في 29 نوفمبر 1947، تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 181 الذي يوصي بتنفيذ خطة تقسيم فلسطين.
إسلام الريحاني
في 29 نوفمبر 1947، تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 181 الذي يوصي بتنفيذ خطة تقسيم فلسطين.
وقد وصفت الخطة باعتبارها خطة التقسيم مع الاتحاد الاقتصادي، والتي - وبعد انتهاء الانتداب البريطاني آنذاك على فلسطين - من شأنها أن تؤدي إلى خلق دولتين عربية ويهودية مستقلة جنباً إلى جنب مع النظام الدولي الخاص لمدينة القدس الشريف.
وُضعت الخطة في البداية لمعالجة الأهداف المتضاربة لما اعتبرته، حركتين منافستين، أي القومية العربية والقومية اليهودية، المعروفة بالصهيونية. حيث يتضمن الجزء الأول من الخطة أحكاماً للتعامل مع إنهاء الانتداب ومع التقسيم والاستقلال، في حين اشتمل الجزء الثاني على وصف تفصيلي للحدود المقترحة لكل دولة. كما دعت الخطة إلى الاتحاد الاقتصادي بين الدولتين المقترحتين، وإلى حماية الحقوق الدينية وحقوق الأقليات.
بعيد اعتماد القرار - الذي وافقت عليه الوكالة اليهودية نيابة عن الجالية اليهودية بينما رفضته الحكومات العربية في ذلك الوقت - اندلعت "الحرب الأهلية" في "فلسطين الانتدابية"، ولم توضع خطة التقسيم موضع التنفيذ.
بعد أكثر من أربعين عاماً من الصراع المستمر، اعتُبِر إعلان الاستقلال الفلسطيني في 15 نوفمبر 1988 دعماً ضمنياً لحل الدولتين، لكونه ذكر خطة الأمم المتحدة للتقسيم لعام 1947 و "قرارات الأمم المتحدة منذ عام 1947" بشكل عام.
وقد أعرب الكثير من الفلسطينيين والإسرائيليين، وكذلك جامعة الدول العربية، عن الاستعداد للقبول بحل الدولتين على أساس اتفاقات "الهدنة" لعام 1949، والتي يشار إليها عادة باسم "حدود 1967". وفي استطلاع العام 2002 الذي أجراه البرنامج الأميركي لمواقف السياسة الدولية (PIPA)، فإنّ 72 ٪ من كل من الفلسطينيين والإسرائيليين كانوا يؤيدون حينها التوصل إلى تسوية سلمية على أساس حدود العام 1967، تقوم على أن تضمن كل طرف منهما للآخر تعاونه في صنع التنازلات الضرورية لمثل هذه التسوية.
وعقدت مؤتمرات مختلفة للتفاوض على حل الدولتين، وكان أبرزها اتفاقات "أوسلو" التي قسمت الأراضي الفلسطينية رسمياً إلى ثلاثة أقسام إدارية، وخلقت الإطار الفعلي الحالي لحدود الكيان الصهيوني السياسية مع الأراضي الفلسطينية، ناهيك عن قمّة "كامب ديفيد" عام 2000 والمفاوضات اللاحقة في طابا في يناير/كانون الثاني عام 2001. ومع ذلك، لم يتم التوصل إلى أي اتفاق نهائي في ظل المجازر الصهيونية دون توقف ضد الشعب الفلسطيني الأعزل.
إحياء للذكرى السادسة والستين لصدور قرار التقسيم الدولي 181، أجرى موقع "قناة المنار" الإلكتروني مقابلة مع الكاتب والخبير الإستراتيجي اليهودي الأميركي، الدكتور نورمان فنكلشتاين، لتسليط الضوء على أهم التطورات المتعلقة بحل الدولتين ومستقبل القضية الفلسطينية:
موقع المنار: بوصفك مختصاً وخبيراً بالشؤون الأميركية والصهيونية، هل تعتقد أن "إسرائيل" ستتمكّن في المدى المنظور أو البعيد من تحقيق حلمها باعتراف الفلسطينيين والعالم بها كدولة يهودية وديمقراطية تجمع :يهود" العالم تحت كنفها، ضمن الحدود التي ترسمها هي لنفسها؟
د. فنكلشتاين: الهدف الرئيسي لـ"إسرائيل" الآن هو التوطيد السياسي لإنجازاتها منذ توقيع اتفاق "أوسلو" في العام 1993. عملياً، هذا يعني أنها تريد ضم الكتل الاستيطانية الكبرى التي تشكل حوالي 10 في المئة من الضفة الغربية، على طول مسار الجدار الذي تبنيه. كما أنها تريد أيضا تصفية قضية اللاجئين. ولطالما كان الفلسطينيون أضعف منها سياسياً. أما من الناحية الإقليمية، ليس لديهم أي حلفاء، ولا يمتلكون القيادة ويفتقرون إلى المقاومة الشعبية على المستوى الداخلي. لذا، من الممكن تماماً أن تنجح "إسرائيل" في فرض هزيمة تاريخية على الفلسطينيين من خلال المفاوضات الحالية التي يتصدى لها وزير الخارجية الأمريكية جون كيري.
موقع المنار: هل لك أن تحدّثنا عن واقعية الفكرة التي تقول بإمكانية التعايش بين دولة يهودية صافية ودولة فلسطينية مستقلّة على أرض واحدة (فلسطين)؛ وما هي المرتكزات الموضوعية لتأكيد أو نفي هكذا طرح، من الناحيتين الفكرية والسياسية؟
د. فنكلشتاين: لقد دعا المجتمع الدولي للتوصل إلى حل للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني على أساس وجود دولتين على طول حدود عام 1967 وإلى وضع حل "عادل" لقضية اللاجئين الفلسطينيين. إذا حكمنا من خلال عدد الأصوات السنوية في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإن العالم بأسره يدعم هذه الصيغة، ما عدا الولايات المتحدة و"إسرائيل" وحفنة من الجزر في جنوب المحيط الهادئ. لا يتعلق الأمر بالفلسفة ولا يعد مسألة أخلاقية حتى؛ بل هي مسألة سياسية بحتة على الرغم من أنها مدعومة بقوة القانون الدولي. لا أرى أي أساس سياسي لأي حل آخر للصراع، لأنه لا يوجد حل آخر يحظى بدعم سياسي كبير في العالم.
موقع المنار: بعد كلّ ما جرى ويجري في المنطقة، هل تعتقد بأن الكيان اليهودي العنصري الذي يعيش في أفضل وضع بالنسبة إليه منذ قيامه في العام 1948، صار آمناً بالمطلق في بيئة غير مستقرّة، وتتوالد فيها النزاعات كالفطر، تماماً كما كان يحلم ويخطّط مؤسّسو وقادة هذا الكيان منذ عقود؟!
د. فنكلشتاين: لا يمكن التشكيك بأمن الوجود السياسي لـ"إسرائيل" في المستقبل المنظور. فهي مزدهرة اقتصاديا ولا تواجه أي تهديدات عسكرية كبيرة؛ ولا طائل اليوم من استشراف المستقبل. لقد عشت طويلا بما يكفي لرؤية سقوط الاتحاد السوفياتي، ونهاية الفصل العنصري، وشهدت على انتخاب رجل أسود رئيساً في الولايات المتحدة. المستقبل مليء بالمفاجآت، ومعظمها لا يمكن التنبؤ به.
موقع المنار: على المستوى الشخصي، أين أصبحت المواجهة القائمة بينكم وبين اللوبي الصهيوني على خلفيّة كتاباتكم وأفكاركم المعادية للصهيونية والمؤيّدة لخطّ المقاومة في المنطقة؟
د. فنكلشتاين: بقيت بسبب هذه المسألة عاطلاً من العمل في السنوات السبع الماضية. لم يكن الأمر سهلاً. ولكني سأُتم عامي الستين بعد بضعة أسابيع، وهذا يعني أني عشت أطول بكثير من المعدّل العمري للفرد العادي في القارّة الأفريقية. لديّ سقف يأويني وغذاء على مائدتي وملابس تكسوني؛ ولهذا، أنا أدرك قيمة النعم التي بين يدي. أواصل القراءة حالياً، والتحليل والكتابة في بعض الأحيان. كما أواصل القيام بدوري الصغير حتى أجعل من العالم مكاناً أفضل.
نورمان فنكلشتاين كاتب أميركي يهودي مختص في العلوم السياسية، وبخاصة في الشؤون اليهودية والصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. حصل على شهادة الدكتوراة في العلوم السياسية من جامعة برنستون في الولايات المتحدة، وعمل في عدد من الكليّات والجامعات الأميركية.