في المنظومة الإسلامية نقطة الإنطلاق كانت مختلفة عن العالم الغربي، وهي المرجعية الدينية الشيعية المتمثلة بالإمام المعصوم وهو الإمام المنتظر المهدي (عج)، وأن الولي الفقيه هو نائب عن الإمام المنتظر.
"الديمقراطية الغربية والسيادة الشعبية الدينية"، كان عنوان المحاضرة الأسبوعية من سلسلة السيادة الشعبية الدينية، التي يقيمها معهد المعارف الحكمية في الضاحية الجنوبية.
والدكتور طلال عتريسي تولى الحديث يوم الجمعة الماضي عن هذا الموضوع، مؤكدا في بداية محاضرته أن لا نظام سياسي منعزل عن التجربة الحضارية لأي أمة.
ففي الغرب أربع دعائم أنتجت النظام السياسي، بدأت تجربته الحديثة بقطيعة مع الكنيسة والدين، وكان العقل هو المرشد، وأضحت مقولة الحرية في الحياة الاجتماعية والليبرالية في الاتجاه الاقتصادي، وفي السساسة كانت الديموقراطية التي احتاجت إلى عشرات السنين لتتبلور بشكلها الحالي.
ويتابع الدكتور عتريسي في المقارنة التي أقامها :"في المنظومة الإسلامية نقطة الإنطلاق كانت مختلفة عن العالم الغربي، وهي المرجعية الدينية الشيعية المتمثلة بالإمام المعصوم وهو الإمام المنتظر المهدي (عج)، وأن الولي الفقيه هو نائب عن الإمام المنتظر. ولا يعني أن هذه النظرية كانت واضحة في المسار التاريخي الشيعي بل هي تبلورت مع الإمام روح الله الخميني (قده).
وهنا أبرز الإمام الخميني دور العلماء بما هم أمناء على رسالة الأنبياء. ويبيّن عتريسي أن كان للإمام الخميني نظرية ترى أن الشعب ليس فوق الرجعية الدينية، رغم أنه، أي الإمام، يربط بين الشعب والثقة به وبين تأسيس المشروعيات الأخرى. من هنا يبرز موقع ولاية الفقيه الذي هو منصوص عليه، ولكن التشخيص ليس منصوصاً عليه. فاعتمد إلى صناعة مجلس الخبراء.
وانتقل الدكتور طلال عتريسي بعد هذا إلى طرح نماذج إسلامية أخرى مختلفة عن ولاية الفقيه، فتحدث عن التجربة التركية وحزب العدالة والتنمية الإسلامي في حكومة علمانية، وعن تجربة الإخوان المسلمين القصيرة في مصر. وأثار عتريسي في إطلالته على التجربة الإسلامية في تركيا تساؤلات عديدة حول كيف يكون إسلامياً، وأصوله إخوانية، أن تبقى العلاقات مثلا قائمة مع إسرائيل ومع الحلف الأطلسي وأنهم يحتمكون إلى النظام العلماني.
ولعله من هنا تظهر أن التجربة الإخوانية ليست عنفية، فالإسلام السني عموماً كان لا يخرج من رعاية الدولة ورعاية الحاكم. فبقي حزب العدالة والتنمية متصالحاً مع الحكم عندما أتى إلى السلطة ولم يقم بأي تغييرات مهمة، عدا االسماح بارتداء الحجاب في الجامعات والمؤسسات الرسمية. بينما كانت تجربة الإخوان في مصر القصيرة نسبيا مرده إلى سوؤ تقدير في المنهجية والرؤية مع معطيات الواقع.