واعتبر أية الله الخامنئي اتخاذ نهج الانفعال والموقف الدفاعي الصرف تجاه الهجمة الثقافية بانه الاسلوب الاسوأ والاكثر اضرارا في التعامل مع هذه الظاهرة
حذّر آية الله السيد علي خامنئي من خطورة الهجمة الثقافية الغربية، مؤكدا ضرورة مواجهة هذه الظاهرة بالحكمة والعمل المبدع، ودعا الى تكريس ثقافة "نحن قادرون" حتى تتحول ايران الى مرجع علمي ويتم بناء الحضارة الاسلامية الحديثة. جاء ذلك خلال استقبال آية الله السيد علي الخامنئي صباح اليوم الثلاثاء، رئيس وأعضاء المجلس الأعلى للثورة الثقافية في ايران، في الذكرى السنوية لتأسيس المجلس الاعلى للثورة الثقافية.
واشار سماحته الى تصريحات الشخصيات الثقافية والسياسية لمختلف الدول ومنها الدول الاوروبية حول الهجمة الثقافية الاميركية ضد سائر الثقافات واضاف، ان القضية التي حذرتُ منها قبل اعوام تحولت اليوم الى حقيقة. ولفت الإمام الخامنئي الى ان المئات من وسائل الاعلام الصوتية والمرئية والمقروءة والانترنتية في العالم والتي تهدف للتاثير على اذهان وافكار الشعب الايراني واعتبر بعض الالعاب الكومبيوترية والعاب التسلية المستوردة من ضمن الامور المروجة لسلوك ونمط الحياة الغربية في اذهان الاطفال والناشئة والشباب الايرانيين.
ورأى سماحته أن العمل والابداع اساس التصدي الحكيم لمسالة الهجمة الثقافية واكد قائلا، انه ينبغي عبر الجهد الابداعي مواجهة هذه الظاهرة حيث ان مسؤولية مؤسسة الاذاعة والتلفزيون ووزارة الثقافة والارشاد الاسلامي جسيمة جدا في هذا الصدد.
ووجه سماحته التوصية المؤكدة لوزارة الارشاد بان تضع في جدول اعمالها العمل على تشجيع تاليف الكتب وترجمة الكتب المفيدة وانتاج الافلام السينمائية الجذابة اعتمادا على الطاقات العالية في صناعة الافلام وانتاج العاب الكومبيوتر المفيدة وترويج الالعاب ذات النشاط الواسع وانتاج العاب التسلية ذات المعاني والمضامين المفيدة والجذابة.
واكد الإمام الخامنئي ضرورة الرصد والمعرفة الدقيقة للمظاهر الحديثة للهجمة الثقافية قبل دخولها الى البلاد واوضح قائلا، ان التاخر في الادراك والتحرك يخلق مشكلة لذا ينبغي التصدي للهجمة الثقافية في الوقت المناسب وبحكمة.
وفي معرض تبيينه للتصدي للهجمة الثقافية بحكمة قال سماحته، ربما يجب احيانا الحيلولة دون تغلغل الظواهر بصورة كاملة ولكن يمكن استيعاب بعض الظواهر او تعديلها احيانا. واعتبر أية الله الخامنئي اتخاذ نهج الانفعال والموقف الدفاعي الصرف تجاه الهجمة الثقافية بانه الاسلوب الاسوأ والاكثر اضرارا في التعامل مع هذه الظاهرة واضاف، ان المواقف الهجومية ضرورية ايضا في بعض الحالات ولكن على اي حال ينبغي في كل الظروف التصرف بحكمة والعمل المفعم بالفكر.
واكد سماحة الإمام في حديثه اهمية مسالة الثقافة ومكانة المجلس الاعلى للثورة الثقافية في البلاد، داعيا الى مواصلة التقدم العلمي في الجامعات وصياغة مبادئ تطور العلوم الانسانية وصون اللغة الفارسية، لتتحول ايران الى مرجع علمي ويتم بناء الحضارة الاسلامية الحديثة.
واكد سماحته بان الثقافة والقيم الثقافية تشكل هوية وروح شعب ما واضاف، ان الثقافة لا تعتبر تابعا للاقتصاد والسياسة بل ان الاقتصاد والسياسة تابعان للثقافة. ورأى سماحته أن مواجهة القضايا الثقافية التخريبية، من المسؤوليات الرقابية للحكومة واضاف، ان لنا جميعا مسؤولية شرعية وقانونية ازاء القضايا الثقافية والثقافة العامة في البلاد.
واكد بان الثقافة كانت على الدوام معتمدة على حضور الشعب واضاف، ان تفويض القضايا الثقافية للشعب لا يتعارض مع مسؤولية الرقابة والتوجيه من جانب الحكومة كما ان تواجد الدولة والحكومة في المجال الثقافي لا يعني ايضا رفض تواجد الشعب.
واشار الى بعض التصريحات اللامسؤولة الداعية للحريات الثقافية كما هي في الغرب وتساءل قائلا، انه لماذا عندما يصر الغربيون على قضايا غير معقولة ومضللة مثل الاختلاط بين الرجال والنساء بعنوان المساواة بين المراة والرجل، او نمط حياته بعنوان التقدم والحداثة، فلماذا لا نصر نحن على قيمنا الثقافية السامية؟.
واعتبر التقدم العلمي في البلاد والانجازات العلمية التي تحققت خلال العقد الاخير حقيقة مباركة اعترف بها معارضو ايران ايضا.
وقدم سماحته توصية مهمة جدا وهي ضرورة الا تصبح الجامعات لاي سبب كان ساحة تصول وتجول فيها التيارات السياسية لان هذا الامر يحول دون النمو والتقدم العلمي للبلاد، واضاف، اننا كما في السابق نعتقد بان الشاب خاصة الشاب الجامعي هو المحرك للتطورات السياسية والاجتماعية الا ان هذه القضية تختلف تماما عن مسالة تحول الجامعة الى مكان تصول وتجول فيها التيارات السياسية.
واعرب سماحته عن قلقه العميق لعدم الاهتمام الكافي باللغة الفارسية والهجمات التي تتعرض لها، وانتقد استخدام المصطلحات الاجنبية في الحالات التي توجد فيها مرادفات لها في اللغة الفارسية، داعيا المجلس الاعلى للثورة الثقافية لبذل جهود ملموسة وجادة لتقوية ونشر وترسيخ اللغة الفارسية في جميع المجالات. كما اكد ضرورة الاهتمام بنقاط الضعف الاجتماعية واسبابها الثقافية واضاف، ان معرفة الجذور ودراسة سبل الحل لقضايا مثل الطلاق والفساد المالي والجنح الاجتماعية، يجب ان تحظى باهتمام هذا المجلس.
وفي مجال القضايا الاجتماعية اعتبر الشيخوخة السكانية خطرا حقيقيا للبلاد واضاف، انه على المسؤولين الاخذ بجدية مسالة انخفاض نسبة السكان الشباب وتقديم الحلول المناسبة لها.
وتم تأسيس المجلس بأمر من الامام الخميني (قده) مؤسس الجمهورية الاسلامية العام 1980 ويرأسه رئيس الجمهورية فيما يعد احدى المؤسسات الحكومية في الجمهورية الاسلامية الايرانية.