تتوسع محكمة المطبوعات في ملاحقة كل ما يكتب على مواقع الانترنت، في وقت يغلق فيه باب الانتساب امام العاملين في الصحافة الالكترونية بحجة عدم شمولهم في قانون المطبوعات، فهل يحرك قرار القاضي روكز رزق ملف..
تتوسع محكمة المطبوعات في ملاحقة كل ما يكتب على مواقع الانترنت، في وقت يغلق فيه باب الانتساب امام العاملين في الصحافة الالكترونية بحجة عدم شمولهم في قانون المطبوعات، فهل يحرك قرار القاضي روكز رزق ملف اصلاح اتحاد الصحافة اللبنانية؟بسام القنطار / جريدة الأخبار
«الموقع الكتروني يعد مطبوعة» القرار ليس بجديد، فقد سبق لقضاة محكمة المطبوعات ان اصدروا عشرات القرارات التي تتبنى هذا التوصيف للنظر في دعاوى القدح والذم الناتجة عن مواد نشرت في مواقع الكترونية. جديد القرار الذي صدر اول من امس، في دعوى المدير التنفيذي لشركة «سبينس» مايكل رايت ضد الوزير السابق شربل نحاس، انه شمل الصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي ضمن وصاية محكمة المطبوعات.
ويستدل من مراجعة سجلات الدعاوى امام محكمة المطبوعات ان القاضي روكز رزق هو القاضي الأول الذي عدّ موقع فايسبوك مشمولاً بقانون المطبوعات، في اكثر من دعوى نظر فيها، الامر الذي يفتح باب الاجتهاد حول شمولية وصاية محكمة المطبوعات لملايين التصريحات التي تتدفق يومياً على موقع التواصل الاجتماعي الاشهر الذي يحتفل هذا الاسبوع بمناسبة مرور عقد على تاسيسه.
يؤكد القرار ان المواقع على شبكة الانترنت تستعمل «وسيلة نشر» بكل تشعباتها وامكاناتها لنشر وعرض وتبادل المعلومات على مختلف انواعها واشكالها، وحيث إن عملية النشر هذه تجري بطرق مختلفة تقليدية وحديثة، منها عن طريق «تدوين الكلمات والاشكال بالحروف والصور والرسوم. وحيث ان اي موقع الكتروني يعد، في ضوء ذلك «مطبوعة»، بالمفهوم المشار اليها انفاً، ويطبق على ما ينشره هذا الموقع ما نص عليه قانون المطبوعات بالنسبة إلى «المطبوعة».
يحمل هذا القرار الكثير من السلبيات بالنسبة إلى المدونين والصحافيين والناشطين. الزميل محمد نزال الذي يواجه دعوى قدح وذم رفعها المجلس الاعلى للقضاء على خلفية موقف ادلى به عبر موقع فايسبوك، سأل عن قدرة القضاء على رصد كافة الصفحات الشخصية أو العامة على الفايسبوك أو تويتر، فضلاً عن مئات آلاف المواقع الالكترونية؟
واضاف: «لو حصل ذلك، فهل تتسع المحاكم اللبنانية لمتابعة كل قضية «قدح وذم وتشهير وافتراء...» على الإنترنت؟ وخلص الى التأكيد أن أدوات النشر معروفة، بحسب نص القانون، والانترنت ليس منها. ليعدلوا نص القانون، وبعدها لكل حادث حديث».
وذهب العديد من المعلقين عبر مواقع التواصل الاجتماعي امس الى الجزم بان الطعن بحكم القاضي ممكن، حيث إن عناصره قائمة بسبب قدم النص وعدم وضوح التعريف. مع التاكيد على ضرورة تعديل قانون المطبوعات وصدور قانون جديد للاعلام.
وفي ظل مراوحة اقتراح قانون الاعلام الجديد في اللجان النيابية، ومعارضة نقابتي الصحافة والمحررين له بسبب اقتراحه بالغاء الحصرية، يمنح القاضي صلاحيات استثنائية في تفسير النص بسبب عدم صياغته بدقة وعدم تضمنه التفاصيل، وبسبب تعطيل آلية التشريع.
ولعل ابرز ما يترتب على قرار القاضي رزق، اعادة فتح النقاش على مصراعيه امام امتناع اتحاد الصحافة اللبنانية، الذي يجمع نقابتي اصحاب الصحف والمحررين، عن فتح الجدول النقابي امام الصحافيين العاملين في مواقع الكترونية تديرها شركات مصرح عنها، ولديها مدير مسؤول ورئيس تحرير وكتاب وصحافيون وفنيون، وتعمل بموازنات تفوق العديد من الموزانات المرصودة للمطبوعات الورقية.
نقيب المحررين الياس عون أكد في اتصال مع «الاخبار» أن سكريتيريا النقابة تلقت العديد من طلبات الانتساب لصحافيين يعملون في الصحافة الالكترونية ويحملون شهادات عليا، وبعضهم مسجل في الضمان الاجتماعي.
ولفت عون الى انه على المستوى الشخصي متحمس جداً لعرض طلباتهم امام لجنة الجدول النقابي، وان وزير الاعلام في حكومة تصريف الاعمال وليد الداعوق شجعه على ذلك، لكن اعضاء مجلس النقابة يمانعون هذه الخطوة، ويصرون على ان النقابة محصورة بالعاملين في الصحف الورقية.
ومن المعلوم ان مسألة بت طلبات الانتساب الجديدة الى اتحاد الصحافة اللبنانية تخضع لمزاجية واستنساب بسبب عدم وجود نص يحتم اجتماع هذه اللجنة اقله لمرة او مرتين كل عام.
وبحسب قانون المطبوعات، يدخل في اختصاص «لجنة الجدول النقابي للصحافة» النظر في طلبات الانتساب. وقد أثارت مسألة الجدول النقابي جدلاً واسعاً في لبنان، بعدما كرّست نقابتا الصحافة والمحرّرين عرفاً يقضي بفتح الجدول مرة كل خمس أو عشر سنوات. وقد خضع هذا الامر دائماً لاعتبارات طائفية وسياسية ولعلاقات زبائنية وشخصية مع النقيب.
واذا كان قانون المطبوعات لا يحدد مهلة زمنية لبت طلبات الانتساب، فإن ذلك لا يعني على الاطلاق، أنّ هذه المهلة مفتوحة الى ما لا نهاية.
واذا كان القانون قد حدد مهلة ثلاثة أشهر لاعادة النظر في طلب الانتساب، في حال رفضه، فإنّ امتناع لجنة الجدول النقابي عن بت اساس الطلب في غضون هذه المهلة يعد بمثابة رفض مكتوم وتعسفي.
التعسف في التعاطي مع الجيل الجديد من الصحافيين لا يقف عند مسألة الجدول النقابي، بل يتعداها الى تعسف واضح في انفاذ قرارات على المنتسبين الجدد، لا ينص عليها قانون المطبوعات ولا النظام الداخلي لنقابة المحررين، وابرزها تتعلق ببدل الانتساب ورسم الاشتراك السنوي. ولقد امتنع غالبية الزملاء الذين قبلت طلبات انتسابهم في اواخر عام ٢٠١٢ عن تسديد بدل الانتساب البالغ ٥٠٠ الف ليرة لبنانية، وذلك لمخالفة هذا الاجراء النظام الداخلي للنقابة، الصادر عن وزير الاعلام ميشال اده في ١٠ اذار ١٩٨١، الذي يحدد بدل الانتساب بثلاثة الاف ليرة لبنانية!
ومع توالي التسريبات المتعلقة بانعدام الشفافية في القيود المالية للنقابة، ابرزها قضية فقدان خمسين شيكاً من صندوق النقابة، كان يفترض أن تصل إلى اشخاص محددين كبدل مساعدات، بات السؤال الاكثر الحاحاً بالنسبة إلى المنتسبين الجدد اين ستذهب اموالنا؟
انها معركة مفتوحة اذاً لاصلاح هذه النقابة، ومدخل الاصلاح يكون بفتح باب الانتساب امام جميع العاملين في المهنة، والصحافة الالكترونية اول الغيث.
الرابط على موقع جريدة الأخبار