وكتب أحد المؤيّدين لـ«داعش» احتجاجاً على الفيديو الساخر: «اذهب إلى الجحيم. أسأل الله أن يمكر بك مكراً، وان يسلّط عليك من لا يرحمك. تكالبتم على المجاهدين من كلّ حدبٍ وصوب (...)
بعيداً عن الحرب الجديدة بين الفصائل المعارضة في سوريا، تضجُّ مواقع التواصل الاجتماعي بمئات التسجيلات والصور الساخرة من «الجهاديين. آخر الابتكارات الساخرة التي تناقلها السوريون عبر موقع «يوتيوب»، تسجيل منسوب لزعيم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، يهدد فيه بالردّ على هجمات الفصائل «الإسلامية» و«الجهادية» ضدّ مقاتليه في سوريا.
التسجيل الذي أنجزه مجهولون، بعنوان «كلمة لمولانا أبي بكر البغدادي حول الأحداث الأخيرة التي شهدتها دولة الإسلام في العراق والشام»، تمّ رفعه على قناة باسم «مؤسسة الفرقان للإنتاج الإعلامي» المتخصّصة بنقل أخبار وتسجيلات «داعش». وللمفارقة، تمّ تناقل الشريط على عدة مواقع على أنه تسجيل حقيقي، في حين يمكن لكلّ من يدقّق فيه أن يعرف أنّه تسجيل ساخر ليس إلا. وقد اعتمد من قام بإعداده على صياغته وفق مصطلحات الجهاديين، وفي أسلوب يستنسخ اللغة الجزلة، والمفردات القديمة، ضمن قالب بشبّه ما تتعرض له «داعش» الآن، بما تعرضت له سوريا بداية الأحداث من وجود «مندسين» و«مأجورين» و«أموال سعودية»، مهدداً بـ «القضاء على قوات الصحوة وإغلاق محلات القهوة!» ويضيف: «وسنقوم بتشكيل لجنة للتحقيق تنبثق عنها لجنة للتأكد من نتائج التحقيق، تتفرّع عنها عدة لجان، ونعدكم بأن لا يتجاوز التحقيق العقد أو العقدين!».
ويأتي هذا التسجيل الساخر في وقت تشهد مناطق في الشمال السوري معارك ضارية بين فصائل «إسلامية» و«جهادية» توحدت لقتال «داعش»، بعدما تمكن التنظيم من بسط نفوذه على مساحات واسعة خلال فترة لم تتجاوز الثمانية أشهر. معاركٌ هي إيذان بموجة دموية جديدة تجتاح سوريا، ولكن هذه المرة بين «الجهاديين» أنفسهم المتنازعين على السلطة والنفوذ، قبل مؤتمر جنيف 2 المزمع عقده في 22 من شهر كانون الثاني الحالي.
الغريب في الأمر، أن عدداً من المهتمّين بشؤون «الجهاديين» تناقلوا التسجيل الساخر على أنَّه حقيقي، معتبرين وجود شعار «مؤسسة الفرقان» عليه كافياً لتأكيد مصداقيّته. وكان التنظيم قام بتأسيس «الفرقان» العام 2006 خلال وجوده في العراق تحت مسمّى «الدولة الإسلامية في العراق»، كمنبر وحيد يخاطب من خلاله أتباعه والرأي العام. وتظهر التعليقات الواردة أسفل الشريط على موقع «يوتيوب» أنَّ نسبة كبيرة من المعلّقين صدّقوا محتواه، ما أدّى إلى تبادل الشتائم بين مؤيدي «داعش» ومعارضيه. وكتب أحد المؤيّدين لـ«داعش» احتجاجاً على الفيديو الساخر: «اذهب إلى الجحيم. أسأل الله أن يمكر بك مكراً، وان يسلّط عليك من لا يرحمك. تكالبتم على المجاهدين من كلّ حدبٍ وصوب (...)، صدق رسول الله حينما قال الإسلام أتى غريباً وسيعود غريباً».
ولعل ما يساهم في تقبل المتابعين لهذا النوع من التسجيلات وتصديقها وتداولها، إصرار زعماء التنظيمات «الجهادية» على العمل في الظلّ، ومخاطبة متابعيهم عبر تسجيلات صوتية يتم تشويش أصواتهم فيها. ويكفي قيام أي شخص بتسجيل مقطع يحتوي على بعض التهديد والوعيد، والآيات القرآنية، ونسبه زوراً لـ «الفرقان»، كي يقوم آلاف المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي بتناقل التسجيل على أنه صحيح والعمل بمضمونه، خصوصاً أن «الجهاديين» حديثو العهد في سوريا، ولم يعتد السوريون وجودهم، كما أنّ سلوكهم الغريب يشكّل بطبيعة الحال مادة دسمة للسخرية.