«الغضب لا يفيد في العمل الاستخباراتي» يعلّق أحد السعوديين للكاتب.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه