اكدت دمشق مشاركتها في الجولة الثانية من المفاوضات مع "المعارضة" في جنيف، والمحددة في العاشر من شباط/فبراير، لاستكمال البحث في امكانية التوصل الى حل سياسي للازمة المستمرة في البلاد.
حسين سمّور
اكدت دمشق مشاركتها في الجولة الثانية من المفاوضات مع "المعارضة" في جنيف، والمحددة في العاشر من شباط/فبراير، لاستكمال البحث في امكانية التوصل الى حل سياسي للازمة المستمرة في البلاد.
تأكيدٌ يأتي في وقت يكثف المسؤولون الامريكيون حملاتهم للضغط على سوريا لدفعها الى تقديم تنازلات، تزامنا مع طرح بعض الدوائر الغربية وعلى رأسها واشنطن، موضوع استصدار قرار من مجلس الامن الدولي يتعلق بموضوع الممرات الانسانية، والتلويح بتخطي المهلة المحددة لايصال شحنات السلاح الكيميائي الى مرفأ اللاذقية، بهدف تلفها على متن سفينة امريكية في عرض البحر جهزت لهذا الغرض.
خشية أمريكية - اوروبية من تحقيق دمشق مكاسب على الارض
حملات الضغط على سوريا ليست جديدة، فالحديث بدأ قبل أشهر عن إخلال دمشق بتعهداتها في ما يتعلق بالتخلص من السلاح الكيماوي، وبالتالي استعادت واشنطن لغة الاحتفاظ بالخيارات المتاحة، ومنها الخيار العسكري، وهو ما تحدث عنه في البداية الرئيس الامريكي باراك اوباما بعد إتهام النظام السوري باستعمال السلاح الكيميائي ضد المدنيين، وتراجع عنه في وقت تم الاتفاق على التخلص من السلاح الكيميائي السوري.
وبالاضافة الى السياسة تتواصل حملات الضغط اليوم عبر نشر تقارير تتحدث عن تفاقم المعاناة الانسانية نتيجة العمليات العسكرية.
ولم تخف الادارة الاميركية قلقها من تحسن موقف الرئيس بشار الاسد على الارض، بحسب تصريحات وزير الخارجية الاميركي جون كيري لشبكة سي ان ان. تلازمَ ذلك مع تقارير غربية أكدت رجحان كفة الجيش السوري وتَعزُّزَ قدراتِه على شن هجمات في جبهات عدة في وقت واحد.
وتخشى الدوائر الغربية ان تستفيد القيادة السورية من الوضع الحالي لتحقيق مكاسب على الارض في مواجهة الجماعات المسلحة، في وقت يتعاظم الاهتمام الدولي بالارهاب المنتشر على الاراضي السورية.
زيادة الضغط تستوجب العودة الى مجلس الامن الدولي
وتبدو العودةُ الى مجلس الامن الدولي عبر بوابة السلاح الكيميائي والممرات الانسانية ضروريّة من الوجهة الاميركيّة، لاستخدامه ساحة ًمن أجل رفع منسوب الضغط على القيادة السورية قبل الذهاب الى الجولة التالية من مؤتمر جنيف. وانتهت الجولة الاولى بين الحكومة السورية والائتلاف المعارض الى تباين واسع، بعدما اكد الوفد الحكومي على أولوية وقف العنف ومكافحة الارهاب، مُحيلاً النقاش حول الحكومة الانتقالية الى بحث موسع يضم أطيافاً اخرى في المعارضة، رافضاً بشكل قطعي فكرة إضعاف دور الرئيس الاسد في المرحلة الانتقالية.
وتدرك دمشق ان ملف السلاح الكيماوي ليس إلا ذريعة لمواصلة القصف السياسي والاعلامي على سوريا، وهي اكدت على لسان نائب وزير الخارجيّة فيصل المقداد، إصرارها على تنفيذ التزاماتها الدولية بكل عزم وصدقية، على الرغم من بعض الصعوبات المتعلقة بموضوع مكافحة الارهاب. واعتبر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان عملية نقل هذه الأسلحة من سوريا لإتلافها تجري بسلاسة رغم التأخير. ومن جهته، اعرب السفير الروسي فيتالي تشوركين عن ثقته بأن تدمير الترسانة الكيميائية سينجز خلال الوقت المحدّد.
سوريا تلتزم بتعهداتها ويبقى الدور على داعمي الارهاب
محاولات استصدار قرار من مجلس الأمن يتعلق بتأمين المعابر الانسانيّة، لم تثن دمشق عن التزامها بتعهداتها، وقامت السلطات السورية بتنفيذ اتفاق مع الامم المتحدة، تم عبره تأمين خروج المدنيين من احياء المدينة القديمة في حمص، وادخال المساعدات الى داخل هذه الاحياء.
وكانت دمشق قد اكدت منذ وقت طويل على ضرورة تأمين طرق آمنة لجميع المدن والقرى السورية -وليس مناطق بعينها- ومن بينها طرق الى مدينتي نبل والزهراء في ريف حلب، وعدرا العمالية في ريف دمشق التي تتعرض لحصار من قبل الجماعات المسلحة.
ومن خلال خطوة تأمين الممرات الانسانية، والالتزام بموعد مؤتمر جنيف تؤكد دمشق مرة جديدة انها تفي بتعهداتها الدولية، وتمضي بخطى واثقة على خط ايجاد حل للازمة، فيما يبقى موضوع الارهاب عائقا اساسيا امام عمليات نقل السلاح الكيميائي الى مرفأ اللاذقية. وهنا يبدو واضحا كلام نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد واعرابه عن القلق من وقوع هذه المواد في ايدي المجموعات المسلحة المدعومة من دول بعينها، بينما تقوم بقطع اوصال المدن والقرى والاعتداء على المدنيين.
وهنا يبقى الدور على الدول التي تتحدث عن موضوع مكافحة الارهاب لتفي بالتزاماتها، وتكف بداية عن تقديم الدعم اللوجستي والمادي للارهاب في سوريا، تمهيدا للقضاء عليه نهائيا.