25-11-2024 01:31 AM بتوقيت القدس المحتلة

شبهات التمويل الأميركي في فيلم مصري…

شبهات التمويل الأميركي في فيلم مصري…

يتكرر ظهور البطل الملتحي في الفيلم وتركز الكاميرا على الإخوان وهم يؤدون الصلاة جماعة في ميدان التحرير، بينما تظهر رموز التيارات الليبرالية على استحياء في لقطات متناثرة للدلالة على التشرذم والتفتت

لقطة من فيلم الميدانالحديث عن ترشح فيلم "الميدان"، وهو آخر المصنفات السينمائية عن ثورة 25 يناير إلى جائزة الأوسكار دفع الكثيرين إلى الاهتمام بالمشاهدة على اعتبار أن هذه سابقة فريدة من نوعها في السينما المصرية.

كمال القاضي/ جريدة القدس العربي

الأمر إذن لا يخص المستوى الفني للفيلم، وإنما قوة الدفاع الدعائية وضعته في بؤرة الضوء وجعلته الانجاز السينمائي الأهم في عام 2014 علماً بأن انتاجه سابق على هذا التاريخ بعام كامل، وهذا ما يشير إلى الأسباب الحقيقية للضجة المثارة حوله والبروبوغندا الضخمة التي تحيطه !..

سبقت فيلم الميدان أفلام كثيرة كان من بينها فيلم ‘الشغب ليه’ و’ميدان التحرير’ و’18 يوم’، والأخير على وجه التحديد شاركت فيه مجموعة مهمة من أميز المخرجين المصريين، على رأسهم المخرج يسري نصر الله، صانع الملحمة الفلسطينية في فيلم ‘باب الشمس′ بجزئيه ‘الرحيل والعودة’، ومع أن ‘باب الشمس′ شارك في مهرجانات عالمية عديدة، وحصل في عام 2005 على لقب الفيلم الأهم بين مئة فيلم عالمي أنتجت في العام ذاته، إلا أنه لم يرشح للأوسكار.

اضف إلى ذلك فيلم ‘الجنة الآن’ للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد، الذي رشح بالفعل للجائزة ذاتها وتسربت أخبار عن الميل الى فوزه بها من جانب أعضاء لجنة التحكيم الدولية، إلا أنه في اللحظات الأخيرة تم سحب الجائزة، وذهبت الى فيلم آخر تحت ضغط مكثف من اللوبي اليهودي للحيلولة دون فوز فيلم عربي بها، ولا سيما الفيلم العربي الفلسطيني، ونجحت الضغوط وحُرم هاني أبو أسعد وفيلمه المتميز من نيل الجائزة العالمية الأهم.

هذه الواقعة تدلنا على مقاييس وشروط الترشح والفوز بالأوسكار وتعطي ملمحاً مهماً على استثناءات بعينها يمكن أن تأتي بقرار سياسي، وليس للتميز الفني، كما يزعم البعض، وهو الأمر الذي أتصور انه حدث مع فيلم ‘الميدان’ الممول أمريكيا والناطق باللهجة المصرية، والمزعوم بأنه يوثق لثورة يناير المجيدة، بينما الحقيقة غير ذلك، فذاك المصنف يخلط صُناعه، وهم مجموعة من الشباب الأوراق عن عمد لصالح الفكرة التي تسعى أمريكا لترويجها وهي أن الإخوان شاركوا في الثورة منذ الأيام الأولى، وهم الفصيل الوطني، الذي تم الانقلاب عليه، حيث يظهر ذلك في التوجه العام للفيلم، ويشار إليه بلقطات رئيسية لا تخفى معانيها ولا مغازيها على أصحاب العقول والذائقة الفنية ومن يقرأون الرسائل المتوارية خلف الصورة.

يتكرر ظهور البطل الملتحي في الفيلم وتركز الكاميرا على الإخوان وهم يؤدون الصلاة جماعة في ميدان التحرير، بينما تظهر رموز التيارات الليبرالية على استحياء في لقطات متناثرة للدلالة على التشرذم والتفتت، وهذه حيلة لا تنطلي على من عاشوا الثورة يوماً بيوم ورأوا جموع القوى الثورية وهي تقود مسيرات المواجهة ضد جحافل النظام الاسبق، في حين لم يكن للإخوان المسلمين وجود، إلا بعد استشعار ترنحه، والتأكد من ان الشعب لن يقبل بأقل من خلع الحاكم وهو ما حدث بالفعل.

هذه الأحداث تجاهلها الفيلم، الذي لم يكن مضمونه سوى تجميع لمشاهد صورت أثناء الثورة بعدة وسائط، وتم تركيب السيناريو عليها لتبدو من انجاز صُناع العمل الأمريكي الهوى والتمويل، والكلام عن التمويل ليس رجماً بالغيب، ولكن حقيقة ثابتة لم ينكرها الممولون انفسهم.

لقطة من فيلم الميداننعود للفيلم الذي يزعم البعض أنه العمل الفارق في تاريخ السينما التسجيلية والوثائقية المصرية، وأقول بيقين – أستند فيه للمقارنة بينه وبين أفلام أخرى – انه الأضعف حسب رؤيتي المتواضعة ورصدي للأبعاد والتفاصيل، فالفكرة مبنية على بطل واحد يروي من وجهة نظره حكايته مع الثورة، ويطلق أحكاما قاطعة عن تقاعس التيارات السياسية، ويؤكد انها لا تمثل القوى الثورية الأمينة على مطالب الشعب، بيد أنه يطعن في إخلاص القوات المسلحة لثورة قامت بها الجماهير وباركتها هي، ويستدعي بوعي شديد وعن عمد أيضاً ما وقع من أحداث في شارع محمد محمود، إبان فترة حكم المجلس العسكري، ويعتبرها نقاط ضعف قاتلة في الثورة المجيدة ومحاولات كانت تستهدف إفشالها لتضييع الفرصة السانحة في إحداث التغيير ويسقط كل ذلك على المرحلة الراهنة ليعكر صفو العلاقة بين الجيش والشعب،

ويبطل مفعول التأييد الشعبي الكاسح للفريق أول عبدالفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة، في حين لم يرد بالفيلم الأمريكي المصري المشترك مشهد واحد عن المجازر التي ارتكبها الفصيل الديني المنظم أمام قصر الاتحادية وفي قرية كرداسة وفي المنيا وفي الكاتدرائية وغيرها وغيرها من المواقع الدامية، التي خاضها رموز الإصلاح ضد الشعب ووصفوها بالانتصارات والفتوحات العظيمة!!..

هذه بوضوح المعطيات التي بنيت عليها فكرة السيناريو، الحوار والرؤية السينمائية لصناع العمل وابطاله، مازن سعيد ومصطفى النجار، ورشح من أجلها الفيلم المنعوت بالوثائقي لجائزة الاوسكار الأميركي مكافأة لتجاوب الانصياع والتمهيد لثقافة مختلفة تؤتي ثمارها على المدى المنتظر بميقات معلوم لدى أجهزة الاستخبارات!..