مشهد لا يوصف بكلمات او بقَصِّ حكاية مرت, هي بكاء طفل جائع.. هي دمعة أم مقهورة, نعم إنها كافية لشرح المشهد عند طابور الاستلام, من يصل إلى هناك يتمنى ألا يغادر قبل انتهاء الأزمة,مخيم اليرموك ينزف جوعا
خليل موسى– مخيم اليرموك في دمشق
مشهد لا يوصف بكلمات او بقَصِّ حكاية مرت, هي بكاء طفل جائع.. هي دمعة أم مقهورة, نعم إنها كافية لشرح المشهد عند طابور الاستلام, من يصل إلى هناك يتمنى ألا يغادر قبل انتهاء الأزمة, مخيم اليرموك ينزف جوعا وقهرا.
دخل فريق الموقع الالكتروني لقناة المنار مخيم اليرموك وتجول بين اصوات البكاء والاستغاثة, أمهات يحضنَّ أطفالهن, ويقبضن على رغيف خبز, وعين لهنَّ على الدور وأخرى على علبة حليب, ليقطع هذا المشهد كل حين وآخر صوت من يقول, "ابتعد .. أفسح الطريق" وإذا بحالة إنسانية تكاد تصل الرمق الأخير من مقارعة الجوع, بأمل أن تعاود الحياة ثانية بعد أن وصلت حافة الموت بقليل, فرق الإسعاف هناك تقوم بعمل أشبه بالاستشهادي عند قيامها بإخراج تلك الحالات, فليس من السهل الدخول بين مسلحين حاقدين قابضين على أسلحتهم, ولا يعرف أحد متى يخطر ببالهم إصدار فتوى لتخريب العمل الإنساني, كما حدث يوم الخميس الماضي عندما أطلقوا النار من بعيد باتجاه مكان توزيع الإعانات وإخلاء الحالات الإنسانية.
المشهد أكبر بكثير مما يتم الحديث عنه, نعم "مخيم اليرموك أصبح ورقة لعب سياسي بيد الخارج" كما يقول أحد المسؤولين في الجبهة الشعبية القيادة العامة وكما صرح قياديين آخرين في الفصائل الفلسطينية, فمنذ دخول المسلحين ما زالت محاولات إيجاد حل سلمي لمخيم اليرموك قائمة على أساس إخراج المجموعات المسلحة من المخيم, مجموعات استباحت المخيم بكل ما أوتيت من تطرف.
لا تكفي ألف سلة غذائية تدخل المخيم, العدد أكبر بكثير, لكن ما باليد حيلة, فعدة مرات تمت المحاولات لكن الرصاص من الداخل كان يعيد القوافل أدراجها, مئات من الحالات الحرجة في اليرموك نتيجة انعدام الغذاء والدواء, "نشرب الماء مع البهارات, ونأكل نبتة رجل العصفور" هذا ما قاله أهالي المخيم, القابعين في المخيم, كيلو الأرز اليوم بـ 15 ألف ليرة سورية, ولا مال بطبيعة الحال لديهم, سألنا الناس مجددا أين ذهبت الأرزاق التي كانت لديكم, الجواب لم يتغير منذ البداية " أول شيء فعلته المجموعات المسلحة كان سرقة المستودعات وترحيلها باتجاه المناطق المحيطة بالمخيم ومن ثم احتكارها وبيعنا اياها بسرعة رهيبة في ارتفاع خيالي للأسعار, نعم يسرقون طعامك ويبيعونك إياه" , حسنا ولكن السؤال المطروح بقوة , لماذا لم يمت أيا من المسلحين جوعا؟ الجواب بصوت شاب مقهور مع والدته "يتقاضون رواتبا ويشترون بها طعامنا الذي سرقوه" فمن أين يأتيهم الموت.
لا وقت محدد لانتهاء التوزيع فطالما أن هيئات العمل الإغاثي متعاونة مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين فإن الوضع على ما يرام, وسيكون الحال بأفضل ما يكون عليه عند خروج المسلحين من المخيم الذين تسببوا بحصار المخيم. لم تنتهي المعاناة لمجرد استلام السلة الغذائية, فهناك من يتربص في الداخل حاملا تطرفه وبندقيته يشحذ أسنانه لسرقة جزء على الأقل من معونة المدنيين, الذين لمجرد أخذها يفتحون السلة ويبدأون بتناول ما حرموا منه منذ 7 أشهر.
"نعم إنهم إرهابيون", هكذا يقول الناس الذين يأتون وقد مسهم, نحول و جفاف, أبسط امراضهم فقر الدم, وأكبرها مجموعات مسلحة أتت بالموت لمخيمهم, وتلاعبت بالصورة الحقيقية, مما أجبر الجيش على إغلاق المخيم حرصا من ألّا يدخل المسلحون دمشق من بوابتها الجنوبية كما يسميها المسلحون.
المسلحون داخل مخيم اليرموك