لم يكن في بال الريح إلا القصيدة والقصب
لم يكن في بال الريح إلا القصيدة والقصب..
ولم يكن إلا المراوحُ وهي تذرو في البيادر جنادبَ الصيفِ
ونملَ المواسم
نجمعها.. فتأكلنا السنينُ على عتبات خريفنا المعقود بالغيم
فنأوي إلى مكامن عشقها المرصود بالسنابل والزيتون
نحرسها من العين، فتصيبنا عينُ النبي الذي شد حزامه إلى
وسط التلال.
تكللنا بسرّيس عينيها الممتدتين إلى ما وراء السهل الأزرق.
نطلقُ نحوها أوجاعنا فتغسلها بالطيون وعصير الشمس الغارق في البرتقال.
هي امرأةٌ من الأيام،
تعلّقْنا بأطراف ثوبها كأطفالٍ من القندول، وشربنا من جرنها دمع السماء وحليب التين.
هي زبقين قلعة الشهداء ومهبط الشعراء..
حكت لنا العصفورة يوماً أن امرأةً كانت تنشدُ على ايقاع النواقيس كل صباح، فتمتلأ الغدرانُ ثغاءً، وتفيضُ الغاباتُ برائحةِ الهيل
العابق من مسارب إبطيها.
حكت لنا العصفورة أن التبغَ يسبّحُ باسم الحقل، فيندى جبين الصبح من هول الميابر وهي تفتك بأعناق الشتول.
زبقين...
يا امرأةً يدلفُ النهرُ من عينيها حباً وعشقاً،
وتقرأ في دفتر الينابيع تسابيح الشهداء،
فيخضرُّ الماء.
وينفخُ شقيفها في فم المُغر أوكسجين الحياة الماضية،
لتنامَ الغاباتُ في آمان النهر
بينما هي على عرش الروابي تعقد تاج القافية.