قرار السلم في موضع ضرورة الحرب هو قرار بالاستسلام وقبول الهزيمة
ياسر فحص
السلم أو الأمان، إحدى النعمتين المجهولتين، هو حالة إذا عاشها الإنسان غفل عن وجودها وجهل أهميتها، أما إذا فقدها تصبح أمله الأول وحلمه الأكبر الذي يصبو إليه ويرجو لقاءه.
وكثيرون يتغنون بأماني السلام، ويذمون الحرب وأهلها. وقد نسمع بعضهم يقول: "كل سلم أفضل من أي حرب".
وهنا قد يتبادر إلى أذهاننا سؤالان، هل فعلاً كل سلم أفضل من كل حرب؟ وأي حرب يمكن للعاقل أن يقدم عليها ما لم تكن دواعيها بحجم تضحياتها؟ فالحرب بغيضة، وتحمل من المآسي أكبرها ومن الفاجعات أثقلها..
الحقيقة أن السلم أفضل من الحرب، تماماً كما أن الصحة - وهي ثاني النعمتين المجهولتين - أفضل من المرض، والحرب التي تفرض على العاقل تشبه المرض الذي يفرض على الجسم، فيكون خوض الحرب ضرورياً بضرورة القيام بعملية جراحية لاستئصال ورم أو على الأقل تناول جرعة مرّة من الدواء لعلاج مرض.
ولكن هل يوجد سلم أسوأ من الحرب؟ بقليل من التأمل يمكننا أن نحصل على الجواب الشافي لهذا السؤال، ببساطة.. إن قرار السلم في موضع ضرورة الحرب هو قرار بالاستسلام وقبول الهزيمة.
في الحقيقة، إن الإشكالية التي يطرحها هذا المقال ورغم بساطتها، فإنها تكاد تكون جوهر الخلاف بين مختلف المدارس الفكرية والأطياف السياسية في وطننا وعالمنا العربي.
ومن تعابير الاستسلام تحت عنوان السلام جمل قد تكون مشهورة إلا أنها أصبحت منتهية الصلاحية مثل: "العين لا تقاوم المخرز"، و"قوة لبنان في ضعفه"، وغيرها من تعابير، يتفاجأ المرء بأنه إلى يومنا هذا لايزال البعض ينادي بها ويحملها شعاراً، إلا أنها وباختصار.. لا تليق بزمن الانتصار..