وكان لافتاً أنّ معدّة التقرير توقفت عند ما نطق به مصوّر الشريط عندما قال: «تفضلي حجة»، ليكتشف الجميع أنّ الخاطف «ليس مسيحياً»، وينتمي إلى جماعات أصولية تكفيرية!
إنها «الجزيرة» مجدداً. كرّرت القناة القطرية السيناريو عينه الذي تمثّل في مشهد أسرى مسلوبي الإرادة أمام عدسة الكاميرا في خرق فاضح لحقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية. يوم الجمعة الماضي، عرضت «الجزيرة» مقطع فيديو (4 دقائق) للراهبات اللواتي اختطفن من بلدة معلولا السورية، موضحةً أنّها «لم تتأكد من تاريخ تسجيله»، مرجحةً أن يكون «قبل يوم من العرض».
زينب حاوي / جريدة الأخبار
الباقي نعرفه، سمعناه قبلاً مع مخطوفي أعزاز. المحتجزات في مشهد مهين للإنسانية يطمئن إلى أنّهن «بخير» وينفين تعرضهن للتعذيب، وطبعاً يشكرن جلاديهم لـ«إنقاذهن» من القصف الذي طاول «دير مار تقلا». النفور لم يتجسد في هذا المشهد فحسب، بل أيضاً في القناة القطرية التي تبنّت رواية الخاطفين في ما يتعلق بـ«إنقاذهن خشية مقتلهن بنيران النظام». وكرّت سبحة تبرير الاختطاف. اعتمدت قناة «الرأي والرأي الآخر» على أخبار الوكالات الأجنبية و«النشطاء» الذين أكدوا أنّ الراهبات «مقيمات في جو مريح»!.
«تفرُّد» القناة بالشريط ليس مستغرباً بعدما كانت السباقة إلى عرض تسجيلات «القاعدة»، ولا ننسى مواكبتها لقضية المخطوفين اللبنانيين في أعزاز، وصولاً إلى أخذها الحق الحصري بتصوير مغادرتهم الأراضي التركية. شريط الراهبات تداولته سريعاً الشاشات اللبنانية قبل نشراتها الإخبارية، قبل أن تتفاوت طريقة تعاطيها معه. بعضها عرضه بشكل عادي، وبعضها الآخر أولاه اهتماماً كبيراً وافتتح نشرته به.
صحيح أن lbci بدأت نشرتها مساء السبت بتقرير عن راهبات معلولا، لكنها اكتفت بعرض معلومات عن زيارة اللواء عباس ابراهيم لقطر للتفاوض في قضية المطرانين السوريين المخطوفين وزادت عليها قصة المحتجزات. أما «الجديد»، فقد ربطت ما ظهر في الشريط بما سبق أن حصل في أعزاز: «الراهبات ظهرن في مشهد مستوحى من روايات أعزاز»، واعتبرت أنّ «المعارضة المسلحة جهدت في إظهار إنسانية مغلفة بالخدع عبر الضيافة المميزة للمخطوفات»، متناسيةً أنّها كانت جزءاً من هذا المشهد بعيد اعتقال «أبو إبراهيم» للزوار اللبنانيين.
mtv لم تكتف بعرض الشريط وإيراد المعلومات المتوافرة، بل ذهبت إلى تحليل الصور مع قائد الشرطة القضائية السابق العميد عصام أبو زكي. الأخير أكد أنّ الراهبات يتكلمن بلغة مغايرة لما يفكرن فيه؛ نظراً إلى أنّهن تحت ضغط الأسر. وكان لافتاً أنّ معدّة التقرير توقفت عند ما نطق به مصوّر الشريط عندما قال: «تفضلي حجة»، ليكتشف الجميع أنّ الخاطف «ليس مسيحياً»، وينتمي إلى جماعات أصولية تكفيرية!
otv التي أجرت سابقاً تحقيقاً ميدانياً في معلولا في أيلول (سبتمبر) الماضي، ذهبت أيضاً نحو التحليل. لكنّها ركزت على نقطة واحدة، هي اختفاء الصلبان من أعناق الراهبات، لتنهي المعدّة تقريرها بأنّ هذه الجماعات «استباحت الأرض والعرض (...) ولن تنجح في منع قرع أجراس كنائس هذا الشرق». مهما تكن القراءات لهذه الحادثة، بات ملزماً التساؤل عن «الحاضنة» التي تشكلها «الجزيرة» لهؤلاء الخاطفين وسواهم، وتبنّي خطابهم بعيداً عن أي مبدأ إنساني ــ أخلاقي بعض النظر عن الصراع السياسي.
رابط المقال في جريدة الأخبار :http://www.al-akhbar.com/node/196591