ومنذ وصولها إلى الحكم قبل عامين، كثفت حركة النهضة من الوعود ومن التوظيف بالقطاع العام.
زاد تدهور الوضع الاقتصادي وتردي ظروف المعيشة في تونس من مشاعر السخط الشعبي، مما أدى إلى عودة الاحتجاجات والإضرابات العمالية, في حين أصبح هامش تحرك الحكومة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي محدودا.
وأدى عدم وضوح الرؤية السياسية وتعثر المصادقة على الدستور الجديد للبلاد وتعطل بناء مؤسسات الدولة الدائمة، إضافة إلى تصاعد العنف المسلح، إلى إحجام المستثمرين التونسيين والأجانب عن الاستثمار. ومنذ وصولها إلى الحكم قبل عامين، كثفت حركة النهضة من الوعود ومن التوظيف بالقطاع العام.
ومنذ الصيف، تشهد إدارات وشركات وأحيانا مناطق بأكملها إضرابات واعتصامات متتالية يطالب منفذوها إما بتوفير فرص عمل أو الزيادة في الرواتب أو تحسين البنى التحتية وبناء مرافق عامة كالمدارس والمستشفيات. ويتوقع اليوم تنفيذ ثلاثة إضرابات عامة في ولايات سليانة (شمال) وقفصة وقابس (جنوب) دعا إليها الاتحاد العام التونسي للشغل ومنظمات أهلية.
وتحمّل المركزية النقابية -التي تلعب دورا حاسما في تنظيم الإضرابات- الحكومة مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
ونددت المركزية في بيان نشرته على صفحتها على فيسبوك بما سمته "لامبالاة" الحكومة في تطبيق اتفاقيات وقعها الجانبان منذ نحو عام ونصف العام، مما أدى إلى "تحركات اجتماعية" تمثلت في احتجاجات وإضرابات.
ويقول الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان إن الوضع الاقتصادي في تونس "صعب جدا ولا يتحمل كل هذه الإضرابات". وعزا تدهور الوضع الاقتصادي إلى الأزمة السياسية الحادة التي تعيشها تونس منذ أشهر بسبب فشل الحكومة، التي تقودها حركة النهضة الإسلامية والمعارضة العلمانية، في الاتفاق على تشكيل حكومة مستقلة تحل محل الحكومة الحالية التي تقودها الحركة.
في الوقت ذاته، لا يستطيع معدل النمو الاقتصادي المتواضع الذي حققته البلاد منذ بداية العام الحالي، وهو حوالي 3%، الحد من النسب العالية للفقر والبطالة اللذين كانا السبب الرئيسي لثورة 14 يناير/كانون الثاني 2011.
كما أصبح حصول تونس على مزيد من القروض من الخارج أمرا صعبا بعدما خفضت وكالات التصنيف الائتماني الدولية التصنيف السيادي للبلاد إلى مستويات غير مسبوقة. وخفضت أمس وكالة موديز للتصنيف الائتماني تصنيف تونس، وعزت الخفض إلى تواصل عدم وضوح الرؤية السياسية في البلاد، وتأخر استكمال التحول الديمقراطي.