لن تكون لدينا الخفّة التي تجعلنا ننتظر مؤتمراً صحافياً مباشراً للرئيس سعد الحريري أو الرئيس أمين الجميل أو الدكتور سمير جعجع أو أي من شخصيات 14 آذار
ابراهيم الامين
لن تكون لدينا الخفّة التي تجعلنا ننتظر مؤتمراً صحافياً مباشراً للرئيس سعد الحريري أو الرئيس أمين الجميل أو الدكتور سمير جعجع أو أي من شخصيات 14 آذار، ولن تكون لدينا الخفّة لننتظر بثّاً مباشراً على قنوات موالية للحريري ولفريق 14 آذار، ولن تكون لدينا الخفّة لنرى مانشيت «النهار» أو «الحياة» أو «الشرق الأوسط»... ولا تقارير خاصة على «العربية» أو «الجزيرة»، ولا عجقة مراسلين أجانب، ولا جمعيات حقوق الإنسان، ولا جمعيات الحريات العامة...
لن تكون لدينا الخفّة لننتظر من كل هؤلاء أن يقفوا ويصرخوا بوجه قَتَلة وزعران قرروا استباحة دماء مواطنين أبرياء في طرابلس. يبحثون عنهم بين العمال وداخل المتاجر، وعند الزوايا وعلى أبواب الأفران، ويساعدهم مخبرون يتقاضون رواتبهم من أجهزة أمنية رسمية، ويلحق بهم طلاب المدارس الدينية التكفيرية التي تموّلها دار الفتوى، أو السعودية أو أي مؤسسة دينية بارزة في الإقليم والعالم.
لن ننتظر مفاجأة من نوع أن يقف مصطفى علوش وسط طرابلس يحمي بصدره أولاد أخواله، ولا أن يقف أشرف ريفي يحمي بصدره عناصر من الدرك خدموا تحت إمرته وقتاً طويلاً، ولن ننتظر من سمير الجسر ولا مصباح الأحدب ولا بقية «الشلة» أن يحموا بصدورهم شباناً عملوا في بيوتهم ومكاتبهم وشركاتهم.
لن ننتظر أيضاً أن تقوم استخبارات الجيش اللبناني بمطاردة حيّة ونارية للقَتَلة والزعران، ولن نتوقع أن تقوم مجموعات من فرع المعلومات بدهم منازل أو أوكار حيث يعيش هؤلاء، ولن نتوقع أن يخرج أحد ليقف بوجه شلل ترقص حول الضحية بعد إطلاق النار عليها، تحتفل بأصوات عالية، وتستخدم اسم الله بدايةً ونهاية.
لكن، يبدو أنه ليس علينا انتظار انتفاضة من الرئيس عمر كرامي، أو نجله الوزير فيصل، أو أنصار العائلة الوطنية الكبيرة، ويبدو أنه ليس علينا انتظار آل شعبان وأنصارهم، وبقية الشخصيات والقوى الطرابلسية، التي تركض حاجبة النظر عن هذه الجريمة، وهي التي تردد طوال الوقت: أُكلنا يوم أُكل الثور الأبيض!
لكن، هل لنا من عنوان نتوجه إليه في هذه المدينة؟ أليس هناك العشرات والمئات والآلاف الذين نزلوا مراراً إلى الساحات والشوارع «حبّاً بالحياة»، رافضين وصاية سياسية أو عسكرية أو أمنية من أحد؟
أليس هؤلاء هم الذين يدّعون في غير مناسبة أنهم يريدون تطويق المدينة بالورد والزهور، كي لا تحترق بنار أبنائها؟ أليس هؤلاء هم الذين يقولون إن أشغالهم وتجارتهم ومدارس وجامعات أولادهم تتأثر سلباً وتتراجع بسبب هجمة الزعران على المدينة؟
أليس بين هؤلاء حشود تنضوي في جمعيات تطلق على نفسها «المجتمع المدني»، وهي تهتم بحقوق المرأة وحقوق الطفل وحق المساواة في كل شيء، لكنها لا تحرك ساكناً أمام مشهد القتل القائم والمستمر دونما سؤال؟
إلى مَن نتوجه، إلى مفتي الجمهورية الذي لا نعرف ماذا يفعل اليوم؟ أم إلى مشايخ وأمراء دين وحرب يفتون ويقررون ويعلنون الحرب والهدنة ثم الحرب دونما حسيب أو رقيب؟ أم إلى شخصيات عامة لها تأثيرها على شباب ومراهقين الله وحده الذي يعلم إن كانوا يدرون ماذا يفعلون؟
الأكيد أن السؤال أو الصرخة يجب أن تكون إلى الأبناء الطيبين في المدينة، إلى الذين يعرفون الخير من الشر، والحلال من الحرام، ويعرفون أن أحداً لا يقدر أن يعيش بعمر غيره، إلى هؤلاء الذين عليهم دفع الثمن في كل مرة، وهم فعلوا ذلك مراراً ومراراً ومراراً...
إلى هؤلاء نتوجه: خلال استقبال الملك السعودي للرئيس ميشال سليمان بحضور القائد الفذّ سعد الحريري، قال الأخير إن السلاح في طرابلس سوف يكون محميّاً وعليه كل الغطاء، ولن تنجح لا خطة أمنية ولا ما يحزنون، وسوف يظل هذا السلاح حتى يقبل حزب الله نزع سلاحه!
هؤلاء الذين يبقون أحراراً في خياراتهم السياسية والشخصية، عليهم أن يدركوا أنه ليس لأحد في لبنان القدرة على غزوكم، ولا على تخليصكم من هذه العصابات، ولا يقدر أحد على إجبار الدولة على أن تحضر بقوة وجدية بين بيوتكم ومتاجركم...
لكن عليكم أن تدركوا أن موجة القتل جارية باسم أو من دونه، بعنوان أو من دونه، وأن هذه العصابات تعيش على الدماء، وعندما لا يبقى جار من الجبل موجوداً لتحويله مهدافاً، سوف ينتقلون إلى داخل المدينة، وسوف يجعلون من كل منكم مهدافاً ومن كل منزل هدفاً، ومن كل متجر مورداً يأكلونه ثم يحرقونه.
إنّ مَن لا يقول ما يجب أن يقال في وقف القَتَلة وزعيمهم سعد الحريري، عليه أن لا يرفع الصوت عندما يغيّر المجرم وجهة السكين!
http://www.al-akhbar.com/node/196064
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه