22-11-2024 02:53 AM بتوقيت القدس المحتلة

الظهور الأخير للشهداء: فايسبوك... أرشيف الغياب

الظهور الأخير للشهداء: فايسبوك... أرشيف الغياب

هي أمنيات واختلاجات، وشيء ما «يدور في رؤوسنا» (?What>s on your mind) فرضتها علينا مساحات وسائل التواصل الاجتماعي وأتاحت لنا التعبير من خلالها. مزيج من مشاعر نعيشها في يومياتنا، وأمنيات نبتغيها...

الشهيدة ملاك زهوي هي أمنيات واختلاجات، وشيء ما «يدور في رؤوسنا» (?What>s on your mind) فرضتها علينا مساحات وسائل التواصل الاجتماعي وأتاحت لنا التعبير من خلالها. مزيج من مشاعر نعيشها في يومياتنا، وأمنيات نبتغيها للمستقبل. كلها نسقطها هناك على هذه المساحات الافتراضية، نتشارك بها مع الغير الى أن تحولت هذه المنابر في عصر الموت والتكفير الى عزاء أخير لأهالي ضحايا التفجيرات وأحبتهم.

زينب حاوي

هنا، نقدر مشاهدة آخر صور التُقطت للشهداء الى آخر ظهور (last seen) لهم على «واتس آب» والصورة المرافقة و«الحالة» status: محمد الشعار، ملاك زهوي وعلي خضرا. شباب في عمر الورد قضوا في التفجيرين الأخيرين (ستاركو وحارة حريك) ما لبثوا أن أصبحوا أيقونات هذا العالم الافتراضي.

 صورهم وتدويناتهم باتت متداولة بين النشطاء. محمد وصورته الأخيرة مع رفاقه قبل الرحيل، قبل دنوّه من سيارة الموت، وملاك وعلي وما كتباه على هاتفيهما. باحت الشهيدة ملاك (19 عاماً) بأمنيتها في مطلع العام الجديد: «اللهم احفظ لي أهلي وأحبتي ولا تريني فيهم بأساً يبكيني». ذهبت هي، وظلت كلماتها تسجل وقعاً مدوياً حول المصير الذي لاقته.

في الرابعة ودقيقة واحدة كان آخر «ظهور» لعلي على «واتس آب» أي قبل بضع دقائق من وقوع التفجير، حين وضع صورة على هذه الخدمة متضمنةً أحد أقوال الإمام علي. كانت عائلة علي تنتظره عائداً من شراء الدواء، فتشت عليه طويلاً على أمل أن يكون حياً وانتظره رفاقه في المسجد كما جرت العادة. لكنه أضحى جثة هامدة في أحد المستشفيات. وسرعان ما انتشرت صورة لدراجته النارية المتفحمة على فايسبوك لتوّلد مزيداً من الأسى في النفوس.

صور لضحكات ثلاث وعيون تنبض حياة، اصطفت الى جانب بعضها البعض، جمعتها الشهادة وريعان الشباب والظلم، والتقت فوق في السماء. «غداً لا توقظوا ملاك من النوم، ولا تفتحوا الستائر كي تبصر نور الشمس، فقد ماتت», غرّد أحد الناشطين. علي خضرا «عريس الجنة» كما أحبّوا أن يصفوه، ومحمد الراحل مع ضحكاته البريئة.

هي بضع كلمات وصور أرّخت لحظات ما قبل الوداع الأخير وتماثل معها الآلاف من أبناء جيلهم الذين ينتظرون مثلهم مصيراً مجهولاً في بلد شرِّع فيه الموت.. ومُنعت فيه الحياة.

http://www.al-akhbar.com/node/198037