ن فظاعات الحرب تلقي بظلالها على أحداث اليوم، وعلى تصرفات السياسيين. ومن تلك الأسباب التي تمنع رؤساء الدول من الانخراط في حروب جديدة خطر المحرقة النووية،
يقول الاقتصادي البريطاني كينز «إن اشتعال الحروب يعود إلى أسباب العسكرة والإمبريالية المنبثقة من العداوات العنصرية والثقافية بين الدول الكبرى، والتي تؤدي إلى إقصاء وإبعاد بعض الدول عن التأثير في ما تراه حقاً لها».
وتعود اليوم ذكرى الحرب العالمية الأولى إلى تبوء الصدارة في الإعلام الغربي بمناسبة مضي مئة عام على بدئها. تنشر مئات الكتب، وتعقد الندوات والمؤتمرات حول «الحرب الكبرى» التي اشترك فيها ستون مليون جندي، والتي أسفرت عن خسائر بشرية هائلة. وهي التي أسست في ما بعد لنشوب الحرب العالمية الثانية، والتي تعد أكبر مجزرة في تاريخ البشرية. تعود تلك الذكرى لطرح الأسئلة حول تشكل ظروف مشابهة لها اليوم، مما يبرر الخوف من بداية حرب جديدة في السنة الحالية.
لا بد للبشرية ان تتعلم من أخطائها. لقد تبع الحرب العالمية الأولى، انهيار اقتصادي فظيع تمثل في ما سمي «الكساد العظيم» الذي ضرب الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، خاصة المانيا. ان فظاعات الحرب تلقي بظلالها على أحداث اليوم، وعلى تصرفات السياسيين. ومن تلك الأسباب التي تمنع رؤساء الدول من الانخراط في حروب جديدة خطر المحرقة النووية، والخسائر الهائلة في البيئة والعمران، وأعداد الضحايا غير المسبوقة في التاريخ.
تتمثل الأخطار اليوم في الصراعات الحادة بين الدول الكبرى. ويقول الخبراء الغربيون ان الولايات المتحدة لم تعد قادرة على الحفاظ على السلم الدولي لانحدار مكانتها، ولصعود الصين الشعبية إلى مرتبة القوى العظمى، بفضل نموها الاقتصادي وصعود الشعور القومي فيها. ويتمثل ذلك في تصاعد قوتها العسكرية في البحر والجو.
ويحاول شنيزو آبي رئيس وزراء اليابان تقليص خسائر بلاده الناتج من انخفاض قوتها الاقليمية. ويتشابه العام الحالي بعام بداية الحرب العالمية الأولى بصعود الرأسماليين في بلدان أميركا وأوروبا الغربية، لزيادة أرباحهم. وبسبب ذلك تشتد المنافسة على الأسواق وعلى المواد الأولية ومصادر الطاقة. كما ينفخ السياسيون الشعور القومي الذي يؤدي إلى تصاعد الحقد والعداء بين الشعوب. ويقود القادة الصينيون بلادهم إلى النمو الاقتصادي بينما يصعد شنيزو آبي الشعور القومي في بلاده للأسباب نفسها. وقد تنتخب الهند في السنة القادمة نارنورا مودي الزعيم القومي الهندوسي الذي يرفض الحلول الوسط مع المسلمين في بلاده، ومع الباكستان، وقد يضع بعد ذلك إصبعه على الصواريخ النووية. وهناك أيضاً بوتين السعيد باسترجاع مكانة روسيا الدولية. ويأتي بعد ذلك الاتحاد الأوروبي المهدد بصعود قومياته وخاصة اليمينية المتطرفة.
ان الأخطار الناتجة من العنصرية والدين والمذهب والمنافسة على الأسواق تتجمع. والكوارث الناتجة من الحروب قد تمنع وقوعها. ولكن ذلك غير مؤكد.