انتقل السؤال، لدى المعنيين في التحقيقات بشأن اغتيال القيادي في «حزب الله» حسان اللقيس الأسبوع الماضي، من «هل نفذ الموساد الإسرائيلي، لوجستياً، إطلاق الرصاص على اللقيس»
اللقيس لم يبدّل سيارته في الفترة الأخيرةجعفر العطار
انتقل السؤال، لدى المعنيين في التحقيقات بشأن اغتيال القيادي في «حزب الله» حسان اللقيس الأسبوع الماضي، من «هل نفذ الموساد الإسرائيلي، لوجستياً، إطلاق الرصاص على اللقيس»، إلى سؤال آخر، أكده مصدر واسع الإطلاع لـ«السفير»، أمس: «لماذا قرر الإسرائيلي اغتيال الهدف رمياً بالرصاص؟».
يجزم معنيون مطّلعون على سير التحقيقات، بفرضية مفادها أن «الموساد» تولى العملية عبر تحديد الهدف والتخطيط والإشراف، والتنفيذ ميدانياً، بينما تردد سابقاً أن «الموساد» استعان بجهات محلية هي من تولت الأمور اللوجستية فيما اقتصر دوره على الأمور المعلوماتية. وبات مؤكداً لدى المحققين أن مطلقي الرصاص هما شخصان، بينما التحقيقات تركز على معرفة عدد المشاركين في الاستطلاع والنقل وهوياتهم.
وتشير معلومات «السفير» إلى أن التحقيقات توصّلت إلى تحديد الطريق التي سلكها منفذا العملية سيراً على الأقدام: في البدء تردد أنهما سلكا شارع «سان تيريز» الأساس بسبب قربه من المبنى الذي يقطنه اللقيس، لكن المعطيات الحالية ترجّح أنهما ترجلا من سيارة ركنت عند طريق بوليفار كميل شمعون، علماً أن هذه الطريق تربطها مسافة أبعد من شارع «سان تيريز» بالباحة المطلة على موقف السيارات.
ويعمل المحققون على تفريغ محتوى الكاميرات المشرفة على البوليفار والمحيطة بالمنطقة، بغية تحليلها واستثمارها، علماً أن الكاميرا المثبتة في موقف السيارات معطّلة. وتفيد المعلومات بأن التركيز التقني حالياً يتمحور، إلى جانب عمل الكاميرات، حول رصد «داتا» الاتصالات وتحليلها: «بعد ذلك، نستطيع التوصّل إلى خيوط جدّية في شأن المسار الـــــذي سلكه المتورطون قبل تنفيذ عملية الاغتيال وبعدها»، يقول مصدر معني لـ«السفير».
وحتى الساعة، لم يتمكن أحد من المعنيين في الأجهزة الأمنية المحلية والجهات الحزبية المعنية، من معرفة السبب الأساس وراء استخدام الرصاص في عملية الاغتيال: ثمة من يقول إنها رسالة تحمل في طيّاتها تلميحات أمنية متفاوتة، وثمة من يرفض التكهّن منتظراً معرفة السبب بعد انتهاء التحقيقات.
المحققون المعنيون يقولون إن اغتيال اللقيس بدا محترفاً على الصعيد الميداني، أما في ما يتعلق بالاستطلاع فـ«الأمر ليس صعباً»: استفاد «الموساد» من ثغرة أساسية، مفادها أن اللقيس لازم منزله الثاني في الحدث مدة لا تقل عن ثلاث سنوات. من يريد اغتياله يتوجب عليه أولاً أن يحدد المكان الأكثر سهولة للاستهداف. يتبين أن اغتياله في منزله ببعلبك أكثر صعوبة من منزل الحدث. يراقب ويحدد مواعيد وصوله وخروجه والأيام الثابتة. ينتظر، ثم يحدد لحظة الصفر.
ويقول المحققون إن الإسرائيلي يستخدم أسلوب «الشبكات العنقودية» في ما يتعلق بالتعاون مع عملائه، أي يمكن أن يكلف أكثر من مستطلع واحد، ولا أحد منهم يعرف الآخر أو يدرك أن أحداً غيره يقوم بالمهمة ذاتها. وتشير معلومات «السفير» إلى أن اللقيس لم يبدّل سيارته الرباعية الدفع في الفترة الأخيرة لمدة تزيد عن عام، علماً أنه كان يلجأ إلى استخدام سيارات الأجرة في بعض الأوقات، مثل القيادي الشهيد عماد مغنية.
إلى جانب أسئلة متباينة يعمل المحققون على تفكيكها شيئاً فشيئاً، يتردد سؤال أساسي: كيف يجرؤ الإسرائيلي على المجازفة بتنفيذ عملية مماثلة لوجستياً؟ وفي حين يبدو لبعض الضباط أن الأمر مستبعد على الرغم من أن الاغتيال «محترف»، غير أن المعنيين في التحقيقات يقولون إن «المعطيات التي بحوزتنا تؤكد أن الإسرائيلي هو من أطلق الرصاص، والعمل جار على التدقيق والتحليل في بيانات المسافرين من وإلى لبنان في أيام معيّنة سواء بحراً أم جواً».
ويذكّر بعض الضباط المخضرمين بعمليات اغتيال وتجنيد عملاء سابقة، تبين بعد التحقيق في تفاصيلها، أن الإسرائيلي يستطيع الدخول والخروج من لبنان «بسهولة لا يمكن أن يصدّقها أحد»، لافتين إلى أن العميل ناصر نادر اعترف أنه تسلل من لبنان إلى فلسطين المحتلة نحو 17 مرة بغية مقـــــابلة مشغليه الإســـــرائيليين قبل اغتـــيال القيادي في «حزب الله» غالب عوالي وبعده.
التدقيق في هويّات الأشخاص الذين أرسلهم «الموساد» إلى لبنان سابقاً بعد التحرير في العام ألفين، وفق ضباط معنيين، يظهر أن غالبيتهم ليسوا إسرائيليين، ويحملون جنسيات عدة، ويستطيع الإسرائيلي أن «يجازف بهم ويتبرأ منهم إذا فشلت المهمة». أما العملاء الذين يتم استخدامهم في مهمات عدة أبرزها الاستطلاع، فليس سرّاً أنهم لبنانيون منذ أكثر من عشر سنوات.
http://www.assafir.com/Article.aspx
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه