22-11-2024 03:19 PM بتوقيت القدس المحتلة

تغيّر المناخ يهدّد الأراضي الرطبة في لبنان

تغيّر المناخ يهدّد الأراضي الرطبة في لبنان

تحت شعار «الأراضي الرطبة والزراعة»، احتفل العالم في الثاني من شباط باليوم العالمي للأراضي الرطبة. تعتبر اتفاقية «رامسار» للأراضي أو المناطق الرطبة أقدم اتفاقية عالمية في مجال البيئة، وهي بمثابة إطار..

بسام القنطار / جريدة الأخبار

تحت شعار «الأراضي الرطبة والزراعة»، احتفل العالم في الثاني من شباط باليوم العالمي للأراضي الرطبة.
 
تعتبر اتفاقية «رامسار» للأراضي أو المناطق الرطبة أقدم اتفاقية عالمية في مجال البيئة، وهي بمثابة إطار للتعاون الدولي للحفاظ والاستعمال العقلاني للأراضي الرطبة ومصادرها، حيث وضعت عام 1971 بمدينة «رامسار» الإيرانية، ودخلت حيّز التنفيذ في 21 كانون الأول 1975. وتعتبر هذه الاتفاقية الدولية الوحيدة في مجال البيئة التي تعالج نظاماً بيئياً خاصاً. وتضم الاتفاقية الآن أكثر من 2177 منطقة بمساحة تقدر بحوالى 208 ملايين هكتار في 168 دولة.
 
ويدخل تحت رعاية هذه الاتفاقية العديد من أنواع الأراضي والمناطق الرطبة، وهي المستنقعات والسبخات، البحيرات والأودية، المروج الرطبة والمَخَثاتْ (Tourbière)، الواحات، مصبات الأنهار، منطقة الدلتا وخطوط المد، الامتدادات البحرية القريبة من السواحل، أشجار القرم (Mangroves) والشعاب المرجانية، وتدخل كذلك المناطق الرطبة الاصطناعية مثل أحواض تربية الأسماك، الحقول الرطبة لزراعة الأرز، خزانات المياه والملاحات.
 
ورغم انضمام لبنان عام ١٩٩٩ رسمياً الى اتفاقية رامسار المعنية بهذا النوع المميز والغني من الأراضي، لا تعير وزارة البيئة أي اهتمام يذكر للمواقع المصنفة من ضمن الأراضي الرطبة ذات الأهمية على المستوى العالمي، وهي مستنقع عميق وتلة النورية في رأس الشقعة ومحمية جزر النخيل ومحمية شاطئ صور. كما تحظى حمة عنجر _ كفرزبد باهتمام جمعية حماية الطبيعة في لبنان، باعتبارها من الأراضي الرطبة الفائقة الأهمية، رغم صغر حجمها. وأخيراً وقّعت وزارة الزراعة وبلدية عنجر اتفاقية تعاون لتنظيم مصائد السمك في المنطقة، ويفترض أن تتكلل هذه الجهود بإعلان هذه المنطقة من ضمن المناطق المندرجة على قائمة اتفاقية رامسار.
 
ويعتبر مستنقع عميق من أكثر الأراضي الرطبة في لبنان غنىً في التنوع البيولوجي. ويشمل حقولاً خصبة من البقاع الغربي، والتلال الصخرية والعشبية، والغابات الغنية بالبلوط التي تصل الى مرتفعات الباروك. ويصنف مستنقع عميق كأحد مواقع رامسار في منطقة الشرق الأوسط، وكموقع هام للطيور في المنطقة. وهو واحد من أفضل الأماكن لرؤية الطيور البرية. ويشتهر بشكل خاص بسبب هجرة المجموعات الكبيرة من اللقالق البيضاء، البجع، النسور، الصقور والطيور المائية عبره خلال مواسم الهجرة، كما أنه موطن للطيور المقيمة، والطيور التي تتكاثر في الصيف، وزوار الشتاء. بالإضافة الى الطيور، تجد هناك الزواحف والثدييات والفراشات، واليعاسيب، والبرمائيات، والأسماك والزهور.
 
ويعاني مستنقع عميق منذ سنوات من ضعف المتساقطات الناتجة من التغير الملحوظ في الأنماط المناخية، حيث يجفّ العديد من المساحات، ما يهدد التنوع البيولوجي بشكل حاد، كما أن الصيد العشوائي وغياب الرقابة أديا الى المزيد من التدهور في هذه المنطقة.
 
يقع موقع تلة النورية في رأس الشقعة على جرف صخري يصل الى علو 208 م فوق سطح البحر بشكل شبه عمودي. وتقوم على الرأس مواقع دينية وأثرية هامة: دير سيدة النورية الجديد وديرها القديم في قلب الجبل، دير مار سمعان فوق نهاية الرأس الغربي. ويعاني الموقع حالياً من خطر عمران غير منظم، حيث أنشئ الى جانب الدير القديم مبنى حديث لإقامة الرهابات، شكّل علامة فارقة في هذا المحيط الفريد بتنوعه البيولوجي. ويشكل السنديان أهم الأنواع، كما تتنوع النباتات البرية والأزهار، وقد أحصت دراسة أولية أكثر من 25 نوعاً منها في مساحة صغيرة شرق الدير.
 
يشدد مدير جمعية حماية الطبيعة في لبنان أسعد سرحال على ضرورة دراسة أثر تغير المناخ على الأراضي الرطبة في لبنان كونها جزءاً حيوياً من البنية التحتية الطبيعية التي نحتاج إليها لمعالجة تغير المناخ. ويجعل تدهور وفقدان الأراضي الرطبة تغير المناخ أسوأ، ويترك الناس أكثر عرضة لآثار تغير المناخ. ويلفت سرحال الى أن تجربة غدارة المياه في حمى كفرزبد _ عنجر تشكل نموذجاً لفهم أفضل للتكاليف وفوائد إدخال تغييرات على النظم الإيكولوجية للأراضي الرطبة. وتعدّ عودة النعار السوري المهدد بالانقراض وظهور ثعلب الماء في هذه الحمى من أكثر المؤشرات على نجاح تجربة نظام الحمى الذي جرى تعميمه على ثماني مناطق لبنانية، لأنه اعتمد على إشراك المجتمع المحلي في التنظيم والحماية. وفي مقارنة بين المناطق المحمية بموجب القوانين، وتلك المعلنة حمى بموجب قرارات المجالس البلدية، يتبين أنه لا مجال للمحافظة على التنوع البيولوجي ومنع الصيد في هذه المناطق بدون إشراك المجتمع المحلي.
 
ويخلص سرحال الى أنه وفق التزامات لبنان الدولية، يجب أن يتم تخطيط نظم استخدامات الأراضي الرطبة، وتبادل الخبرات في مجال تنفيذ أهداف اتفاقية رامسار.

الرابط على موقع جريدة الأخبار