27-11-2024 11:48 PM بتوقيت القدس المحتلة

حتى لا يكون انفجار ثالث

حتى لا يكون انفجار ثالث

نزلت سيارة الشيروكي من طريق بلدة عرسال في شكل هادئ وبطيء. كان من يقودها يشغّل الفلاشر. مرّت باللبوة وتوجّهت الى الهرمل ودخلتها من مدخلها الرئيسي.


وفيق قانصوه

«نزلت سيارة الشيروكي من طريق بلدة عرسال في شكل هادئ وبطيء. كان من يقودها يشغّل الفلاشر. مرّت باللبوة وتوجّهت الى الهرمل ودخلتها من مدخلها الرئيسي. ولدى وصول الانتحاري قرب محطة الأيتام، أعطى إشارة جانبية وانعطف، بهدوء، الى داخل المحطة، وأقدم على تفجير نفسه». هكذا، بهدوء أيضاً، تصف المصادر الأمنية مسير انتحاري تفجير الهرمل السبت الماضي.

كان في امكان سائق السيارة التي انعطفت يميناً بعد خروجها من عرسال أن يفجّرها في أي بلدة أخرى من البلدات الكثيرة التي مرّ بها على مدى نحو ساعة قبل وصوله الى الهرمل، أو ربما كان في امكانه الانعطاف يساراً حيث عشرات القرى «الشيعية التي تحتضن حزب ايران في لبنان». لكن الهدف كان مرسوماً بدقة وإصرار: الشارع نفسه، على مسافة مئات الأمتار من موقع التفجير الانتحاري الأول الذي استهدف المدينة قبل أسبوعين، تماماً كانفجارَي حارة حريك اللذين فصلت بينهما عشرات الأمتار.

بيان «جبهة النصرة» الذي تبنى «العملية الاستشهادية الثانية» في الهرمل أشار الى «تكرار ضرب الأهداف نفسها» معتبراً ذلك دليلاً على «ضعف» حزب الله و«هشاشته الداخلية». لا يبدو اننا أمام عدو غبي، وإنما أمام ما يبدو إصراراً على ضرب الهالة الأمنية التي لطالما أحاطت بحزب الله.

ليس من قبيل المبالغة القول إنه منذ بدء «الموسم» الانتحاري في لبنان، تمكنّت القوى الأمنية وأمن المقاومة من احباط الكثير من المحاولات والعمليات التي لم يُعلن عنها، وإن ما نُفّذ على أرض الواقع هو غيض من فيض ما كان مخططاً له، على رغم صعوبة التصدّي لمن يعدّون قنابل متحركة.

بالتأكيد، أهل الهرمل على العهد باقون من دون حاجة الى أن تنقل لنا كاميرات التلفزيونات هتافاتهم وراء مراسليها. المدينة التي قدّمت العشرات من أبنائها الفقراء شهداء لن يهزّ قناعاتها تفجيران انتحاريان ولا حتى مئة. لكن التساؤل يبقى مشروعاً: هل يبذل المعنيّون، كل المعنيين، ما يكفي لردع هذه الوحوش التي تعيث قتلاً في أهلها؟ وكيف يمكن إبقاء أبواب بلدة كالهرمل، يفترض أن تكون الأجهزة الأمنية أكثر قدرة على الامساك بمداخلها المعدودة وزوّارها المحدودين، على عكس ما هي الحال في الضاحية مثلاً، مشرّعة أمام هؤلاء؟ وكيف يمكن سيارة تردّد أن أوصافها معمّمة بوثيقة رسمية صادرة عن الجيش أن تعبر حاجزين للجيش في طريقها الى هدفها؟ وكيف يمكن ان يتصرف الانتحاريون، ومَن وراءهم، بكل هذا الهدوء؟

أسئلة ينبغي الالتفات اليها حتى لا يكون هناك انفجار ثالث... في الهرمل على الأقل.

http://www.al-akhbar.com/node/199945

 

موقع المنار غير مسؤول عن النص ومضمونه، وهو لا يعبّر إلا عن وجهة نظر كاتبه