وكان مشروع القانون الجديد استحوذ على تأييد واسع في الدولة الليبرالية، إلا أنه أثار أيضاً موجة اعتراض حادة، شملت أطباء الأطفال،
أقرّ البرلمان البلجيكي، أمس، تعديلاً على قانون الموت الرحيم، الذي تعتمده بلجيكا إلى جانب عدد قليل من الدول، لإنهاء قيود السن المفروضة على كل من يطلب إنهاء حياته، ولشمل القاصرين بالقانون الذي لا يزال مثار سجال طبي وأخلاقي وديني حول العالم.
وكان مشروع القانون الجديد استحوذ على تأييد واسع في الدولة الليبرالية، إلا أنه أثار أيضاً موجة اعتراض حادة، شملت أطباء الأطفال، وأجّج احتجاجات في الشارع، عبّر منظموها عن خوفهم من أن يدفع القانون صغار السن، وأولياءهم، إلى اتخاذ قرارات لا مجال للعودة عنها.
وذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية أن المؤيدين للتعديل في بلجيكا، أمثال طبيب الأطفال البلجيكي الشهير غيرلاند فان بيرلير، رأوا في الموت الرحيم "أفضل قرار رحيم يمكن اتخاذه في الحياة". وقال فان بيرلير إن "القانون سيكون محدداً بدقة، وسيشمل فقط الأولاد في سن المراهقة الذين أصبحوا في مرحلة متقدمة جداً من مرض السرطان أو أي مرض آخر مميت، وهم يعيشون ألماً لا يُحتمل".
ووفقاً للقانون السابق، لا يحق تطبيق الموت الرحيم على صغار السن في بلجيكا دون الثامنة عشرة، الذين يعانون من أمراض قاتلة أو حتى الذين يعيشون في حالة موت سريري. أما التعديل الذي تم التصويت عليه بالأمس، وهو الأول في العالم، فيشمل، كما أكد فان بيرلير، "الأطفال الذين هم حقاً في آخر فصول حياتهم، وليس أمامهم أي أمل بالحياة"، مضيفاً، بحسب خبرته في وحدة العناية الفائقة في مستشفى جامعة بروكسل، أن "بعض المرضى من الأطفال والمراهقين يطلبون منا أن لا ندعهم يموتون وهم في حالة مزرية، بل يطلبون الرحيل وهم لا يزالون يتمتعون بكرامتهم وشكلهم الطبيعي نسبياً".
وكان مجلس النواب البلجيكي قد صادق في شهر كانون الأول الماضي على مشروع قرار لتعديل قانون الموت الرحيم الذي صدر في العام 2002، ليشمل القاصرين وفقاً لشروط محددة، منها الحصول على موافقة الأهل، وأن يظهر القاصر الذي يطلب الموت الرحيم "قدرة على الإدراك" أمام طبيب نفسي. وبعد تصويت البرلمان أمس، يجب أن يوقع الملك فيليب على القانون الجديد، وهو توقيع شكلي حيث أن الأخير لا يعارض عادة التشريعات البرلمانية، ليصبح نافذاً.
وبالرغم من تأييد 75 في المئة من البلجيكيين للقانون الجديد، إلا أن المعارضة له لم تخف صوتها أبداً.
وكان عدد من أطباء الأطفال في بلجيكا بعث برسالة مفتوحة إلى المشرّعين، انتقدوا فيها التعديلات المقترحة، مشددين على أنه "لا حاجة ملحة لتطبيقها، وأن الطب الحديث أصبح بإمكانه تسكين الألم، حتى لأشد الناس مرضاً". واعتبر الأطباء في رسالتهم أنه "لا طريقة موضوعية بإمكانها التأكيد أن الأطفال يتمتعون بالإدراك السليم الذي يخوّلهم فهم المعنى الحقيقي للموت الرحيم".
يذكر أنه، بالإضافة إلى بلجيكا، تسمح كل من هولندا واللوكسمبورغ بالموت الرحيم وفقاً لشروط معينة. وفي اللوكسمبورغ، يجب أن يكون عمر المريض 18 عاماً ليحق له المطالبة بالموت الرحيم، أما في هولندا، فالأطفال بين سن الثانية والخامسة عشرة، قد يُسمح لهم بالموت الرحيم بموافقة أهلهم، أما الأكبر سناً، فيجب عليهم إعلام أهلهم بالأمر.