تفشل مشاريع الوحدة والتقريب لأنها لا تتعدى قناعات النخب والعلماء، وهو ما يتطلب منا تنزيل هذه القناعات للميدان والجمهور كثقافة تتبناها مؤسسات المجتمع المدني
رغم كل الجهود المبذولة من قبل النخب على مستوى الشعوب أو على مستوى الدول في موضوع خلق مساحات مشتركة بين كافة المذاهب والأديان ضمن مشروع تقريبي ووحدوي ، إلا أن المحك الحقيقي الذي يعكس ناجعية هذه التحركات والجهود هو عند هبوب رياح الفتنة على الأمة لتنكشف لنا حقيقة مستوى الوعي الشعبي ومدى تفاعله سلبا أو إيجابا مع الفتنة .
إيمان شمس الدين
وللأسف تسقط كل المشاريع عند كل ريح فتنوية حيث ينخرط الجمهور في لعبتها متفاعلا بشكل سلبي يزيد من نيرانها اشتعالا ليصل لمستوى هدر الدماء وقتل الأبرياء على الهوية فقط لانتمائهم لمذاهب مختلفة وأديان مغايرة.
ويرجع السبب غالبا لأمرين :
- سلطة الفتوى على عقول الناس ووعيهم لمدخلية الدين القوية في حياة الإنسان ودوره في رسم خريطة وعيه وسلوكه الاجتماعي.وهو ما تمثله فتاوى التكفير.
- قدرة الاعلام على توجيه وعي الناس وفق خطط رسمها قادة الحرب وأمراء الفتنة لتتناسب مع أهدافهم وآليات تحقيقها حتى لو وصل الأمر العبور على أجساد الناس.
وضمن هذين السببين تتداخل الأدوات المستخدمة من شخصيات وافراد في المجتمع ، وللاسف تحت ضغط الارهاب الفكري والديني والاجتماعي يخضع كثير من دعاة التقريب والوحدة للغة الشارع ، فإما يلجؤوا للصمت حفاظا على حياتهم وإما يرضخوا للجمهور حفاظا على قواعدهم ومصالحهم ، والخاسر هو الاسلام والإنسان ولا عزاء للمبدأ والقيم .
إن أي حركة إصلاحية كي تحقق الهدف لابد لها من أن تقترن مع قيمة التضحية كون الاصلاح طريق ذات الشوكة ويتطلب نكران للذات، وتقديم قرابين عند أعتاب مشروع الاصلاح الذي إن كنا نخسر شهداء في سبيله إلا أننا نبني أوطانا وأمجادا تحقق لنا القدرة والقوة للاستقلال والسيادة ولبناء أمة ونهضة وحضارة.
لذلك تفشل مشاريع الوحدة والتقريب لأنها لا تتعدى قناعات النخب والعلماء، وهو ما يتطلب منا تنزيل هذه القناعات للميدان والجمهور كثقافة تتبناها مؤسسات المجتمع المدني ، ضمن ورش عمل تكون قادرة على تقديم حلول واقعية للمشاكل الميدانية والاجتماعية الناشئة عن الأزمات السياسية لقادة كل دولة، التي تستخدم الجمهور وقودا في صراعاتها لتحقيق رغباتها السياسية باستخدام الفتن المذهبية والدينية بفتاوى القتل واعلام التضليل ،للوصول لما يرغبه الساسة على دماء الناس، وهو ما يجب أن يدركه الناس كي لا يتحولوا لأدوات بأيدي الساسة ويشكلوا حصن منيع في وجه كل الفتن.
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه