الجرائم التكفيرية ضدّ الإسلام في سورية تتصاعد، والسنة والشيعة متشاركون في رفضها
كتب: د. فرنكلين لامب
ترجمة: زينب عبدالله
دمشق
الجرائم التكفيرية ضدّ الإسلام في سورية تتصاعد، والسنة والشيعة متشاركون في رفضها
التقارير الآتية من سورية، وبشكل متصاعد من جميع المناطق، بما فيها حلب والقلمون والرقّة، تكشف عن الجرائم الضخمة المرتكبة ضدّ الشعب السوريّ باسم الإسلام من المناطق الواقعة تحت سيطرة التكفيريين.
وقد أشار تقرير سنوي صدر مؤخراً عن وكالة استخبارات ألمانيّة محلّيّة إلى أن السلفيّة هي الحركة الإسلامية الأكثر سرعةً في النمو في سورية. واستناداً إلى مقابلات أجريتها في دمشق مؤخّراً، فمن الواضح أنّ التيّار السلفي السائد، إلى جانب تركيزه على الإلتزام بمبادئ القرآن ومعايير التصرّف الصحيح تجاه الإنسانية، قد تمّ تدميره في الجمهورية العربية السورية بفعل قوىً منظّمة خارج البلاد.
والمنهجيّة السلفيّة، أو بالأحرى التيار السلفي، الذي لطالما لقي احتراماً بين العلماء المسلمين على مرّ التاريخ، هي مدرسة من مدارس الفكر الإسلامي ضمن مجتمع المسلمين السنّة، وتأتي تسميتها نسبةً لـ "السَلَف" وفقاً للمسلمين القدماء الذين يُعتبرون نماذجاً لتطبيق الإسلام. وقد أصبحت السلفيّة معروفة على نطاق واسع بين المسلمين فقط منذ ستينيات القرن الماضي، علماً أنّ بعضهم قد نسبوا هذه الظاهرة إلى الإحتلال الصهيوني لفلسطين وغيره من مشاريع السيطرة الغربية التي قادت إلى إعادة النظر في بعض التفسيرات المزعومة للإسلام التي كانت سائدة في الفترات التي كان الإسلام مهدّداً خلالها. والسلفيّة تمثّل لأتباعها التفسير الحرفيّ والصارم والمتزمّت للقرآن. وفي الغرب بشكل خاص، وفي سورية بشكل متزايد، يتبنّى بعض التكفيريين الجهاد العنيف ضدّ عامة الشعب، حتى ولو كانوا من المدنيين المسلمين، على أنّه تعبير مشروع للدفاع عن الإسلام.
وبالرغم من أنّ السلفيين يعتبرون أنفسهم من المسلمين السنّة، يعتبر بعض العلماء الذين قابلتهم في الجامع الأموي بدمشق وبعض الشيوخ السنّة في دمشق، أنّ السلفيين ينتمون إلى طائفة فريدة من نوعها، وبذلك فهم بعيدون كلّ البعد عن التعاليم القرآنية والأعمال التقليدية للمسلمين السنّة. وفي هذا السياق أشار أحد أساتذة الدراسات الإسلامية، وقد تكون وجهة نظر أقلّية، إلى أنّ السلفيين والوهابيين متشابهان بشكل أساسي. وأساس هذا الإدعاء هو أنّ السلفيين لا يعترفون بأيّ من المدارس الأربع التي يتبعها المسلمون السنة ولا يتبعونها. وهم بدل ذلك لديهم معتقداتهم وقوانينهم الخاصّة، وقادتهم وأنظمتهم الإجتماعية الخاصة، ويمارسون الدين من خلال أعمكال متطرّفة صارمة مرفوضة على نطاق واسع، وهم إلى ذلك يرتكبون الجرائم ضدّ المدنيين، بما فيهم المسلمين الآخرين، لأسباب سياسية وماليّة.
وإحدى المجموعات السلفية الناشئة في سورية، إلى جانب أكثر من ألف مجموعة غيرها تتنافس على جمع السلاح والمقاتلين، هي الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروفة باسم "داعش". وقد ظهرت "داعش" على الساحة منذ وقت ليس ببعيد، منذ أقلّ من سنة. ويعتقد المراقبون أنها أتت عبر العراق بتمويلات ضخمة من السعودية وقطر وتركيا، وقد سهّلت الأخيرة مسألة التسليح والمعدّات، فضلاً عن الوصول إلى الشمال السوري عبر الحدود التركية. وقد تضخّم عدد الأفراد المنتمين إلى "داعش" ذلك أنها تدفع لمجنّديها حوالى أربعة أضعاف الحدّ المدفوع هنا في سورية، أو حوالى 500$ شهريّاص وذلك في سياق منافستها مع جبهة النصرة وغيرها من المجموعات لتفرض بعضاً من تفسيراتها العجيبة لتعاليم الإسلام.
وقد غرقت دمشق بالقصص القادمة من المناطق التي تسيطر عليها "داعش" في محيط حلب والأماكن الأخرى بجعبة مليئة بالفتاوى والأوامر المكتوبة على جدران المناطق التي من المتوقّع أن تكون واقعة تحت سيطرة السلفيين. وبحسب التقارير الصادرة مؤخّراً، التي تمّ تأكيد معظمها من جانب العلماء المسلمين والشيوخ السنّة في المساجد الدمشقية، فهي تعمل بوحشيّة لفرض إرادتها على المدنيين. وقد أجرت طالبة حقوق سنّيّة في كلية الحقوق بجامعة دمشق بحوثاً منذ عدّة أسابيع حول الموضو نفسه وأوردت أمثلةً عن انتشار السلفيّين واصفةً إيّاه بأنه: "هجوم مجنون ومباشر على الإسلام من خلال أفعال جرمية تتعارض مع الإسلام والديانات السماوية الأخرى".
وبتاريخ 27 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2013 أخبرتني شابّة وصلت إلى فندق "داما روز" بأنّه وحاليّاً في أجزاء من الرقّة وحلب وغيرهما من المناطق الواقعة تحت سيطرة "داعش"، إذا اشتهى رجل من "داعش" سيارة أحدهم أو زوجته، فعليه أن يقول "الله أكبر" ثلاث مرّات فتصبح الملكيّة الشخصيّة أو المرأة المستهدفة ملكاً له، وأنّ الرجل يستطيع أن يضرب زوجته أو يغتصبها من دون أن يُعاقَب. ومن الواضح أنّ هذه الفتوى تتسبّب بكثير من المشاكل الحقيقية في نطاق "داعش" وغيرها من الميليشيات المتأثّرة، وخصوصاً في الرقة وحلب. والشابّة التي تنتمي إلى عائلة دمشقية سنّية مرموقة تنقل أنّ أفراد "داعش" يأخذون حاليّاً الغاز والنفط والخبز متى أرادوا من القرى التي لا يسيطرون عليها ليتمّ توزيعها على أفرادهم المكوّنين من حوالى 5000 فرد، والعدد آخذ بالإرتفاع بحسب ما يتمّ التداول به. وأيضاً بحسب تقارير متلفزة عُرضت مؤخّراً، فبات من المسموح الآن لأفراد "داعش" اغتصاب أيّ امرأة ليست مسلمة، فضلاً عن النساء المسلمات اللواتي يؤيّدن حكومة الأسد.
ومن الأعمال التي يقوم بها السلفيّون المنتشرون في سورية، على سبيل المثال لا الحصر، نذكر ما يلي:
الإناث في المناطق التي تسيطر عليها "داعش" في حلب والمناطق الأخرى لا يمكنهنّ ارتداء سراويل "الجينز" والسترات وعليهنّ أن يرتدين فقط اللباس الإسلامي وهو العباءة والبرقع مع منعهنّ من وضع مساحيق التجميل، وحالياً، أي منذ أسبوعين اثنين، لا يمكنهنّ مغادرة منازلهنّ من دون أن يرافقهنّ رجلٌ. وبعض النساء في أجزاء من حلب والرقة يصفون الأحياء التي يعيشون فيها وكأنها "تورا بورا" الأفغانية، في مقارنة بين القمع الذي تماؤسه حركة "طالبان" وبين معاملة السلفيين للنساء.
ومنذ 15 تشرين الثاني/ نوفمبر، 2013، يتمّ منع الرجال والنساء بالقوّة من تدخين السجائر والنرجيلة في بعض القرى.
وقد تمّ إغلاق بعض محالّ الحلّاقين لمنع تقصير الشعر والقصّات "العصرية". وقد تمّ منع مشابك الشعر أيضاً لصغار السنّ.
وهو ممنوع الآن في المناطق الواقعة تحت سيطرة "داعش" إظهار أيّ إشارة أو إعلان للمساحيق التجميلية ومنتجات العناية بالبشرة في صالونات الحلاقة النسائية. أما المخالفون فهم عرضة لجزية مقدارها 70 جلدة. وأيّ مصلحة توظّف النساء فيجب أن يكون لديها مناوبتان، واحدة للرجال والثانية للموظفات فقط.
ولا يمكن إظهار أيّ من ملابس النساء في واجهات المحالّ. ومحالّ الخياطين يجب أن تغلق أبوابها بوجه الرجال بوجود النساء إلى أن يغادرن. ولطالما منعت ميليشيا "داعش" النساء من الرعاية الطبية من قبل الأطباء الذكور. وقد وضعت "داعش" مؤخّراً حيّز التنفيذ منع النساء من زيارة الأطباء من كلا الجنسين وليس من المسموح أن تستخدم المرأة تقويم الأسنان لأن الأسنان المستقيمة قد تجذب الرجال، وفي كلّ الأحوال فإن أجسادهنّ هي تحت إشراف أزواجهنّ أو آبائهنّ فقط.
فرنكلين لامب حالياً معيّن كأستاذ زائر في القانون الدولي في كليّة الحقوق بجامعة دمشق للعام الدراسي 2013/2014. وهو متطوّع في برنامج صبرا وشاتيلا للمنح التعليمية (sssp-lb.com) ويمكنكم التواصل معه على بريده الإلكتروني fplamb@gmail.com
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه