المخاوف تزايدت من تأثير التوترات الأخيرة في الأسواق الصاعدة على إقتصاد منطقة اليورو، سواء من خلال الإضرار بصادرات دول المنطقة أو بإثارة أزمة جديدة في أسواق المال الأوروبية.
يعقد مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي إجتماعه الدوري اليوم الخميس مع تزايد الضغوط على البنك من أجل التحرك لضمان إستمرار النمو في منطقة اليورو، مع تزايد المخاوف من خطر الكساد ومن تداعيات إضطراب الأسواق الصاعدة على إقتصاد المنطقة التي تضم 18 من دول الإتحاد الأوروبي.
ويتوقع أغلب المحللين أن يبقي البنك على سعر الفائدة عند مستوى 0.25′، مع التفكير في تحرك جديد خلال إجتماعه التالي في آذار/مارس المقبل حيث سيعلن عن أحدث توقعاته بشأن النمو الإقتصادي ومعدل التضخم. ومع ذلك لم يستبعد المحللون أن يعلن البنك خلال إجتماع الخميس عن جولة جديدة من الإجراءات النقدية الرامية إلى تحفيز الإقتصاد.
وقال كارستن برزيسكي كبير المحللين الإقتصاديين في بنك ‘آي.إن.جي’ الهولندي ‘إجتماع البنك هذا الاُسبوع لن يكون سهلا’. وأضاف ‘في الواقع، فإن التطورات خلال الأسابيع الأخيرة تقدم أدلة مع وضد تغيير السياسة النقدية خلال الاُسبوع الحالي’.
يأتي الإجتماع بعد أن أظهرت البيانات الصادرة مؤخرا تراجع معدل التضخم في منطقة اليورو خلال كانون ثاني/يناير الماضي إلى 0.7′ فقط، في حين ظل معدل البطالة في كانون أول/ديسمبر الماضي عند مستوى 12′.
في الوقت نفسه فإن المخاوف تزايدت من تأثير التوترات الأخيرة في الأسواق الصاعدة على إقتصاد منطقة اليورو، سواء من خلال الإضرار بصادرات دول المنطقة أو بإثارة أزمة جديدة في أسواق المال الأوروبية. ومما يؤكد هذا السيناريو أن المجموعة الأخيرة من البيانات الإقتصادية لمنطقة اليورو فشلت في إظهار أي تحسن في المؤشرات الأساسية لقياس الثقة في إقتصادات المنطقة.
ومنذ أربع أسابيع وخلال المؤتمر الصحافي التقليدي بعد الإجتماع الدوري لمجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي قال ماريو دراغي، رئيس البنك، انه قد يتحرك ويتخذ إجراءات جديدة إذا تدهورت توقعات البنك على المدى المتوسط بشأن معدل التضخم، أو إذا إرتفعت أسعار الفائدة في أسواق النقد بصورة غير مضمونة.ولكن منذ ذلك الوقت واصلت الأسواق تقلبها، حيث إرتفعت أسعار الفائدة فيها أحيانا أعلى من السعر الأساسي وهو ربع نقطة مئوية.
علاوة على ذلك فإن البيانات الصادرة عن البنك المركزي الأوروبي أظهرت تراجع قروض القطاع الخاص خلال كانون أول/ديسمبر الماضي بنسبة 2.3′ بالمقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي، وهو ما يشير إلى ضعف وتيرة نمو سوق الإئتمان. في الوقت نفسه فإن هذا التراجع في القروض هو الأكبر منذ 1991.
ويقول محللون ان مجلس محافظي البنك يمكن أن يفكر في محاولة تعزيز ثقة المستثمرين في منطقة اليورو، من خلال خفض سعر الفائدة الرئيسي مرة اُخرى.كما يمكن أن يناقش المجلس إتخاذ خطوات لتعزيز السيولة النقدية في النظام المصرفي، من خلال تقديم فائدة سلبية، أي أن تدفع البنوك التجارية للبنك المركزي رسوما، مقابل إحتفاظه بفوائضها المالية. وهذا سيؤدي بالنتيجة إلى سعي البنوك التجارية إلى تقليص هذه الودائع، وطرحها في سوق الائتمان بدل أيداعها في البنك المركزي.
كما أشارت التقارير الإعلامية إلى أن مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي يدرس إجراءات عالية التقنية لتعزيز السيولة النقدية، مثل إنهاء سياسته المعروفة باسم ‘تعقيم عمليات شراء سندات الخزانة الحكومية’.كما تشمل قائمة الإجراءات المطروحة توقف البنك المركزي الأوروبي عن سحب كميات كبيرة من الأموال من مؤسسات النظام المصرفي لتعويض ممتلكاتها من السندات الحكومية، والتي ستتأثر أيضا من فرض الفائدة السلبية على الودائع.
وقال راينر غونترمان المحلل الإقتصادي في ‘كوميرتس بانك’ الألماني ‘من المحتمل أن تكون كل هذه الإقتراحات على المائدة .. ويمكن أن ينتهي الأمر إلى الجمع بين هذه المقترحات’.في الوقت نفسه فإن المحللين يتوقعون أن يقدم دراغي في المؤتمر الصحافي، الذي يعقده عادة بعد كل إجتماع لمجلس إدارة البنك المركزي، نبرة تعكس هشاشة إقتصاد منطقة اليورو.
وكان تراجع أسعار المستهلك في منطقة اليورو خلال كانون ثاني/يناير الماضي قد دفع معدل التضخم إلى أقل كثيرا من الحد الأقصى المستهدف بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي وهو 2′.ويتوقع المحللون إرتفاع معدل التضخم خلال الشهر الحالي إلى 0.9′ مقابل 0.8′ في الشهر الماضي.وكان معدل التضخم قد إنخفض في تشرين أول/أكتوبر الماضي إلى 0.7′ وهو أقل مستوى له من أربع سنوات.
وكانت بيانات التضخم في تشرين أول/أكتوبر الماضي قد دفعت البنك المركزي الأوروبي إلى خفض مفاجئ للفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 0.25′. والآن تترقب الأسواق خطوات البنك المقبلة في ظل إستمرار معدل التضخم المنخفض ومعدل البطالة المرتفع وتذبذب معدلات النمو الإقتصادي.