ليس بندر بن سلطان من يقرر مصير المعركة التي وعد الغرب بحسمها في ريف دمشق وقبله في ريف حلب، وما حصل في الأسبوع الماضي في الغوطة الشرقية دليل واضح أن زمام المبادرة الهجومية انتقل الى الجيش السوري
ليس بندر بن سلطان من يقرر مصير المعركة التي وعد الغرب بحسمها في ريف دمشق وقبله في ريف حلب، وما حصل في الأسبوع الماضي في الغوطة الشرقية دليل واضح أن زمام المبادرة الهجومية انتقل بشكل كامل الى الجيش السوري وحلفائه الذين تمكنوا من استيعاب الهجوم الكبير الذي شنَّه المسلحون في ريف دمشق بداية الأسبوع الماضي، وانتقلوا الى الهجوم المضاد يوم الأربعاء أي بعد ثلاثة أيام من الهجوم المباغت الذي نفذه آلاف المسلحين الاتين من الغوطة الشرقية من جهتين، الأولى من القرى المحاصرة داخل الغوطة ، والجهة الثانية من خارج الغوطة مدعومين بحوالي 1500 مقاتل فارين من "سبينة، حجيرة، غربة" بعدما حررها الجيش السوري في شهر أيلول/سبتمبر الماضي، فيما تبدو الاخبار عن مجيء هؤلاء المسلحين من الأردن مبالغ فيها.
وتعتبر الغوطة الدمشقية مركز وجود كبير للمسلحين السعوديين منذ الإعلان عن إنشاء ما يسمى بـ"جيش الإسلام" بقيادة زهران علوش تزامنا مع الإعلان عن إنشاء "داعش" في الشمال ، وذلك نتيجة معركة القصير التي جعلت بندر بن سلطان يتخوف من سيطرة الجيش السوري وحلفائه على حلب وعلى ريف دمشق، ومحاولة توحيد البندقية المعارضة عبر تشكيل "داعش" و"جيش الإسلام". ويبدو ان مشروعه نجح في الريف الدمشقي بعض الشيء ، فيما فشل في الشمال لأسباب عديدة منها وجود "لواء التوحيد" ورفض تركيا الغاء هذا اللواء التابع لجماعة الإخوان المسلمين لمصلحة "داعش"، وكان بندر قال للمسؤولين الفرنسيين في زيارة قام بها الى باريس في حزيران/يونيو الماضي، بعد ايام من تحرير القصير، "يجب منع حزب الله من السيطرة على حلب كما سيطر على القصير".
وقد استعاد الجيش السوري وحلفائه في هجومهم المضاد، غالبية القرى والبلدات التي دخلها آلاف المسلحين الأجانب والسوريين، بل أن الجيش وحلفاءه تمكنوا عبر الهجوم المضاد الذي بدأ صبيحة الأربعاء قبل الماضي من السيطرة على قرى جديدة منها "القاسمية والزمانية" في الغوطة الشرقية، بينما أحكم الحصار على مئات المسلحين في منطقة خالية من السكان تقع بين "قاس وجربا".
كان هجوم الأسبوع الماضي عملية انتحار جماعي بامتياز، تم استيعاب نتائجها على الفور من قبل الجيش وحلفائه الذين جعلوا من مداخل "العتيبة" مقبرة جماعية لمئات المسلحين. فقد ابيدت كامل القوة المهاجمة التي تمكنت من الوصل الى مشارف "حران العواميد" بعدما قامت بعملية التفاف حول "العتيبة"، وانتهت عملية هجوم مأساوية، دفعت اليها على عجل المخابرات السعودية التي يستعجل رئيسها تحقيق نصر ميداني يمكنه من خلاله عرقلة التقارب الغربي الايراني ، وتعطيل أية عملية حل في سوريا.
بعد النجاح في استيعاب الهجوم المباغت وأثاره الميدانية والمعنوية ، عكفت قيادة الجيش السوري بالاشتراك مع الحلفاء على دراسة الاهداف الاستراتيجية لهجوم الاسبوع الماضي، وكانت النتيجة تشير الى ان الهجوم هدف بالدرجة الأولى للسيطرة على مطار دمشق الدولي أو تعطيله في عملية عسكرية هدفها الأول إعلامي ونفسي يهدف الى فرض حصار امر واقع على مدينة دمشق حيث يعتبر المطار متنفسا اساسيا للدولة السورية خلال هذه الفترة.
فور الوصول الى هذا الاستنتاج، بدأت عملية سريعة لتحصين الحماية حول مطار دمشق الدولي عبر وضع قوات من النخبة لدى الطرفين حول المطار وفي المناطق المحيطة به، بينما يتم التحضير في المناطق الاخرى من الغوطة الشرقية لعملية عسكرية كبيرة وحاسمة تهدف الى القضاء على وجود المعارضة المسلحة في الغوطة الشرقية ومن ثم كامل الريف الدمشقي، وهذه المعركة الوشيكة سوف تنهي الامل السعودي في فرض اي شرط في أية تسوية مقبلة حول سوريا .
وتشير مصادر ميدانية الى أن خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الاخير والذي شنَّ فيه هجوما قويا على السعودية أتى على خلفية وجود معلومات مؤكدة عن المسؤولية المباشرة للسعودية عن انفجار السفارة الايرانية في بيروت وفي الهجوم على الغوطة الشرقية في ريف دمشق. وتلفت المصادر الى ان ما قاله السيد نصرالله حول فترة الصدام العسكري من الان حتى 22 كانون الثاني/يناير المقبل موعد عقد جنيف 2 بمثابة الإعلان المباشر عن قرار الحسم في الريف الدمشقي، في وقت تثار شكوك جدية عن تنسيق امني سعودي اسرائيلي جدي في عملية اغتيال القائد البارز في حزب الله الحاج حسان اللقيس في ضاحية بيروت الجنوبية بعد ساعة واحدة من انتهاء أمين عام حزب الله من خطابه المذكور.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه