شروطٌ تعجيزيةٌ بطعم الرفض هي تلك التي وضعها تنظيم "داعش" على خصومه من بقية الجماعات المسلحة في معرض تعليق التنظيم القاعدي على "مبادرة الامة" للداعية السعودي عبدالله المحيسني
حسين ملاح
شروطٌ تعجيزيةٌ بطعم الرفض هي تلك التي وضعها تنظيم "داعش" على خصومه من بقية الجماعات المسلحة في معرض تعليق التنظيم القاعدي على "مبادرة الامة" للداعية السعودي عبدالله المحيسني لانهاء الاقتتال الدائر بين الجماعات المسلحة في سوريا.
ففي بيان نُسب الى داعش ونشرته مواقع التواصل الاجتماعي المحسوبة على القاعدة ، طالب تنظيم "الدولة" بتحقيق سلسلة شروط قبل البت في الرد على مبادرة المحيسني بشأن وقف الاقتال. فالبيان المذكور بدأ بمطلع توضيحي حاولت خلاله جماعة ابي بكر البغدادي زعيم "داعش" انتزاع صفة "الجهاد" عن خصومها واعتبارهم مجرد جماعات وعصابات تقاتل "المشروع الاسلامي في أرض الشام" الذي يقوده "تنظيم الدولة" معتبرة انه من الخطأ توصيف هؤلاء "بالمجاهدين".
وبعد ذلك ينتقل تنظيم داعش في بيانه الى اشتراط تحقيق امرين:
أولاً: بيان الموقف الشرعي الصريح بلا مواربة من المناهج المناقضة لتحكيم الشريعة الإسلاميّة في الشّام كـ "الديمقراطية" و"العلمانية"، والهيئات والمجالس التي تمثلها علانيةً كهيئة الأركان والائتلاف الوطني والمجلس العسكري وغيرها من المسمّيات التي تدعو بلا خفاء لبناء دولة لا تحكم بشرع الله، تحت غطاء ما يسمّى بـ "الدّولة المدنيّة" ، وما يترتّب على ذلك من الموقف الشرعي الصريح الواضح تجاه الجماعات والفصائل والتكتلات المنضوية تحت هذه المسمّيات أو المرتبطة بها أو تقاتل على الأرض تحت رايتها، وما يجب على الجميع في كيفية التعامل معهم ومع رموزهم.
ثانياً: بيان الحكم الشرعي الصريح للأنظمة الحاكمة في المنطقة كالحكومة الأردنيّة والسعوديّة والقطريّة والإماراتيّة والتركيّة وغيرها..
وحتى تُحقق الجماعات المسلحة مطالب وشروط "داعش"، توعد التنظيم بمواصلة "قتال من يقف بوجهه وكسر شوكته بلا هوادة" ودائماً وفق البيان.
وما يتضح من وراء المطالب التعجيزية لـ"داعش" ان التنظيم يحاول احراج خصومه لعلمه ان الجماعات المناوئة له لا تستطيع القبول أو لا تملك القدرة على قبول شروطه التي تعني عملياً قطع شريان الحياة المالي والتسليحي عنها سواء اعلنت موقفا حادا من داعميها الاقليميين او جماعات الائتلاف المعارض المدعوم غربياً ، مع العلم ان تكفير الاخر هي السمة الابرز التي تجمع "داعش" وخصومه مما يسمى "الجبهة الاسلامية" و"جيش المجاهدين" و"احرار الشام" وغيرها من المسميات.
وفي حال رضخ خصوم "تنظيم الدولة" لشروط البيان المذكور فيعني هذا الامر الذوبان تدريجياً في "داعش" وهو ما يريده الاخير ، وما استشف ايضاً من الكلام الذي وجهه البغدادي.
طبعاً تصعيد اللهجة الكلامية من قبل "داعش" بوجه منافسيه أرفقه التنظيم بسلسلة هجمات على مواقع الجبهة الاسلامية وجيش المجاهدين واحرار الشام وحتى جبهة النصرة (فرع القاعدة السوري) هدفت من ادخال الرعب في صفوف هؤلاء ، وتشير المعطيات الميدانية في كل من ريف حلب اضافة الى محافظة الرقة ان تنظيم الدولة سيطر على الكثير من معاقل منافسيه عكس ما كان يتوقع خصومه المحليون والاقليميون.
ويبدو ان تنظيم "داعش" يلجأ الى لغة المهادنة بوجه بقية خصومه في المناطق التي له فيها تواجد ضعيف كبعض مناطق ريف ادلب ومدينة حلب، في حين يشن مسلحوه هجمات عنيفة ضد الجماعات المسلحة في القرى والمدن التي يتمتعون فيها بحضور قوي كما جرى في الرقة ومدينتي منبج والباب بريف حلب.
وما يعزز هذا الامر تجاهل جماعة البغدادي للكلام الذي وجهه مؤخراً زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري الذي دعا الى وقف ما أسماه الفتنة في بلاد الشام . يُذكر ان البغدادي كان رفض ايضاً مطالبة الظواهري له قبل اشهر بالانسحاب من سورية الى العراق وترك الامر لجبهة النصرة.
وما هو الاكيد حتى الان ان تنظيم "داعش" استوعب محاولات خصومه ابعاده عن الساحة السورية وحصره في الغرب العراقي لكن السؤال الذي بدأ يتردد كثيراً ...ماذا لو هزم الداعشيون المسلحين المنافسين؟ وماذا ستكون ردة فعل السعودية وقطر وتركيا ومن ورائهم الغرب بقيادته الاميركية؟ وهل ستكرر تجارب التدخل الخارجي كما جرى في اليمن ومنطقة القبائل الباكستانية؟ الجواب رهن بتطورات الميدان السوري.. فلننتظر ونرَ.