‘البعض أتى من إجل تحديث ملفاته أو الحصول على عقود، وبعض الشركات تسأل منذ الآن متى ستستأنف أعمالها في إيران، والبعض الآخر يبحث عن فرص’ للإستثمار في هذا البلد
دعت إيران الشركات الاجنبية للإستثمار في قطاعها النفطي، وذلك خلال زيارة قام بها الى طهران أمس الثلاثاء وفد من كبار رجال الأعمال الفرنسيين الذين يأملون في ان يتم قريبا رفع العقوبات الغربية المفروضة على الجمهورية الإسلامية.
والوفد الذي تترأسه هيئة "ميديف أنترناسيونال"، وهي ذراع لأكبر تجمع لأرباب العمل الفرنسيين، ضم 166 ممثلا عن شركات فرنسية مختلفة. وهذا أكبر وفد على الإطلاق من الإتحاد الأوروبي يزور إيران منذ أبرمت الأخيرة في تشرين الثاني/نوفمبر إتفاقا مرحليا حول برنامجها النووي مع الدول الست الكبرى.
وحده الوفد التركي الذي زار إيران في نهاية كانون الثاني/يناير كان أكبر من ناحية العدد، كما من ناحية المستوى، إذ ضم حشدا من الوزراء وترأسه يومها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، بحسب ما أكد دبلوماسي غربي. وشارك رجال الأعمال الفرنسيون أمس في إجتماعات موائد مستديرة مع شركات إيرانية. وسيزور الوفد الفرنسي اليوم الأربعاء عددا من المواقع الصناعية قبل ان يغادر هذا البلد. وقال تييري كورتينيي، نائب رئيس هيئة ‘ميديف أنترناسيونال’، انه ‘في عداد الوفد لدينا مجموعات عملاقة (توتال، لافارج، بيجو…) ولكن هناك ايضا شركات صغيرة ومتوسطة’.
واضاف ‘البعض أتى من إجل تحديث ملفاته أو الحصول على عقود، وبعض الشركات تسأل منذ الآن متى ستستأنف أعمالها في إيران، والبعض الآخر يبحث عن فرص’ للإستثمار في هذا البلد. والشركات الممثلة في عداد هذا الوفد تعمل خصوصا في قطاعات النفط والسيارات والصناعات الزراعية والبتروكيمائيات والطيران والصناعات الطبية، وهي قطاعات يعتبرها الإيرانيون رئيسية لإعادة إطلاق العجلة الإقتصادية في بلدهم.
ولكن بعض الشركات العملاقة الاُخرى إختار عدم المشاركة في هذا الوفد مفضلا السرية. غير ان أهداف هذه الزيارة واضحة في الوقت الذي لا تزال فيه الجمهورية الإسلامية تخضع لعقوبات دولية، ولا سيما لحظر نفطي ومصرفي.
وقال كورتينيي ان ‘ممثلي الشركات تم إبلاغهم منذ البدء بالإتفاق المرحلي. نحن لا نمزح أبدا مع الواقع′، مشددا على انه ‘ليس واردا توقيع عقود بين ليلة وضحاها، وعلى أي حال ليس بإمكاننا توقيع أي عقد إذا لم يتم التوصل الى إتفاق’ يرفع الحظر المفروض على الجمهورية الإسلامية.
وكانت كبريات الشركات الدولية إنسحبت من إيران نتيجة للعقوبات التي فرضها الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على الجمهورية الأسلامية بسبب برنامجها النووي. ومنذ توصلت إيران ومجموعة الدول الست الكبرى (الولايات المتحدة، روسيا، الصين، بريطانيا، فرنسا وألمانيا) الى إتفاق مرحلي في تشرين الثاني/نوفمبر دخل حيز التنفيذ في 20 كانون الثاني/يناير، حتى عادت شهية الإستثمار في إيران الى هذه الشركات. غير ان إتفاق جنيف يتعلق بقطاعات محددة، هي حصرا السيارات والطيران والذهب والمعادن الثمينة، إضافة إلى الصادرات البتروكيمائية.
من جهته قال باتريك بلين، رئيس جمعية مصنعي السيارات الفرنسيين، ان ‘الفرنسيين فهموا جيدا انه يتعين توفر كل الظروف الفنية من أجل استئناف العلاقات التجارية’ مع إيران، مشددا على وجوب ان لا يكون هناك ‘سوء في الرؤية’.
ومنذ 2012 يحظر الإتحاد الأوروبي على إيران الدخول إلى شبكة ‘سويفت’ مما يمنع أي تدفق للأموال ويحول خصوصا دون إمكانية حصول إيران على عائداتها من صادرات النفط. كذلك فإن الشركات التي تتخذ مقرات لها في إيران لا يمكنها في ظل الحظر إخراج أرباحها أو دفع مستحقات مزوديها في الخارج.
غير ان إيران بسكانها البالغ عددهم 75 مليون نسمة تمثل سوقا ضخما للشركات الفرنسية، ليس للتصدير إليها فقط بل للإستيراد منها أيضا، فهي احد أكبر المصدرين في المنطقة.وبحسب الحكومة الإيرانية فإن الصادرات الفرنسية إلى إيران وصلت في آذار/مارس 2005 الى حوالى 1.8 مليار دولار. وبعيد هذا التاريخ استأنفت إيران أنشطتها النووية الحساسة فكانت العقوبات التي أدت الى إنخفاض هذه الصادرات إلى النصف في آذار/مارس 2013.
وأوضح بلين ان هذه الزيارة هي ‘بادرة حسن نية من حوالى 120 شركة ترغب بالإستثمار وبخلق فرص عمل إذا ما توفرت الظروف المؤاتية’. من جهته أكد عضو في الوفد الزائر يمثل أحد المصارف انه ‘طالما ان إيران لم تعد إلى المنظومة المصرفية فليست هناك أي إمكانية’ لإستئناف الإستثمار في إيران. وعلى أي حال فان السلطات الإيرانية خصت الوفد الفرنسي الزائر بـ’إستقبال جيد جدا’، كما قال أحد أعضاء الوفد، في حين قال آخر ان ‘الإيرانيين مهتمون جدا: بإختصار هم يقولون لنا: تعالوا، يمكنكم أخذ كل شيء’.
من جهتها نقلت وكالة الانباء الرسمية الإيرانية (إرنا) عن علي ماجدي نائب وزير النفط للشؤون الدولية والتجارية دعوته خلال إجتماع مع الوفد الزائر الشركات الأجنبية إلى الإستثمار في قطاع النفط الإيراني.
وقال ماجدي انه ‘بحسب الخطة الخمسية الخامسة (2010-2015) فان قطاعي النفط والغاز في إيران بحاجة إلى 230 مليار دولار بينها 150 مليارا في المرحلة الأولية’، اي مرحلة الإستكشاف والإنتاج. وأضاف ان ’55′ من هذه الإستثمارات يجب القيام بها من أجل تطوير وزيادة الإنتاج في حقول النفط والغاز′ في البلاد.
واكد ماجدي ان إيران تعيد النظر في العقود من أجل ‘تشجيع الشركات الاجنبية على الإستثمار في المرحلتين الاولى (الإستكشاف والإنتاج) والثانية (التكرير والتوزيع) والإستفادة من ترجيعات الثمن في ما خص مشاريع التكرير’.
واوضح المسؤول الإيراني انه في ما يتعلق بالمرحلة الأولية فإنه من الممكن تسليم المستثمرين ما يصل إلى 100 في المئة من المشاريع بموجب عقود ‘بي.او.تي’ (البناء والتشغيل ونقل الملكية) او عقود ‘بي.او.او.تي’ (البناء والامتلاك والتشغيل ونقل الملكية).
ومن المقرر ان تبدأ إيران والدول الست في 18 شباط/فبراير الجاري التفاوض على الإتفاق النهائي المفترض التوصل إليه بين الطرفين. غير ان مسؤولا اميركيا حذر مؤخرا الشركات العالمية من الإستثمار مجددا في إيران قبل التوصل الى الإتفاق النهائي، وذلك تحت طائلة ‘المخاطر القانونية’ والأضرار التي قد تلحق بـ’صورة’ هذه الشركات.
وتمتلك إيران رابع اكبر إحتياطي من النفط وثاني أكبر إحتياطي من الغاز في العالم، ولكن صادراتها النفطية هبطت باكثر من 50′ بسبب العقوبات الغربية.