حسم رئيس الجمهورية، ميشال سليمان، أمره إلى جانب قوى 14 آذار بعد اضمحلال احتمالات التمديد له في سدة الرئاسة، وبالتالي تتخوّف قوى 8 آذار من خطوة غير محسوبة لتشكيل حكومة أمر واقع.
حسم رئيس الجمهورية، ميشال سليمان، أمره إلى جانب قوى 14 آذار بعد اضمحلال احتمالات التمديد له في سدة الرئاسة، وبالتالي تتخوّف قوى 8 آذار من خطوة غير محسوبة لتشكيل حكومة أمر واقع.
لم يحجب الهدوء الأمني الذي عاشته طرابلس في عطلة الأسبوع أن المدينة لا تزال تعيش تحت وطأة التوترات السياسية التي أرخت بثقلها في الأيام الأخيرة على وقع تولي الجيش اللبناني مهمة حفظ الأمن فيها. لكن بقدر ما أثار الهدوء الأمني ارتياحاً لأنه يعيد طرابلس الى حياتها الطبيعية التي يستحقها أهلها، بقدر ما أثار الريبة سكوت القوى السياسية على اختلافها عن عدم شمول القرار الذي أصدره رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي بعد الاجتماع الثلاثي الذي عقد في بعبدا الأسبوع الماضي إمرة الجيش على كل الأجهزة الأمنية، ورفض فرع المعلومات تحديداً هذه الإمرة.
فالمعلومات التي نشرتها «الأخبار» السبت الماضي كان يفترض أن تدفع رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى إعلان موقف ما وكذلك الوزراء المعنيين؛ ومنهم وزيرا الدفاع والداخلية. أما القوى السياسية التي تدلي عادة بدلوها في كل شاردة وواردة، من كتلة التغيير والإصلاح الى كتلة التنمية والتحرير ومسؤولي حزب الله والمستقبل والكتائب والقوات اللبنانية وجبهة النضال وغيرها من القوى النيابية، فسكتت عن تجاوز الأجهزة الأمنية قراراً يفترض أن يكون قد اتخذه رئيس الجمهورية بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة.
والمشكلة تتعدى تجاوز القوانين وتحكّم فرع المعلومات بتغيير قرار رئاسي لأنه حين تصبح الخشية على طرابلس مرة ثانية وثالثة ورابعة من أن تندلع مجدداً الاشتباكات على محاور التماس فيها، فمن يمكن أن يصدّق من المواطنين الطرابلسيين أي مقررات قد تصدر عن اجتماعات مماثلة تحصل في بعبدا أو غيرها لتعيد الأمن الى مدينتهم. ومن يمكن أن يصدق أن القوى السياسية حريصة على أمن طرابلس حين تسكت من دون مبرر عن قرار ناقص بتكليف الجيش حفظ الأمن في طرابلس ستة أشهر، من دون أن تكون له الإمرة على أي جهاز أمني واستخباراتي يعمل في المدينة. إلا إذا كان هدف الجميع التحضير للجولة الـ ١٩ من أحداث طرابلس.
وفي هذا الإطار، أكّد مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار أن جهازاً أمنياً رسمياً «يغطي من يقومون بالاعتداءات في طرابلس». وشدد في مقابلة مع قناة «الجديد» أمس على أنه «لا يجوز أن يكون هناك مطلق غطاء لأي مجرم أو معتدٍ أو مخلٍ بالأمن، وأي غطاء يوفر من قبل أي مرجع أياً كان، سياسياً أو حزبياً، فيجب على الجيش والقائمين على الأمن أن يعلنوا ذلك ليدرك المواطنون الخطر المحيط بهم واليد الشريرة التي تريد لبلدهم شراً».
الرئاسة والحكومة
على صعيد آخر، وبعدما قضى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في إطلالته الأخيرة، على الآمال المتبقية لدى رئيس الجمهورية ميشال سليمان باحتمال التمديد له، باتت قوى 8 آذار على اقتناع بأن سليمان حسم أمره إلى جانب قوى 14 آذار، مع ما يترتب على هذا الاصطفاف العلني الجديد لسليمان من جملة مسائل. وبات وارداً برأي 8 آذار أيضاً، أن يجنح رئيس الجمهورية باتجاه ما كان قد عارض فعله سابقاً، أي تشكيل حكومة أمر واقع من قوى 14 آذار مع استحالة حصولها على ثقة المجلس النيابي، بسبب موقف النائب وليد جنبلاط الواضح من رفض حكومة الأمر الواقع.
وتشير مصادر بارزة في 8 آذار، إلى أن الرئيس نبيه برّي استبق أي بحث بإمكانية ذهاب سليمان وفريقه السياسي الجديد إلى خيار حكومة الأمر الواقع غير الحاصلة على ثقة المجلس النيابي، مؤكّداً أن هكذا حكومة لا يمكن أن ترث صلاحيات رئاسة الجمهورية في حال عدم انتخاب رئيس في الموعد المحدد، وسيدخل البلد في الفراغ الكلي.
فنيش يحذّر
من جهته، أكد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش، أن «حكومة الأمر الواقع لن تحوز ثقة المجلس النيابي»، وأن «اللجوء إلى حكومة أمر واقع لا تحوز ثقة المجلس النيابي من الناحية الدستورية لا يمكنها أن تمارس صلاحية رئاسة الجمهورية»، مشيراً إلى أن هذا «لا يعني التمسك بالبقاء الحكومي». ودعا فنيش إلى «الاستفادة من الوقت المتبقي للقبول بصيغة 9 + 9 + 6 لأنه لا يوجد فيها غلبة أو إلغاء لأحد، بل فيها تحقيق لمبدأ الشراكة».
كذلك دعا النائبان قاسم هاشم وميشال موسى إلى «تفعيل الحكومة الحالية». وقال هاشم: «إن لم يكن بالإمكان الوصول إلى حكومة جديدة، فلا بد من إعادة تفعيل عمل الحكومة الحالية لتأخذ دورها لأن مصلحة الناس فوق القوانين والدساتير».
من جهته، حذر النائب نواف الموسوي من أن «نضيع عن معرفة العدو، وأن من اغتال حسان اللقيس هو العدو الإسرائيلي الذي لاحقه لسنوات طويلة حتى كتبت له الشهادة»، مشيراً إلى أنه «منذ اللحظة الأولى لاستشهاده، هناك من سعى إلى تصوير هذا الاستشهاد على أنه في سياق فتنة مذهبية». وأشار الموسوي إلى أن عملية الاغتيال «لا تجعلنا بأي حال نستعظم القدرات الإسرائيلية، وأن الإلمام بمعطيات عملية الاغتيال يوضح الحجم المحدود للقدرات الأمنية الإسرائيلية، فلذلك ينبغي على كل واحد منا أن لا يقع أسيراً للشعور بهول هذه القوة وبفائقيتها بما يجعلنا نسقط في الوهم الذي بددناه من قبل». وأكد الموسوي أنه «يستوجب مواجهة الخطر التكفيري من حيث ينطلق، ولكن هناك أشخاص في لبنان لديهم رؤية أخرى، فالحل لهذا يكون بالذهاب إلى الحوار للتوصل إلى استراتيجية موحدة».
الراعي وباسيل وراهبات معلولا
من جهة ثانية، ناشد البطريرك بشارة الراعي «مندوبي الأمم المتحدة التدخل من أجل إرجاع الراهبات إلى ديرهن أو إلى دير آخر». وقال الراعي إن الدول المعنية بالحرب في سوريا «مطالبة بالعمل الجدي للإفراج عن المطرانين يوحنا إبراهيم وبولس اليازجي، والكهنة الثلاثة: الأب ميشال كيال من كنيسة الأرمن الكاثوليك، والأب إسحق (ماهر) محفوض من كنيسة الروم الأرثوذكس، والأب اليسوعي باولو المخطوفين منذ ما بين ثمانية وتسعة أشهر، باسم كرامة الإنسان وحقوقه الأساسية، التي تنادي بها هذه الدول، إلا إذا كانت هذه مجرد شعارات لتبرير الحروب».
وكذلك طالب نائب رئيس المجلس الأعلى لطائفة الروم الملكيين الكاثوليك المتروبوليت يوحنا حداد بإطلاق سراح راهبات دير معلولا في سوريا، كما ناشد المعنيين الإسراع في إطلاق سراح المطارنة.
ودعا بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام الى تسليم الراهبات الى بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر يازجي. وفي حديث إلى «الجديد»، أمل لحّام «ألا يطول زمن احتجازهن (...) لدينا خبرات سلبية بقضية المطرانين والكهنة الذين خطفوا»، مضيفاً: «أصبح الخطف ابتزازاً ومصدراً للمال»، قائلاً: «كفانا إرهاباً وقلة احترام لحياة الإنسان».
واعتبر وزير الطاقة والمياه جبران باسيل أن «ما يحدث في معلولا من أعمال تخريب يؤثر على المسيحيين في لبنان وفي العالم... وردات الفعل على الصعيد اللبناني والمشرقي والعالمي ليست كافية». وأكد باسيل أنه يجب العمل على «تشكيل وفد يزور الدول الداعمة للجماعات الإرهابية لوضعها أمام مسؤولياتها، كما يجب أن تكون هناك خطوات تصعيدية حتى الوصول إلى تحقيق الهدف»، وأن «حجم هذا الموضوع يتطلب منا وحدة مسيحية مشرقية ولا يتحمل انقساماً عليه».
توقيف سوريين في البقاع
أمنياً، أوقف عناصر من الجيش اللبناني في محلة وادي حميد في بلدة عرسال البقاعية في غضون يوم واحد سبعة سوريين، بينهم امرأة، في حوزتهم أسلحة. وأوضح مصدر أمني لـ«الأخبار» أن عناصر الحاجز «أوقفوا اليوم (أمس) أربعة سوريين، بينهم امرأة، يحاولون دخول الأراضي اللبنانية بسيارة من نوع كيا، لون فضي، من دون لوحات، وقد ضبط بحوزتهم أربعة رشاشات من نوع كلاشينكوف، ورمانات يدوية وذخائر وأعتدة عسكرية، بالإضافة إلى عبوتين ناسفتين، ومبلغاً من المال من الريالات السعودية». وأوقف عناصر الحاجز نفسه ليل أول من أمس «ثلاثة سوريين يحاولون الخروج من الأراضي اللبنانية باتجاه بلدة قارة السورية». ولفت المصدر إلى أنه «ضبط بحوزتهم أسلحة خفيفة وأجهزة اتصال فقط».
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه