27-11-2024 10:47 PM بتوقيت القدس المحتلة

لبنان وحكومة الأمر الواقع.. أزمة سياسية ودستورية

لبنان وحكومة الأمر الواقع.. أزمة سياسية ودستورية

بعد حسم موضوع عدم التمديد لرئيس الجمهورية، دخل لبنان مرحلة الحديث عن حكومة الأمر الواقع، التي توقع مراقبون تشكيلها بناءً لتوقيع الرئيس ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام.

 

 إبراهيم عبدالله

بعد حسم موضوع عدم التمديد لرئيس الجمهورية، دخل لبنان مرحلة الحديث عن حكومة الأمر الواقع، التي توقع مراقبون تشكيلها بناءً لتوقيع الرئيس ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام،في سابقة غريبة عن العادات والتقاليد السياسية اللبنانية المتبعة عند تشكيل الحكومات.

هذه الخطوة، تستند الى تأليف حكومة من دون الرجوع الى القوى والأحزاب السياسية الفاعلة داخل النسيج اللبناني، فضلاً عن ضرب روح إتفاق الطائف الذي حدد الحكم في لبنان على المستوى السلطة التنفيذية بالقيادة الجماعية مجتمعة ممثلة بمجلس الوزراء الذي يضم كافة الشرائح والطوائف والقوى والأحزاب الفاعلة داخل الحياة السياسية اللبنانية منعاً للإقصاء والإلغاء لأي مكون من مكونات المجتمع اللبناني، في إشارة الى تأمين إستمرارية الإستقرار السياسي والأمني في لبنان تجنباً لإنزلاقه مجدداً الى نفق الحرب الأهلية.

حكومة الأمر الواقع، حكومة تحمل في طياتها نوايا غير حميدة واذا تم اعتمادها تحت اسم حكومة حيادية فلا وجود لحكومة حيادية وهي قد وصفها سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بالحكومة الخادعة.

حكومة الأمر الواقع تشكيلها أكثر من جدي

بالنسبة لموضوع الجدية في تشكيل حكومة الأمر الواقع، أكد الكاتب والصحافي حسن حمادة في تصريح لموقع المنار أن الأمر أكثر من جدي ورئيس الجمهورية منذ فترة يسعى لتحقيق الأمر، بدليل قيامه منذ فترة بتوجيه إنتقاده لسيد المقاومة بسبب فضحه للدور السعودي بدعم ورعاية المنظمات الإرهابية، وأن القضية أصبحت معروفة بأنه هناك قرارا من خارج الحدود اللبنانية يقضي بتأليف حكومة أمر واقع، والرئيس سليمان من خلال مداخلته التلفزيونية هيأ الشعب اللبناني بالمضي في مشروعه دون رادع ودون الأخذ بالإعتبار النصائح والتحذيرات، وأن الموضوع منته عنده وأن هناك العديد من المليارات آتية من الخليج ،إلا إذا حصل شيء في الوقت الأخير في إشارة الى عمل سياسي أو دستوري.

واعتبر حمادة أن هناك طريقتين دستوريتين لمواجهة هذا الإستحقاق:

الطريقة الأولى لفت نظر الرئيس سليمان أن إقدامه على تشكيل الحكومة خطوة من خارج الدستور، وأي قرار يتخذه الرئيس أو الحكومة لا قيمة دستورية له، وبالتالي لا تلزم أحدا، وسوف تبقى حبراً على ورق، يعني بصريح العبارة "هذه الخطوة هي بمثابة إنقلاب على الدستور".

أما الطريقة الثانية أشار اليها الرئيس نبيه بري أن الحكومة المزمع تشكيلها سوف تأتي الى المجلس النيابي من أجل نيل الثقة، وسيحجب عنها الثقة، وبالتالي لن تستطيع فعل شيء، ولا يمكنها أن تحل محل حكومة تصريف الأعمال الحالية كون الحكومة الحالية لديها الشرعية من مجلس النواب، ولو أنها مستقيلة وبحالة تصريف الأعمال وهذه حالة طبيعية كرسها الدستور تحت عنوان إستمرارية المرفق العام.

الأمر الثاني أنه بعد إتفاق الطائف، لم يعد هناك فرق بين الميثاقية والدستورية بل الحكومة الميثاقية هي الدستورية لأن الميثاقية لم تعد عرفاً بل أصبحت نصاً دستورياً وارداً في مقدمة الدستور.

والمعروف عن مقدمة الدستور هي "الإطار الملزم للمواد الدستورية الممنوع تجاوزه، بحيث يمكن الإجتهاد في مواد الدستور أما المقدمة يصعب الإجتهاد والتحايل والإلتفاف عليها". 

وأشار حمادة الى أن الرئيس سليمان من خلال إصراره على خطوته يكون بصدد نسف السلطة التنفيذية وهذا ما لفت اليه غبطة البطرك الكاردينال بشارة الراعي عندما توجه للرئيس سليمان بالقول "لا تفصل الرأس عن الجسد"، طالباً منه "عدم تطيير فترة الإنتخابات الرئاسية"، مشيراً الى أن هذه الخطوة ولدت إجماعاً لأول مرة في تاريخ لبنان لدى رؤساء الطوائف قاطبة من مسلمين ومسيحيين برفضها وإستنكارها، فضلاً عن القوى السياسية من أحزاب وحركات، ناهيك عن عدم توفر أكثرية في المجلس النيابي.

الحكومة المزمع عقدها كذبة كبيرة لا تعكس تمثيل القوى السياسية الفاعلة

وفيما يتعلق بشكل حكومة الأمر الواقع لجهة تضمنها وزراء حياديين أو تكنوقراط ، أشار حمادة الى أن مفهوم الحكومة الحيادية عبارة عن كذبة كبيرة، باعتبار أنه لا يوجد وزراء حياديون، وأن الوزير الحيادي لا يمثل أي قوة سياسية فاعلة على الأرض، هذا يعني أنه وقع عليه الإختيار بقرار فردي إستنسابي من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف وبالتالي نكون أمام عملية نسف للدستور اللبناني والطائف.

ولفت الى أن "الهدف من كل ذلك هو منع الوزير منصور من حضور مؤتمر جنيف 2 وبالتالي هذا قرار غير لبناني صادر من خلف الحدود اللبنانية".

8 آذار غير معنية بقرارات الرئيس سليمان كونها غير دستورية

وبالنسبة لموقف القوى الثامن من آذار تجاه التعاطي مع حكومة الأمر الواقع، لفت حمادة الى أن دوائر القرار داخل قوى 8 آذار، من خلال المعلومات، لن تتعاطى مع القرارولن يلتزم أحد به باعتباره غير موجود ولن يتم تسليم الوزارات.

 الهبة السعودية وحكومة الأمر الواقع

أما بالنسبة للمكرمة السعودية وإرتباطها بقرار تأليف حكومة الأمر الواقع، أكد حمادة أن لها علاقة مباشرة،وهي بمثابة أمر عمليات خارجي بتأليف حكومة الأمر الواقع، مع العلم أننا كلنا ندعم الجيش الوطني وخصوصاً لجهة التسليح والتجهيز،ونحن لا نغطي إعتداء الإرهابيين عليه، لكن التجارب أثبتت أنه لن يأتي قرش للجيش اللبناني،ولكم بقمة تونس مثال، زمن الرئيس نيكولا ساركوزي عندما شكل العرب صندوق من أجل إعادة إعمار لبنان، في إشارة الى إعتبارالمكرمة "كلاما في كلام" وتذكره دائماً بالصناديق الفارغة، والأرجح أنه لن يأتي منها شيء وضحايا هذه الخديعة فقط الذين يصدقون،وإن وصل يصل القليل القليل والتجارب عودتنا على ذلك.