غالباً ما تكون شخصية الانتحاري غير متكملة الوعي والرشد في مجتمعه المحلي. إلى جانب وضعه الاقتصادي الرديء، والتعليمي الأقل من عادي. وهو شاب لديه احلام ومستقبل
تتسارع الاحداث يوماً بعد يوم في منطقتنا العربية وتتسارع معها حركة عواصم القرار في مطبخ صناعة القرار, يتزايد العنف والارهاب هنا وهناك. وكلما زاد الصمود كلما تزايدت حدة العداء واتخذ العدوان والصراع مناحٍ واشكالا عديدة ليس اقلها المتفجرات والعمليات الانتحارية التي شهدناها مؤخراً في لبنان...
زينب عواضة / قناة "المنار"
مهاجر لله (استودعكم الله), هذا هو اسم حساب الفايسبوك للانتحاري الاول معين ابو ظهر الذي فجر نفسه في"غزوة السفارة الايرانية في بيروت "كما اسموها. وبتصفح سريع لهذه الصفحة تستطيع ان تقرأ معالم شخصية صاحبها والبداية من الاسم "مهاجر لله" و"استودعكم الله" عبارات عاطفية لأبعد الحدود لا تستطيع الا ان تتعاطف معها اذا كنت من خارج القضية هذا فضلا عن الحوار مع صديقه حول من سيستقبل الآخر في الجنة ...
هذا تعبير أم تفكير فان هذه العبارت ناتجة عن يقين وصل اليه نتيجة تعبئة عقائدية. وهذا ينفي قول البعض بأن هؤلاء لا عقيدة لهم بل على العكس هؤلاء تربّوا على مشروع عقائدي. وهذا ما نستدّل عليه من خلال كلامهم وتصرفاتهم واشكالهم ...العقيدة موجودة اذاً، ولكن السؤال هنا على اي عقيدة نتحدث ؟ وأين الاسلام من عقيدتهم؟.
والجواب واضح، فهؤلاء في الظاهر احبوا الله واحبوا الرسول (ص) على طريقة من علّمهم، وفي بقية الأمور لهم اسلامهم ولنا اسلامنا. فالاسلام دين السلام لا يسمح بأن يؤذي انساناً، سواء كان مسلماً أو غير مسلم، فكيف بمن أزهق ارواحاً بغير وجه حق، وأن اختلفت المفردات. فالمفاهيم ثابتة، وهنا لا بد من التمييز بين العمليات الانتحارية والعمليات الاستشهادية التي تنفذ حصراً ضد العدو المغتصب المحتل ...وحين يبرز التعريف تبرز المشكلة وتبرز نظرية الوهم بالتشكل شيئا فشيئا فلنسأل أولا:من هو العدو بنظرهم ؟.
العدو هو أنت وأنا وكل من يخالفهم في الرأي هؤلاء الشباب تمّ تعبئتهم حسب نيجاتيف السياسات الدولية التي تسعى في جزء منها الى اخراج صورة معينة للاسلام يخدم مصالحها في المنطقة. وضمن هذه السياسة يكون العدو، هو الاخ في الدين وهو العدو الوهمي الذي جعلوه يتسلل الى اللاوعي عندهم بعد استبداله بالعدو الحقيقي وهو اسرائيل، وتاليا فان وهم "ابو ظهر "جعله يعتقد انه ينفذ عملية استشهادية في وجه العدو الذي اختاروه هم، وهو مقتنع أنه ذلك الاستشهادي الذي يطبق حكم الله وسنة نبيه (ص).
من هم الانتحاريون؟
في الغالب هم من فئات عمرية صغيرة قابلة للتضليل اجتماعياً، وغالباً ما تكون شخصية الانتحاري غير متكملة الوعي والرشد في مجتمعه المحلي. إلى جانب وضعه الاقتصادي الرديء، والتعليمي الأقل من عادي. وهو شاب لديه احلام ومستقبل وغير متدين في اغلب الحالات، فينظر اليه أنه غير قريب إلى الله فيخرج من بيئته وهو يفتش عن بيئة حاضنة لتطلعاته فتتلقفه عصابات الوهم وتحاول سد ثغرات تقدير الذات المفقود في بيئته المحلية من كافة النواحي مادياً ومعنوياً، والأهم دينياً لأنه سيستقبله الرسول(ص،) وأن كل مشاريعه ستتحقق لانه سيملك نعيم الجنة والحور العين وانه وصل الى اليقين وهو الحق المبين..!! فماذا يريد اكثر؟!!..
طبعا هذا ينعشه ويزيد من حماسه ومن وهمه بالدخول الى الجنة على جثث الابرياء والاخوة في الدين وفي الانسانية. والامثلة على هذا الوهم كثيرة. يروي لنا أحد جنود الجيش العربي السوري أنه تمّ أسر مجموعة من جبهة النصرة، واحد افراد المجموعة طلب من الجنود أن يقتلوه وقت الظهيرة، واصر في طلبه فسألوه: لماذا ؟!!.. قال ليتسنى لي الوصول قبل ان ينتهي الرسول(ص) من غذائه لأتمكن من الأكل معه.. !!.
وقس على ذلك من اوهام أخرى كأن يطعن الدبابة بالسكين فتختفي من امامه لأنه ولي من أولياء النصرة..! وغيرها من الخرافات المضحكة المبكية والتي تدلّ على سذاجة عقول المتلقين وذكاء وحرفية المخططين لهذه الافكار وتنفيذها على الارض ليصبح الوهم واقعاً.