قال مسؤول أميركي للحاضرين، وهم من السعودية والاردن ودول غربية وربما مسؤول اسرائيلي: «عليكم الاعتياد على فكرة ان الاسد باق وانه قد يربح المعركة، وعليكم التفكير في فترة ما بعد الانتخابات الرئاسية».
في ندوة سياسية - ثقافية تحدث فيها بين مدير الأخبار في قناة الميادين الإعلامي سامي كليب والسفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبيكين، بدعوة من مركز الدارسات الدولية، جمعت أطيافاً عديدة من شرائح المجتمع اللبناني ضجت بهم قاعة الندوات في مطعم الساحة على طريق المطار. وأدار الندوة والنقاش الزميل في قناة الميادين محمد فقيه.
تمحور اللقاء حول التطورات في الأزمة السورية وما سؤول إليه الأوضاع الحالية التي تسير باطراد متقدم خصوصاً في الشهر الأخير. كليب بدأ حديثه بالإعلان عن تشاؤمه حول مؤتمر "جنيف2" وأنه يمكن أن يقدم أي أفق للحل السوري، ووصفه بمسرحية سريالية توشك على الانتهاء. وتساءل عن السبب الجوهري لانعقاد هذا المؤتمر واستعرض أكثر من سبب أهمها أنه فرصة للأطراف لتحسين ظروفها.
كليب : وضع الأسد يتعزز
وركز كليب في حديثه عن الانقسامات العميقة بين المعاضة السورية في جنيف وبأنها معارضات شتى ولا تجتمع على رأي. وأن هذه المعارضات وخلفها الغربي كانوا يمنون النفس بتنحي الأسد. ولفت إلى أن هناك كلام عسكري أمني أميركي خطير ورد على لسان مدير المخابرات الوطنية الاميركية حول مستقبل الرئيس السوري. قال جيمس كلابر ان الاتفاق الكيميائي مع سورية عزّز وضع الرئيس بشّار الاسد. أعقبه كلام شبه مماثل من وزير الخارجية. قال جون كيري ان الاسد حقق تقدماً ميدانياً، لكنه لم ينتصر ولم يخسر. ورأى كليب أن هذه التصريحات تمهد للقبول بالامر الواقع وبأن الاسد سيترشّح الى الانتخابات.
وتابع سامي كليب أن دبلوماسي اقليمي مهتم بالشأن السوري يروي انه في احد الاجتماعات الامنية الاخيرة التي استضافها الاردن، قبل نحو شهرين، قال مسؤول أميركي للحاضرين، وهم من السعودية والاردن ودول غربية وربما مسؤول اسرائيلي: «عليكم الاعتياد على فكرة ان الاسد باق وانه قد يربح المعركة، وعليكم التفكير في فترة ما بعد الانتخابات الرئاسية». وقع الكلام الاميركي على الحضور كماء باردة في الصقيع الاردني.
وأكد كليب أن لديه معلومات تفيد بأن الاميركيين حاولوا إقناع ايران ببعض الحلحلة في الملف السوري. إذ ذهب وزير الخارجية جون كيري الى مقر نظيره الايراني محمد جواد ظريف في فندقه في قمة ميونيخ. قال له: جئت ابحث معك ملف سورية. رد ظريف: «انا لست مخولا بالامر ، ثم اننا نريد قبل ذلك حسم الملف النووي». تريد طهران حصر النقاش بهذا الملف لكي لا تستخدم الملفات الاخرى للضغط عليها. من هذا المنطلق سعت، هي نفسها، لعرقلة حضورها في مؤتمر «جنيف 2». ليس صحيحاً كل الكلام عن انها كانت تريد الحضور وان الدعوة سُحبت.
وهي نفسها سعت لذلك لكي لا يقال ان «جنيف 2» فشل بسببها، ولأنها تدرك ان الجولات الحالية مجرد ديكور لتفاهم لم ينضج تماماً بعد. لم ينتبه، ربما، بان كي مون الى ان ايران قالت انها تحضر من دون اي شرط مسبق لكي تُسحب الدعوة منها. من يراجع تصريحات طهران بعد «جنيف 1» يفهم انها، مذاك، وافقت على بنوده، فلماذا ترفضها الآن؟ فقط لكي تجد ذريعة لعدم الحضور. ويختم كليب بأنه يتوقع أن تكون المرحلة القادمة للحسم العسكري وليس السياسي.
السفير الروسي: روسيا تعلمت من درس ليبيا
السفير الروسي الكسندر زاسبيكين لم يقدم ما كان يتوقعه الجمهور الذي احتشد لسماعه، إذ تمحور حديثه عن السياق الاستراتيجي لروسيا الكبرى التي تستعيد أمجاد الاتحاد السوفياتي كقوة ثانية في العالم، وأكد مرارا أن روسيا تقف إلى جانب الشعوب في تقرير مصيرها، ومع الحريات للأوطان، من هنا هي تصطف إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد وتأبى التدخل في شؤون البلاد، مثلما يفعل الغرب الأميركي والأوروبي.
وان الروس تعلموا جيدا من الدرس الليبي عند تدخل قوات الحلف الأطلسي ولن تترك الأمر نفسه يحدث في سوريا، إذ إن لها مصالح قومية كبرى في منطقة الشرق الأوسط. وأكد السفير الروسي أن بلاده تسعى بكل قوة لوقف كل أشكال الحرب الدائرة في سوريا وتحاول أخذ الأمور إلى المنحى السياسي حيث النقاش والحوار لحل الأزمة. وأن من شأن حرب سوريا إن بقيت تهديد منطقة الشرق الأوسط كلها بالاستقرار والتوتر الأمني والتدهور الاقتصادي.
وبعد انتهاء محاضرة السفير الروسي تناوب العديد من الدكاترة والباحثين والمثقفين للإدلااء بمداخلات قيمة أغنت النقش والحوار استمرت لأكثر من ساعة.