رغم الحيثية السياسية والشعبية التي بات يمتلكها اللواء أشرف ريفي داخل تيار «المستقبل» في طرابلس، على حساب نواب التيار، إلا أنه «ضعيف الخبرة السياسية»
عبد الكافي الصمد
رغم الحيثية السياسية والشعبية التي بات يمتلكها اللواء أشرف ريفي داخل تيار «المستقبل» في طرابلس، على حساب نواب التيار، إلا أنه «ضعيف الخبرة السياسية»، يخوض حرباً شرسة ضد الرئيس «المخضرم» نجيب ميقاتي يُخشى معها أن ينفجر لغم التسويات السياسية باللواء المتقاعد المعروف بدعساته الناقصة.
لم تنته تداعيات يوم العزاء الأول بالوزير الراحل محمد شطح، الذي أقيم في فندق «كواليتي إن» في طرابلس في 30 كانون الأول الفائت. فما زال هذا اليوم محور نقاش أغلب الجلسات الطرابلسية، نظراً إلى ما رافقه وأعقبه من تفسيرات وردود فعل.
تسليط الأضواء على ذلك اليوم نبع من حضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع وفد كبير من كوادر «تيار العزم» إلى الفندق لتعزية أهل الفقيد وزوجته نينا ميقاتي التي تربطها صلة قرابة برئيس الحكومة، وإقامته مأدبة غداء للمناسبة، حضرها بعض نواب المستقبل.
وقد فسّر هذا الأمر بأنه تجاوز لتلاقٍ اجتماعي طبيعي بين ميقاتي والتيار المذكور، إلى احتمال أن يشكل محطة تقارب سياسي بين الطرفين، وهو ما نفته أوساط التيار الأزرق، ولزمت الصمت حياله أوساط ميقاتي.
لكن ما كان لافتاً ذلك اليوم هو انقسام التيار في طرابلس في قراءته لخطوة ميقاتي التي أربكت أوساط المستقبليين.
ومن مؤشرات ذلك اليوم جلوس النائبين سمير الجسر ومحمد كبارة ومنسق تيار المستقبل في طرابلس مصطفى علوش، وبعض النواب الزرق في الشمال، إلى جانب ميقاتي يتقبلون العزاء، كما أن أغلبهم شارك في حفل الغداء.
لكن أبرز المؤشرات تمثل في غياب اللواء أشرف ريفي عن الغداء، وحضوره لتقديم العزاء بعد مغادرة ميقاتي. هذا التصرف أكد أمرين: الأول أن هناك قراءة مزدوجة داخل تيار المستقبل لطريقة تعاطيه مع ميقاتي، والثاني أن «خصومة» ميقاتي وريفي السياسية باتت عنواناً رئيسياً للعلاقة بين ميقاتي والتيار الأزرق. فمنذ إحالة ريفي على التقاعد العام الماضي، سعى إلى أن يكون رأس حربة لتيار المستقبل في وجه الخصوم، وميقاتي أبرزهم. وقد استطاع اللواء المتقاعد جذب قسم كبير من قواعد التيار إلى جانبه، وهو ما ظهر في أكثر من محطة، كان آخرها بعد اغتيال شطح.
فقد أكدت اللافتات العديدة التي رُفعت باسم «أنصار اللواء أشرف ريفي»، وتأمينه مجموعة من المشاركين في مراسم تشييع شطح، أنه بات الرقم الصعب في التيار. فتيار المستقبل في المقابل أمّن حضوراً خجولاً في المناسبة «لأسباب تقنية»، كما قالت أوساط في التيار. ويدرك مرشحو «المستقبل» في طرابلس أن ريفي أضحى «رافعة» شعبية لهم لمواجهة خصومهم، وأنهم سيعانون من دونه من صعوبات جمة في الانتخابات النيابية المقبلة، إذا خاضوها بلا تحالف مع أحد، بعد مكوثهم خارج السلطة قرابة 3 سنوات، وتراجع خدماتهم وتقديماتهم إلى حدود الصفر.
ويعرف ريفي هذه الحقيقة جيداً، لكنه يعلم أيضاً أن هناك عدم ارتياح تجاهه يسود أوساط التيار وخصومه معاً في طرابلس، وأن الطرفين لن يجدا حرجاً في وضع العصي في دواليبه، مستغلين عدم خبرته السياسية الكافية من جهة، ومن جهة أخرى الدعسات الناقصة الكثيرة التي ارتكبها منذ تقاعده حتى اليوم.
وهنا ليس غائباً عن بال ريفي أنه إذا حصلت تسوية سياسية أو انتخابية في طرابلس، أو نجحت الخطة الأمنية في المدينة، فإن دوره سيتقزم إلى أبعد الحدود، وسيصبح مجرد رقم عادي، وهو الذي يطمح إلى أن يكون رمزاً وزعيماً في مدينته.
حضور ريفي على الأرض في الشارع الطرابلسي، وإثباته في الشكل أنه يمتلك حيثية شعبية لا يمكن إنكارها، وإن لم يتم «تقريشها» بعد، قابلتهما أوساط ميقاتي وخصوم تيار المستقبل في طرابلس بانزعاج واضح، وكذلك بعض الأصوات داخل التيار الأزرق ولو همساً.
هذا الوضع المربك في الحسابات السياسية والأمنية والانتخابية، بالنسبة إلى ريفي تحديداً، جعل مصادر سياسية توضح أن الأخير «لا يمكنه أن ينجح في تشكيل قوة عسكرية، على شكل ميليشيا، ما قد يحوّله زعيماً أوحد في طرابلس، لأنه متخرّج في مؤسسة أمنية رسمية ترأسها شخصياً سنوات عدة، وإن كان هناك من يحاول إقناعه بالعكس، لأن التجارب السابقة المماثلة كانت كارثية، بكل معنى الكلمة، على أصحابها وعلى طرابلس معاً».
وسألت المصادر: «ماذا سيفعل ريفي غداً إذا تقدم خيار التسوية والتوافق في طرابلس على خيار التصادم؟ وماذا سيقول لميقاتي إذا زاره في منزله وعانقه وقبّله على الملأ، وقال له: وين ما عم نشوف يلي اشتقنالو؟».
http://www.al-akhbar.com/node/198410
موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه