ويعرض الفيلم جانباً من الاتفاق الذي تم بين بريطانيا العظمى والسلطان عبد العزيز، وقتها، وكيف تم دعمه بالمال والسلاح للقضاء على سلطة آل الرشيد، التي حكمت الرياض في ذلك الوقت، تمهيدا لاحتلال المنطقة
أثار فيلم "ملك الرمال" للمخرج السوري نجدة أنزور جدلا كبيرا قبل سنة من عرضه، ووصل ذروته الان بإطلاق شارة البدء بعرضه في صالات سوريا. وكشف الأمير طلال بن عبدالعزيز، رئيس برنامج الخليج العربي للتنمية، وهو احد ابناء الملك عبد العزيز، عن سعيه للتوسط لدى الرئيس بشار الأسد من أجل إيقاف عرض الفيلم.
والفيلم يجسد خمسين عاما من سيرة الملك عبد العزيز آل سعود من منفاه في مدينة الكويت إلى عودته للرياض. ويعرض الفيلم جانباً من الاتفاق الذي تم بين بريطانيا العظمى والسلطان عبد العزيز، وقتها، وكيف تم دعمه بالمال والسلاح للقضاء على سلطة آل الرشيد، التي حكمت الرياض في ذلك الوقت، والتخلص من العثمانيين تمهيداً لاحتلال المنطقة وبسط نفوذ الغرب عليها، وصولا الى اتفاقية (سايكس ـ بيكو) بين بريطانيا وفرنسا لتقاسم النفوذ في المنطقة.
وقد عرض الفيلم للمرة الأولى في الحادي عشر من ايلول /سبتمبر الماضي بحي ‘هاي ماركت’ وسط لندن، ووجهت الجهات السعودية انتقادات شديدة للفيلم الذي احيط إنتاجة بسرية تامة. و’ملك الرمال’ هو فيلم تاريخي ناطق بالانكليزية، من اخراج المخرج السوري نجدة انزور، وبطولة الإيطاليين ماركو فوشي الذي يجسد دور الملك في شبابه، وفابيو تيستي في شيخوخته، والإنكليزي بيل فيلوز، بالإضافة إلى ممثلين من إنكلترا وتركيا وسوريا ولبنان، وعرض في ايار/ مايو 2012 في الصالات العالمية.
وتلقى المخرج السوري تهديدا بوقف عرضه من الحكومة السعودية عن طريق شركة محاماة بريطانية بسبب محتوى وسيناريو الفيلم، الذي تعتبره الاسرة السعودية الحاكمة تشويها لشخصية مؤسس الدولة السعودية.
واضطر انزور إلى طلب المساعدة من شركة محاماة بريطانية أيضا وهي (باركر جيليت) التي قامت بالرد رسمياً على رسائل الشركة لكي تحول دون منعه من العرض. وقال الامير طلال بن عبد العزيز، عبر حسابه الرسمي بموقع ‘تويتر’، انه استعان بصديق مشترك بينه وبين الرئيس بشار الأسد لمنع عرض هذا الفيلم في دمشق، متمنيا من الرئيس الأسد أن يستجيب إكراماً لشخص الملك المؤسس الذي ‘لا يمكن لسوريا وشعبها نسيان أعماله الخيرة ودعمه الدائم’، على حد تعبيره.
ويقول المخرج السوري: ان دول الخليج وضعت عوائق وخطوطاً حمراء، لا يمكن التطرق إليها ونبش صفحاتها، ما استفزني لكي أقدم هذه التجربة الفنية، التي تنفرد بكونها أول فيلم سينمائي يتحدث بصراحة متناهيةعن تاريخ المملكة السعودية، وشخصية مؤسسها عبدالعزيز آل سعود، التي استفزتني عند قراءة سيرتها الذاتية، وأنا أرى أن السعودية لها دور غامض ويؤثر على وجودنا كأحرار.
ويؤكد ‘أنزور’ أنه يعلم جيداً أن الفيلم سيسبب له ‘صداعاً شديداً’ في دول الخليج، وأنه سيتعرض للمنع من دخول هذه الدول بسببه، لكنه يقدمه كوجهة نظر ومراجعة كاملة لجزء من تاريخنا العربي، مشيراً إلى أنه ليس موجهاً ضد الشعب السعودي، لكنه يحكي عن شخصية سعودية بكل ما لها وما عليها.
ويأتي انتاج وعرض هذا الفيلم في ذروة الحرب الاعلامية بين السعودية وسوريا، ومن المتوقع ان يبقى الفيلم مثارا للخلاف والجدل الى وقت طويل باعتباره اول عمل يتحدث عن تاريخ مؤسس المملكة من منظور مختلف، ولطالما كان تناول الراحل خطا احمر دائما.