من جديد تعود المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري والمسماة "خاصة بلبنان" الى الواجهة، وهذه المرة من بوابة تمويلها.
من جديد تعود المحكمة الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري والمسماة "خاصة بلبنان" الى الواجهة، وهذه المرة من بوابة تمويلها، حيث يحاول الرئيس نجيب ميقاتي دون جدوى إثبات شيء ما لخصومه المباشرين الذين يحاربونه في كل شيء حتى في قلب مدينته طرابلس.
وها هو من جديد الرئيس ميقاتي يعقد نيته لدفع ما يسمى "حصة" لبنان في تمويل المحكمة الدولية، فقد كشف وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال محمد الصفدي في حديث له أن "تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بمبلغ 58 مليار ليرة سيتم قريبا من احتياط الموازنة وفق مرسوم يوقعه رئيسا الجمهورية والحكومة والوزراء المعنيون".
وهنا قد يطرح اكثر من سؤال لا يتعلق فقط بتمويل المحكمة مع ما يجرنا هذا الى مراجعة عدم مشروعية وقانونية المحكمة الدولية (خصوصا بعدما كشفه احد المحققين الدوليين في لجنة التحقيق الدولية حول تورط اللواء وسام الحسن باغتيال الرئيس الحريري)، بل يجعلنا نتساءل عن إمكانية دفع حكومة تصريف اعمال مبالغ طائلة كهذه بينما لا يمكنها عقد جلسة لتصريف عمل يحقق مصلحة العامة؟ وهذا التساؤل يوجه لكل من يعيق اجتماع مجلس الوزارء من رئيس الجمهورية الى الرئيس ميقاتي وصولا لكل التيارات والشخصيات السياسية التي تضغط داخليا وخارجا منعا لذلك وعلى رأسها "تيار المستقبل"، أليس استفادة لبنان من ثروته النفطية بأهمية محكمة دولية اصبحت تشكل احد مزاريب الهدر في الدولة اللبنانية؟ وما الذي أعطته ومن الممكن ان تعطيه هذه المحكمة للبنان غير الخلافات والفتن بينما نفط لبنان إن استخرج فبالتأكيد سيعطي الخير لكل لبناني من كل المناطق والفئات والطوائف؟
للاجابة على كل هذه التساؤلات توجهنا بالسؤال الى السياسي اللبناني الوزير والنائب السابق عصام نعمان الذي استغرب ان "تفكر الحكومة اللبنانية بتسديد ما تسميه القسط المتوجب على لبنان للمحكمة الخاصة ذات الطابع الدولي المختصة باغتيال الرئيس رفيق الحريري وهو قسط بمليارات الليرات من دون ان تفكر بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد لايجازة مثل هذا القرار"، وانتقد "تمنّع الحكومة اللبنانية عن الاجتماع للبحث من أجل إقرار مرسومين متعلقين بتلزيم مناقصات الغاز التي كان الوزير جبران باسيل قد أحالها عليها وذلك بحجة ان موضوع الغاز مهم جدا ولا يجوز بحثه في مجلس وزراء في حكومة تصريف اعمال في حين تعتبر ان صرف مليارات الليرات لقسط المحكمة الدولية الخاصة بالرئيس الحريري امر لا يحتاج الى عقد جلسة".
واكد نعمان في حديث لموقع "قناة المنار" الالكتروني ان "كل ما سبق يخالف التقاليد الدستورية والقانونية خوصا ان هناك اجتهادات وقرارات لمجلس شورى الدولة في لبنان ومجلس الدولة في فرنسا جزمت ان بمقدور حكومة تصريف الاعمال البت بجميع المواضيع التي تعتبر مهمة والتي تحقق المصلحة العامة ويجب ان تثابر على ممارسة السلطة العامة"، واعتبر ان "الجهة المسؤولة هنا هي رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء ووزير المال"، ولفت الى ان "وزير المال مسؤول عن دعوة رئيسه اي رئيس الحكومة لعقد اجتماع ورئيس الحكومة هو المسؤول عن إعداد جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء ويراجع بشأنه رئيس الجمهورية الذي يوافق عليه او يضيف ما يراه مناسبا".
وحول ما ورد في المقابلة التلفزيونية عن تورط اللواء وسام الحسن باغتيال الرئيس رفيق الحريري، قال نعمان "هناك الكثير من الاسئلة التي يجب ان تستوقف الحكومة اللبنانية عموما ووزارة العدل خصوصا التي يجب ان تطالب بدعوة مجلس الوزراء للانعقاد للبحث في الاجراءات المطلوب اتخاذها قبل انعقاد جلسة المحكمة الدولية لان هناك وقائع وحقائق جديدة ظهرت أعلن عنها المحقق السويدي على شاشة قناة الجديد"، ودعا "الحكومة اللبنانية الى البحث جديا في تورط اللواء الحسن في عملية الاغتيال انطلاقا من كلام المحقق السويدي".
وسأل نعمان "لماذا امتنعت لجنة التحقيق عن استدعاء اللواء الحسن ان لم نقل لماذا لم تلاحقه؟ وما الغاية المتوخاة من وراء كشف كل هذه الحقائق والوقائع حول دور اللواء الحسن الآن في هذا التوقيت؟ ثم منع الحكومة اللبنانية التي كانت مقاليدها لدى فريق 14 آذار وآل الحريري كل تلك الفترة للبحث عن الاشرطة التي قال الامن الداخلي انها اختفت؟ ثم لماذا امتنعت لجنة التحقيق عن مطالبة اميركا واسرائيل علنا بضرورة تسليم كل ما لديهما من صور من الاقمار الاصطناعية؟".
وحول امكانية عقد جلسة لمجلس الوزراء في هذه المرحلة، شدد نعمان على "ضرورة عقد مثل هذه الجلسة واتخاذ قرارات واجبة وملحة في العديد من الملفات ومنها النفط والمحكمة الدولية وتورط اللواء الحسن وغيرها من الملفات"، واشار الى ان "هناك العديد من المواقف السياسية التي طالبت الحكومة وخصوصا ميقاتي لدعوة المجلس لخطورة الوضع في لبنان"، ورأى ان "هناك اعتبارات محلية واقليمية وربما دولية تتشابك بحيث تزيد الازمة اللبنانية تعقيدا وتحول دون تشكيل حكومة جديدة والاتفاق على مرشح لرئاسة الجمهورية وربما تمنع مجلس الوزراء عن الاجتماع"، واضاف "رغم ان لبنان ربما لاول مرة هو اقل عرضة للتدخلات الخارجية وهناك هامش للافرقاء في لبنان للعمل ولذلك يطرح التساؤل لماذا لا يتفق الاطراف على كثير من الملفات العالقة".
واكد نعمان ان "على مجلس الوزراء الحالي ان يأخذ المبادرة واصدار القرارت التي تحقق المصحلة العامة"، ورأى ان "هذا الامر سيكون أكثر الحاحا ان لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية في 25 ايار/مايو المقبل خصوصا ان وقتها مجلس النواب سيصبح غير قادر على التشريع ويجب وقتها ان يكون هناك من يدير البلد ولن يكون من امكانية لاحد للقيام بذلك سوى مجلس الوزراء".
لعل هناك من لا يريد ان يسمع كل النداءات بأن لبنان يحتاج الى حكومة تعمل على حل المشاكل ولا يحتاج الى محكمة تزيد هذه المشاكل تعقيدا وتضيف الى مشاكلنا مشاكل، فلماذا نسعى الى الثانية ونترك الاولى، مع ان الاولى هو البحث جديا ولو لمرة في مدى صدقية وقانونية وشرعية هذه المحكمة وليس كلام المحقق السويدي مؤخرا هو السبب الوحيد لذلك.