استأنفت القوى العظمى محادثاتها مع ايران حول الملف النووي الايراني في جنيف وسط اجواء من "الثقة المفقودة" حسب المفاوضين الايرانيين.
استأنفت القوى العظمى محادثاتها مع ايران حول الملف النووي الايراني في جنيف وسط اجواء من "الثقة المفقودة" حسب المفاوضين الايرانيين.
وترجمة لاجواء التشكيك هذه لم يستغرق الاجتماع الموسع بين الوفد الايراني وممثلي القوى العظمى (5+1) اكثر من 10 دقائق مساء الاربعاء، حسب ما افادت مصادر دبلوماسية.
واوضحت هذه المصادر "كانت عبارة عن جلسة تقديم سريعة. وستعقد الان اجتماعات ثنائية".
وفي حين تميزت تصريحات الجانبين خلال الايام القليلة الماضية بنفحة ايجابية وكثر الكلام عن "امكانية" التوصل الى اتفاق، اكد رئيس وفد المفاوضين الايرانيين عباس عرقجي على ضرورة "استعادة الثقة المفقودة"، واضاف قبل بدء الاجتماع "سنبدأ بعد ظهر اليوم المباحثات بشان المسار التفاوضي، واذا حصلنا على نتيجة مرضية فان المفاوضات ستبدا على الارجح غدا بشأن النص، يجب استعادة الثقة المفقودة".
وخلال جولة المفاوضات السابقة بين السادس والتاسع من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي بدا وكأن الاتفاق بات على قاب قوسين وادنى قبل ان تعمد فرنسا الى ادخال تعديلات على مشروع الاتفاق ساهمت في تشدده ما ادى الى انهاء الجولة من دون اتفاق.
وقال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف اثر غداء عمل مع وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون الاربعاء "لم نبدأ بعد مناقشة نص الاتفاق".
وأعلن ظريف أنه سيجري الخميس "محادثات جدية ومفصلة" مع نظيرته الاوروبية كاثرين اشتون في محاولة لوضع اللمسات الاخيرة على الاتفاق حول الملف النووي الايراني.
وقال ظريف في تعليق كتبه على صفحته على موقع فيسبوك بعد ان تناول الغداء مع اشتون "حتى الان تقدمنا بناء على خططنا. واتفقنا على اجراء محادثات جدية ومفصلة حول اتفاق نهائي مع الليدي اشتون غدا" الخميس.
واعلن وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان الولايات المتحدة لن توافق على اتفاق مع ايران من شانه ان يتيح لطهران "كسب الوقت" بهدف تطوير قدراتها النووية.
وفي الوقت الذي استؤنفت فيه المحادثات بين ايران والقوى العظمى في جنيف قال كيري من واشنطن "لن نسمح بان يتيح هذا الاتفاق في حال التوصل اليه كسب الوقت، او ان يتيح الموافقة على ما لا يبدد فعليا مخاوفنا الاساسية".
ويبدو ان اجواء التفاؤل التي رافقت الجولة السابقة تراجعت كثيرا خلال هذه الجولة، وقبل ساعات من عقدها حدد السيد علي خامنئي "الخطوط الحمر" التي لا يمكن التراجع عنها مثل "الحقوق النووية" لايران.
وقال السيد خامنئي "انا لا اتدخل في تفاصيل المفاوضات، لكن هناك خطوطا حمراء يجب على المسؤولين احترامها دون التخوف من ردود الاعداء، وقد قلتها للمسؤولين"، وهو يشير بذلك الى تخصيب اليورانيوم على الاراضي الايرانية ورفض اقفال موقع التخصيب تحت الارض في فوردو.
كما شن خامنئي في كلمته امام عناصر من الحرس الثوري هجوما شديدا على الكيان الاسرائيلي، وشدد على أن "الاعداء وخصوصا من خلال الفم القذر والشرير للكلب المسعور في المنطقة، النظام الصهيوني، يقولون ان ايران تشكل خطرا على العالم، هذا غير صحيح ومخالف تماما لتعاليم الاسلام" متهما العدو الاسرائيلي "وبعض مسانديها" بانهم يشكلون "الخطر الحقيقي".
وسارعت باريس الى الرد على موقف خامنئي، فحض الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاربعاء ايران على "تقديم ردود وليس استفزازات" في ما يتعلق ببرنامجها النووي، وقال هولاند في مؤتمر صحافي في روما مع اختتام القمة الفرنسية-الايطالية "ان تصريحات خامنئي لا يمكن ان تسلك منحى التهدئة والتفهم، اذن على ايران ان تقدم ردودا وليس استفزازات".
وكانت المتحدثة باسم الحكومة الفرنسية اعلنت قبل ذلك ان تصريحات المرشد الاعلى "تعقد المفاوضات"، معتبرة ان "الكرة في ملعب ايران اليوم".
وفي الوقت الذي استؤنفت فيه المفاوضات في جنيف وصل رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو الى موسكو حيث التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء الإسرائيلي عقب محادثاتهما في موسكو وجود إمكانية لتحقيق حل مقبول للجميع في مفاوضات اللجنة السداسية وإيران في جنيف.
وأعرب بوتين عن أمله في نجاح هذه المفاوضات وقال: "نحن نأمل بإيجاد حلول مقبولة بالنسبة إلى الطرفين في أقرب وقت"، وأضاف: "وكما تبين مفاوضات السداسية مع إيران، فإن هذه الإمكانية موجودة"، مؤكدا أن روسيا تنظر بتفاؤل الى هذه العملية.
وواصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو حملته على مشروع الاتفاق الجارية مناقشته في جنيف، ودعا في ختام اجتماعه مع بوتين الى ايجاد "حل حقيقي" لمشكلة البرنامج النووي الايراني، مضيفا "نامل جميعا بحل دبلوماسي، ولكن ينبغي ان يكون حلا حقيقيا"، موضحا ان هذا الامر يعني بالنسبة الى ايران وقف تخصيب اليورانيوم وتشغيل اجهزة الطرد المركزية.
وقال نتانياهو: "سيكون ذلك حلا سلميا ودبلوماسيا لقضية البرنامج النووي الايراني على غرار ما تم التوصل اليه بشأن السلاح الكيميائي السوري"، ولفت الى أن المجتمع الدولي ما كان بإمكانه أن يوافق على سيناريو يقضي بإتلاف جزء فقط من الأسلحة الكيميائية السورية أو على ابقاء البنية التحتية لصنعها.
واعتبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في اسطنبول ان مفاوضات جنيف تشكل "فرصة تاريخية"، وقال امام الصحافيين خلال زيارة لاسطنبول انه لا يزال من المبكر جدا تحديد المنحى الذي ستسلكه الجولة الجديدة من التفاوض المقررة بعد الظهر في جنيف، لكنه شدد خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي احمد داود اوغلو على ان "ثمة اتفاقا مطروحا يصب في مصلحة كل الدول بما فيها دول الشرق الاوسط".