المجتمع الدولي سيصل راضياً أو مضطراً إلى موقع إعلان تحالف لمكافحة الإرهاب، وسيكون الائتلاف أمام أحد استحقاقين
خليل موسى – موقع المنار - دمشق
اللقاءات الأخيرة, مجابهات تكاد تحرق الطاولات التي تجمع المتحاورين, كواليس لم تُبيِّن بعد ما يدور خلفها لكن الوقت كفيل بما يجري وتبيانه, من أشعل النار عليه إخمادها, بانتظار نقطة صفر جديدة للموعد القادم. مكافحة الارهاب دوليا قادمة كمرحلة قريبة, والجيش السوري له الثقل الأكبر في جنيف.
حول ما يدور اليوم في جنيف2 التقى موقع المنار الالكتروني الدكتور أسامة دنورة الباحث والمحلل الاستراتيجي, وحدثنا عن نقاط هامة بشأن الوضع السياسي بمستجداته, وما يتكئ عليه من سوابق أحداث.
بدأ الدكتور دنورة حديثه بالحديث عما جرى في جنيف, طرح أمر جنيف1, أما التركيز على منطقة حمص فحاول شرحها بموضوعية تحليلية مثيرة للواقع, كما قيم بأسطر كفيلة بشرح وضع الوفد الحكومي السوري.
"حاولت الدول الغربية إهداء نصر بروتوكولي لوفد الائتلاف مع بداية المؤتمر عبر إظهاره بمظهر من تمكن من فرض استبعاد إيران عن المؤتمر بعد مسرحية تهديده بالانسحاب، وعبر إزعاج الوفد السوري في رحلة حضوره بالطائرة، وعبر خطابات الافتتاح المتشنجة التي حاولت مؤازرة موقف الائتلاف، وعادةً يهدى النصر البروتوكولي الشكلي للطرف الخاسر سياسياً.. فالائتلاف خسر بمجرد حضوره عبر تراجعه عن شروطه التي لطالما ادعى انه لن يتراجع عنها، وعبر الانشقاقات العديدة لا سيما انسحاب مجلس اسطنبول، وعبر وضع ادعاءاته عن صفته التمثيلية وقدراته الميدانية موضع الاختبار.."
يتابع الدكتور دنورة ان "بيان جنيف 1 يتضمن صياغة بعبارات عمومية وحمالة أوجه قُصد من ورائها في حينها الوصول إلى صياغة الحد الأدنى المقبول من جميع الأطراف، وهو يتضمن عملياً الشيء وعكسه، فهو لم يوضح الإطار الدستوري للهيئة الانتقالية المقصودة، فإذا كان الإطار الدستوري الحالي فهو يعني صلاحيات الحكومة بالتوافق وعدم التعارض مع سلطة رئيس الجمهورية الذي يعتبر رأس السلطة التنفيذية في الدستور الحالي، أما إذا كان هناك دستور جديد فيجب أن يخضع للاستفتاء الشعبي، وبديهي أن ذلك لن يكون إلا بعد مكافحة الارهاب وعودة الاستقرار بالحد الأدنى المناسب لعملية الاقتراع، ومن هنا فإن تمسك الائتلاف بحرفية وشكلانية بيان جنيف 1 هو مراهنة فاشلة على المدى القصير والقصير جداً لأن أي تفسير يهدف لتنفيذ البيان سيأخذه إلى مواضع لا تصب في مصلحة الائتلاف.."
ويرى ان الحديث عن حمص وتجاهل الأوضاع الانسانية في باقي الأماكن السورية يشير إلى:
- وجود علاقة مباشرة هي علاقة تنسيق وتحالف بين الائتلاف والمجموعات الارهابية التي ترغب بتخفيف الحصار عنها في حمص.
- وجود أجندة طائفية فئوية معلنة لدى الائتلاف الذي لطالما ادعى البعد عن المنطق الطائفي، الرغبة في خدمة مشروع تفتيت سورية عبر استمرار الحالة الارهابية في حمص التي تعتبر قلب سورية الجغرافي وعقدة المواصلات الأهم.
- استمرار المراهنة على الحالة التكفيرية المتنامية في جرود عرسال اللبنانية ووادي خالد وصولاً إلى الحالة السلفية الارهابية في طرابلس ولبنان بشكل عام بما فيها جماعة الأسير وفتح الإسلام وكتائب عبد الله عزام.
- استمرار التخطيط لطعن قوى المقاومة في الظهر عبر محاولة انقاذ الحالة المسلحة سابقة الذكر..
"المجتمع الدولي سيصل راضياً أو مضطراً إلى موقع إعلان تحالف لمكافحة الإرهاب، وسيكون الائتلاف أمام أحد استحقاقين، إما وضوح صورته كجناح سياسي لقوى الإرهاب التكفيري مما ينزع عنه أي شرعية دولية لا سيما في الغرب، أو أن يستمر في إنكاره لعلاقته مع الارهاب وهو ما سيعني أن المفاوضات معه لن تثمر بتحسين الحالة الأمنية لأنه "لا يمون" على داعش والنصرة والجبهة.. وقد يحاول الغرب تأخير الوصول إلى هذه النتيجة رغبةً منه باستمرار الضغوط على محور المقاومة لأقصى زمن ممكن، وهي لعبة محفوفة بمخاطر اتساع دائرة الارهاب وضربه للدول المجاورة وانتقاله بصورة عابرة للقارات والتفشي في أوروبا شمالاً، والاتصالات الأمنية الأوروبية مع سورية تشير إلى وعي المجتمع الاستخباري الأوروبي بهذه المخاطر، ورغبته الضمنية بوقف مراهنة المستوى السياسي الأوروبي على خيار تجاهل استحقاق الحرب على الارهاب.."
"تحسن الوضع الميداني يضع الوفد الحكومي السوري في موقع متفوق سياسياً، ويجعل عامل الزمن يسير في غير مصلحة الائتلاف، وما تم إنجازه عبر تقدم الجيش وعبر المصالحات في العديد من المناطق يفوق بأهميته آفاق التسويات الإنسانية والسياسية والميدانية المأمولة من جنيف في ظل انقطاع وفد الائتلاف عن الواقع السياسي والميداني.."
"حقق الوفد الحكومي نقاطاً متعددة أهمها الاستحواذ على منبر إعلامي دولي يستطيع عبره تغيير مفاهيم الصراع والمسلمات حوله لدى الرأي العام العالمي، الظهور بمظهر واثق ومحترف ومنفتح على الحوار تماماً على نقيض صورة وفد الائتلاف، حيازة زمام المبادرة عبر شن هجوم سياسي - دبلوماسي يصنف كضربة معلم عبر طرح ورقة المبادئ وإظهار وفد الائتلاف كرافض لمسلمات السيادة الوطنية بأعذار واهية، ووضع وفد الائتلاف في موقع الدفاع وتلقي الضربات بدل أن يكون في موقع المبادرة والهجوم.."
بعد حديث الدكتور دنورة عن الوضع وإجماله بصورة تحليلية معتمدة على قراءاته, يبقى صوت الشارع السوري واضحا, يستمد قوته من هدير مدفعية تدك المسلحين وتحارب الإرهاب, وهتافات بندقية تعمل جاهدة على حماية المواطن, ورَسْم الشكل الأخير لطاولة الحوار التي سيديرها سياسيون احترفوا المحافل الدولية وطرق تفكيرها وأيقنوا نواياها.