أكّد العلامة السيّد علي فضل الله، أنّ خيار الوحدة الإسلاميّة هو الخيار الّذي ينبغي للأمّة ألا تتنكّر له، مشيراً إلى أنّ ذلك هو في رأس الوصايا الّتي أوصاها والده للجميع، وأنّ الوفاء له يقتضي منا مواجهة
أكّد العلامة السيّد علي فضل الله، أنّ خيار الوحدة الإسلاميّة هو الخيار الّذي ينبغي للأمّة ألا تتنكّر له، مشيراً إلى أنّ ذلك هو في رأس الوصايا الّتي أوصاها والده للجميع، وأنّ الوفاء له يقتضي منا مواجهة جيوش التخلّف والجهل والخرافة، داعياً السنّة والشّيعة إلى أن يتكاشفوا ويتصارحوا بعيداً عن التعصّب.. بمناسبة الذّكرى السنويّة الأولى لرحيل العلامة سماحة السيّد محمد حسين فضل الله، أقام المجمع العالمي لأهل البيت(ع)، ومجمع التّقريب بين المذاهب الإسلاميّة، ومنظّمة الثّقافة والإعلام الإسلاميّة، في مسجد الجواد في العاصمة الإيرانية طهران، احتفالاً حاشداً، حضرته شخصيّات إيرانيّة علمائيّة، وشخصيّات اجتماعيّة وأكاديمية، إضافةً إلى جمع من الشخصيّات اللّبنانيّة..
وتحدّث في الاحتفال ممثّل السيّد خامنئي في محافظة "شاوه"، آية الله قربان علي نجف آبادي، مشيداً بشخصيّة السيّد فضل الله، "هذه الشخصيّة التي يفتقدها العالم الإسلاميّ في وقتٍ هو أحوج ما يكون إليها، وخصوصاً في هذه المرحلة التي تعيشها المنطقة العربيّة والإسلاميّة، وفي ظلّ محاولات زرع الفتنة بين المسلمين".
وألقى سماحة العلامة السيِّد علي فضل الله كلمةً أشار فيها إلى الميزات الّتي طبعت شخصيّة فضل الله بالطّابع الإسلاميّ والإنسانيّ الخاصّ، مشيراً إلى جهوده في تأسيس التيّار الإسلامي الحركي الذي تجاوز الأطر المذهبيّة والعناوين السياسيّة واللافتات الإقليميّة، حيث شعر بأنّ الإسلام يتّسع للعنوان الإنسانيّ كلّه، متطرّقاً إلى قراءته الدّقيقة لأوضاع العرب والمسلمين، ووضعه الإصبع على الجرح، والشّروع في المعالجة الميدانيّة لقضايا التعصّب والخرافة والغلوّ..
كما شدَّد سماحته في كلمته على ضرورة أن تحفظ الأمَّة للجمهوريَّة الإسلاميَّة في إيران جهدها الّذي بذلته لحساب الإسلام والقضيّة الفلسطينيّة ودعمها لخطّ المقاومة والممانعة..
وقال: إنّ الوحدة الإسلاميّة الّتي أمضى سماحة السيّد كلّ حياته وهو يعمل على حمايتها وترسيخ مشروعها، وأوصى بها كلّ محبّيه ومريديه في لحظات الوداع، عندما قال لهم: "لقد عملت منذ انطلاقتي الأولى لمشروع الوحدة الإسلاميّة، فلا تتركوا هذا المشروع، ولا تنحرفوا عن طريقه".. إنّ هذه الوحدة هي الخيار الّذي لا يمكن للأمّة أن تتنكّر له، لأنّ البديل هو الدّمار والانهيار الّذي يصيب السّاحة كلّها، ويضرب البنيان الإسلاميّ في جذوره وقواعده..
وإذا كان السيّد قد استطاع أن يحمي السّاحة الإسلاميّة بحضوره وحركته ومواقفه الوحدويّة الحاسمة، فعلينا أن نبذل الجهود المضاعفة لصون هذه الوحدة بعد غياب رمزها الأوَّل، ولا يكون ذلك بالكلمات والبيانات والمؤتمرات فحسب، بل بالعمل الميدانيّ الّذي يشعر فيه الجميع بأنّ الوفاء للإسلام العظيم يقتضيهم أن يقدّموا مصلحة هذا الإسلام على أطرهم المذهبيّة وعناوينهم الطّائفيّة، وقد ترك لنا السيّد من تراثه الكبير، ومن تجاربه الضَّخمة، ما يعيننا على حماية هذه الوحدة وحفظها بشتّى الوسائل والأساليب..
أضاف: إنّ الوفاء لمسيرة الوحدة الإسلاميّة ومنهج التّقريب الّذي يتعرّض في هذه المرحلة لأخطر مؤامرة، وتحاك ضدّه الدّسائس الكبرى، تارةً تحت عناوين قضائيّة دوليّة، وأخرى تحت عناوين جديدة تستهدف تيّار الممانعة في الأمَّة، تستدعي أن نشهر جميعاً سيف الوعي والعقل على جيوش التخلّف، وعلى جحافل الجهل الّتي تزحف إلى الأمّة من أبواب الغلوّ ونوافذ الخرافة.. الأمر الّذي يتطلّب أن نحفظ مسيرة الوحدة الإسلاميّة بمواقف صريحة وحاسمة وثابتة، تواجه الخرافة والخرافيّين والغلاة والمغالين، كما يتطلَّب أن نكون في موقع الصّراحة التي يتكاشف فيها السنّة والشّيعة في كلّ أمورهم قبل أن يتدافنوا، وأن نكون إلى جانب تيّار الوعي في مواجهة ما يصنعه المتخلّفون والمتعصّبون وضيّقو الأفق من مشاكل للأمّة في السّاحة، وعلى الشّاشات الصّغيرة والكبيرة، وفي الفضائيّات الّتي يمثّل بعضها موقعاً من مواقع الفتنة التي يريدها العدوّ، فيما تتسبّب به من ضعف الأمّة وانقسامها وفشلها وذهاب ريحها..
وتابع سماحته: أيّها الأخوة.. لقد حرص سماحة السيِّد أن يبقى خطّ أهل البيت أصيلاً في إشراقته، كصفاء رسول الله(ص)، ونقاء أهل البيت(ع)، وكان حريصاً على أن يقدّم هذه الصّورة إلى العصر، لا أن تبقى في التّاريخ، حيث رأى فيه فكر الإسلام الصّافي وأصالته المشرقة والمبدعة في كلّ ميادين الحياة، كما حرص على أن يقرأ الأحداث من القلب والمركز، من فلسطين، وحرص على تصنيف المواقع من خلال إخلاصها للقضيَّة الإسلاميّة والقضيّة الفلسطينيّة ومسيرة الوحدة الإسلاميّة، وكان يتطلّع إلى مقاومةٍ أخلاقيّةٍ وروحيّةٍ وعلميّةٍ تحمي المقاومة الجهاديّة وتصونها. ولذلك، فإنّ الإخلاص له يقتضي منّا الإخلاص لكلّ هذه العناوين، والوفاء للتيّار الإسلاميّ الحركيّ الواعيّ الّذي أطلقه السيّد فكراً وعلماً ووعياً على مستوى الأمّة كلّها، وفي امتداد الزّمن الّذي يحتضن الفكرة الّتي لا تموت، طالما أنّها تمثّل حاجةً في الأرض والميدان والعقل.